- 14 ديسمبر 2025
- / 75
سجّلت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية ارتفاعات قوية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، إذ حقق المعدن الأبيض مكاسب ملحوظة بلغت 7.4% في السوق المحلية، بالتوازي مع صعود سعر الأوقية في البورصات العالمية بنسبة 6.4%، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن». وأرجع التقرير هذه الارتفاعات إلى تراجع المخزونات العالمية، وارتفاع الطلب الاستثماري، إلى جانب تجدد المخاوف المتعلقة بنقص المعروض في الأسواق الدولية.
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية شهدت زيادة بنحو 5.5 جنيهات للجرام خلال الأسبوع، حيث افتتح جرام الفضة عيار 800 التعاملات عند مستوى 74.5 جنيهًا، قبل أن يرتفع إلى 80 جنيهًا بنهاية الأسبوع. كما سجل جرام الفضة عيار 925 مستوى 92.5 جنيهًا، في حين بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 نحو 100 جنيه، بينما استقر سعر جنيه الفضة عند 740 جنيهًا، ما يعكس حالة الطلب القوي على المعدن في السوق المحلية.
وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت أسعار الفضة في البورصات الدولية، حيث صعدت الأوقية بنحو 3.73 دولارات، بعدما افتتحت تعاملات الأسبوع عند مستوى 58.27 دولارًا، لتلامس أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 65 دولارًا للأوقية، قبل أن تختتم التداولات عند مستوى 62 دولارًا، في ظل استمرار الزخم الشرائي القوي في الأسواق العالمية.
وأشار تقرير مركز «الملاذ الآمن» إلى أن الطلب على الفضة واصل الارتفاع مدفوعًا بتزايد التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الفترة المقبلة، فضلًا عن استمرار الطلب الصناعي القوي على المعدن في قطاعات حيوية، أبرزها صناعات الإلكترونيات، والطاقة الشمسية، والشرائح الدقيقة، إلى جانب النقص المستمر في المعروض العالمي. وأسهمت هذه العوامل في تفوق أداء الفضة على الذهب، خاصة بعد أن دفعت القفزة الأخيرة نسبة الذهب إلى الفضة للانخفاض إلى مستوى 69 نقطة، وهو أدنى مستوى لها منذ يوليو 2021.
وفيما يتعلق بالمخزونات العالمية، أظهرت البيانات ارتفاع مخزونات بورصة لندن للمعادن منذ بداية العام بنحو 1,447 طنًا، إلى جانب زيادة مخزونات بورصة كومكس الأمريكية بنحو 4,311 طنًا. ورغم هذه الزيادات، لا يزال الجزء الأكبر من مخزونات الفضة مركّزًا في بورصة لندن، بنسبة تبلغ 1.91 مقارنة بمخزونات كومكس، ما يعكس استمرار حساسية السوق تجاه أي تغيرات في جانب المعروض.
كما أوضحت البيانات أن نحو 78% من حيازات الفضة المخزنة في خزائن جمعية سوق لندن للمعادن الثمينة ممثلة في صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة، مقارنة بنحو 65% في نوفمبر 2024، وهو ما يعكس تصاعد الدور الاستثماري للفضة كأصل مالي إلى جانب كونها معدنًا صناعيًا.
وشهدت صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة تدفقات استثمارية قوية خلال الفترة الأخيرة، حيث ارتفعت مقتنياتها بنحو 487 طنًا خلال شهر نوفمبر، وبأكثر من 475 طنًا منذ بداية شهر ديسمبر، في إشارة واضحة إلى دخول مؤسسي واسع إلى سوق الفضة. ورغم قوة الطلب الاستثماري، فإن زيادة الكميات المتاحة في بورصة لندن تشير إلى تحسن تدريجي في ظروف السوق، مع بقاء المخاوف المتعلقة بالمعروض قائمة على المدى المتوسط.
وتوقع بنك «ستاندرد تشارترد» أن تمتلك أسعار الفضة مجالًا إضافيًا لمواصلة الارتفاع خلال الفترة المقبلة، رغم احتمالية حدوث تقلبات سعرية على المدى القصير، في ظل سعي السوق إلى إيجاد توازن جديد بعد موجة الارتفاعات الحادة الأخيرة.
وتتفق تقارير كل من «رويترز» و«وول ستريت جورنال» و«فايننشال تايمز» على أن الفضة تمر حاليًا بمرحلة «تحول استراتيجي»، حيث باتت تُصنَّف بوصفها معدنًا صناعيًا رئيسيًا وأصلًا استثماريًا في الوقت ذاته، مع توقعات بتداول أسعارها في نطاق يتراوح بين 55 و70 دولارًا للأوقية على المدى القريب.
وشهدت أسعار الفضة خلال عام 2025 موجة صعود قوية وغير مسبوقة، إذ تجاوزت الأوقية مستويات تاريخية جديدة، مدفوعة بتغيرات هيكلية في توازنات السوق، وعوامل اقتصادية كبرى، إلى جانب الزيادة المستمرة في الطلب الصناعي، خاصة في مجالات الألواح الشمسية، والمركبات الكهربائية، ومكونات الاتصالات الحديثة.
وسجل سعر الفضة الفورية ارتفاعًا إلى مستوى 65 دولارًا للأوقية لأول مرة في التاريخ، مع تضاعف قيمتها تقريبًا مقارنة ببداية العام، متفوقة على الذهب من حيث نسبة الارتفاع، في ظل تزايد إقبال المستثمرين على المعدن الأبيض كملاذ استثماري وتنويع للمحافظ.
وتشير توقعات معهد الفضة العالمي إلى استمرار تسجيل عجز في المعروض للعام الخامس على التوالي خلال 2025، وهو ما يدعم الضغوط الصعودية على الأسعار بشكل مستدام. كما عززت التوقعات المتعلقة بخفض أسعار الفائدة الأمريكية من جاذبية الفضة كأداة تحوط ضد المخاطر، إلى جانب مساهمة ضعف الدولار النسبي وتدفقات المستثمرين إلى صناديق الاستثمار المدعومة بالفضة في دعم الاتجاه الصعودي للأسعار.
ورغم الأداء الاستثنائي للفضة، تشير بعض التقارير إلى احتمال تهدئة وتيرة الطلب الصناعي نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، إلا أن قوة الطلب الاستثماري تظل كافية للحفاظ على مستويات الأسعار المرتفعة والحد من أي تراجعات حادة محتملة.
وتبقى توقعات السوق لعام 2026 إيجابية، حيث قام محللون في عدد من البنوك الاستثمارية الكبرى، من بينها «بنك أوف أمريكا»، برفع توقعاتهم لسعر الفضة إلى نحو 65 دولارًا للأوقية، في ظل استمرار الزخم الصعودي المدعوم بالعوامل الهيكلية طويلة الأجل، مع ترجيح حدوث تقلبات سعرية محدودة على المدى القصير.