- 28 ديسمبر 2025
- / 2865
كشف تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» عن تسجيل أسعار الفضة قفزات قوية في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، مدفوعة بتراجع المخزونات العالمية، وتجدد المخاوف المرتبطة بعجز المعروض، إلى جانب تنامي الطلبين الاستثماري والصناعي على المعدن الأبيض، في واحدة من أعنف موجات الصعود التي يشهدها سوق الفضة منذ سنوات.
ووفقًا للتقرير، حققت أسعار الفضة في السوق المحلية مكاسب بنحو 22% خلال أسبوع واحد، في حين ارتفعت الأوقية عالميًا بنسبة تقترب من 28%، لتواصل الفضة مسارًا صعوديًا استثنائيًا يعكس تحولات هيكلية في ميزان العرض والطلب على المستويين المحلي والعالمي.
السوق المحلية: قفزات سعرية واتساع الفجوة مع السعر العالمي
على الصعيد المحلي، شهدت أسعار الفضة في مصر ارتفاعات حادة، حيث قفز سعر الجرام بنحو 19 جنيهًا خلال أسبوع واحد، مدفوعًا بزيادة الطلب ونقص المعروض. وارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 من 86 جنيهًا إلى 105 جنيهات، بينما سجل جرام الفضة عيار 925 نحو 121 جنيهًا، وبلغ سعر جرام الفضة عيار 999 قرابة 131 جنيهًا، في حين استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 968 جنيهًا.
وأشار التقرير إلى أن السوق المصري يشهد حالة غير مسبوقة من النشاط، مع ارتفاع ملحوظ في الطلب المحلي، بالتزامن مع نقص المعروض واحتكار بعض الموردين للخامات، ما أدى إلى اتساع الفجوة بين السعر المحلي والسعر العالمي لتصل إلى نحو 10 جنيهات للجرام، وبنسبة تقترب من 8%.
وأوضح مركز «الملاذ الآمن» أن سعر جرام الفضة عيار 999 يتداول محليًا عند مستويات تفوق السعر العادل عالميًا، والذي لا يتجاوز 121 جنيهًا، مرجعًا هذا الفارق السعري إلى تقليص المعروض وسعي بعض التجار إلى تحقيق هوامش ربح إضافية في ظل ارتفاع الطلب.
الفضة كبديل ادخاري في مواجهة ارتفاع الذهب
وأكد التقرير أن الفضة تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى ملاذ ادخاري بديل لشريحة واسعة من المواطنين والمستثمرين الأفراد، في ظل الارتفاعات القياسية التي سجلها الذهب في السوق المحلية. فقد تجاوز سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 6060 جنيهًا، فيما اقترب سعر جرام الذهب عيار 24 من 7000 جنيه دون احتساب المصنعية، ما دفع العديد من المتعاملين إلى الاتجاه نحو الفضة باعتبارها خيارًا أقل تكلفة وأكثر جاذبية خلال فترات التقلبات السعرية الحادة.
وأضاف أن الطلب الاستثماري على الفضة في السوق المحلية يشهد نموًا ملحوظًا، مدفوعًا بتراجع القدرة الشرائية للذهب، وارتفاع الوعي بأهمية تنويع المحافظ الادخارية بين المعادن النفيسة.
الأسواق العالمية: مكاسب تاريخية للأوقية
وعلى المستوى العالمي، واصلت أسعار الفضة تحقيق مكاسب تاريخية، حيث قفزت الأوقية بنحو 17.27 دولارًا خلال أسبوع واحد. وافتتحت تعاملات الأسبوع عند مستوى 62 دولارًا للأوقية، قبل أن تغلق عند 79.27 دولارًا، مسجلة أعلى مستوياتها التاريخية على الإطلاق.
ووفقًا للتقرير، سجلت أسعار الفضة مكاسب تجاوزت 173% منذ بداية عام 2025، متفوقة بفارق واسع على الذهب، الذي ارتفع بنحو 65% خلال العام نفسه، في أحد أقوى أعوام المعدن الأصفر منذ عام 1979، في ظل صعود جماعي للمعادن النفيسة مدعوم بعوامل نقدية وجيوسياسية متشابكة.
عوامل الدعم: توقعات خفض الفائدة وطلب صناعي متزايد
وأشار مركز «الملاذ الآمن» إلى أن هذا الأداء القوي لأسعار الفضة جاء مدعومًا بتزايد توقعات الأسواق باتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة مرتين خلال عام 2026، وهو ما عزز جاذبية الأصول غير المدرة للعائد، وعلى رأسها المعادن النفيسة.
كما ساهم تراجع الدولار الأمريكي، إلى جانب ضغوط السيولة بنهاية العام، في تعزيز الطلب على الفضة باعتبارها أداة تحوط من التضخم ومكونًا صناعيًا رئيسيًا في عدد من القطاعات الحيوية.
ويرجح محللون أن تتجه أسعار الفضة إلى مستويات 75 دولارًا للأوقية أو أعلى خلال الفترة المقبلة، مع احتمالات قوية بتجاوز حاجز 100 دولار للأوقية خلال العام المقبل، مدعومة بالنمو المتسارع في قطاعات الطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية، ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، التي تعتمد بشكل متزايد على الفضة كمعدن أساسي في عمليات التصنيع.
العرض تحت الضغط والعجز مستمر
وعلى جانب العرض، أوضح التقرير أن سوق الفضة لا يزال يعاني من ضغوط قوية، في ظل استمرار اضطرابات قطاع التعدين وتراجع المخزونات العالمية. وتشير تقديرات المكتب العالمي لإحصاءات المعادن إلى أن عام 2025 سيكون العام الخامس على التوالي الذي يشهد عجزًا في المعروض، مع تراجع الإنتاج العالمي بنحو 3% سنويًا، نتيجة انخفاض تركيز الخامات وقلة المشروعات الجديدة.
كما توقع معهد الفضة العالمي نمو المعروض بنسبة لا تتجاوز 2% خلال الفترة المقبلة، وهو ما يبقي العجز قرب 20%، ويدعم استمرار الضغوط الصعودية على الأسعار خلال عام 2026.
مسار سعري استثنائي للفضة خلال 2025
وبحسب التقرير، شهدت أسعار الفضة تقلبات حادة على مدار عام 2025، بدأت بمحاولات تعافٍ خلال الربع الأول من العام، قبل أن تتأثر مؤقتًا بإعلانات الرسوم الجمركية في أبريل، ثم ما لبثت أن استعادت زخمها تدريجيًا، لتدخل موجة صعود قوية اعتبارًا من سبتمبر.
وخلال الربع الأخير من العام، نجحت الفضة في كسر مستويات تاريخية متتالية، وبحلول ديسمبر تجاوزت حاجز 60 دولارًا للأوقية، ثم 70 دولارًا في وقت قياسي، لتغلق العام قرب مستويات غير مسبوقة، مدفوعة بمزيج من العوامل النقدية والهيكلية.
نظرة مستقبلية لأسعار الفضة
ورغم تصاعد حالة الحذر لدى بعض البنوك والمؤسسات المالية الكبرى مع اقتراب أسعار الفضة من مستوى 80 دولارًا للأوقية، يرى غالبية خبراء الصناعة والمتداولين الأفراد أن الفضة مقبلة على عام استثنائي جديد في 2026، في ظل استمرار العجز في الأسواق العالمية، وقوة الطلب الصناعي، وتزايد الاعتماد على المعادن النفيسة كأدوات تحوط طويلة الأجل في بيئة اقتصادية عالمية تتسم بارتفاع المخاطر وعدم اليقين.