- 14 ديسمبر 2025
- / 4945
سجّلت أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفاعًا قويًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي، بنسبة بلغت نحو 2.3%، بالتوازي مع صعود ملحوظ في أسعار الأوقية بالبورصة العالمية بنسبة 2.4%، وذلك في ظل تصاعد حالة الضبابية الاقتصادية عالميًا، واستمرار التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الروسية–الأوكرانية، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية حققت مكاسب أسبوعية قوية، حيث ارتفع سعر جرام الذهب بنحو 130 جنيهًا خلال الأسبوع، إذ افتتح جرام الذهب عيار 21 – وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية – التعاملات عند مستوى 5615 جنيهًا، قبل أن ينهي الأسبوع عند مستوى 5745 جنيهًا للجرام.
وأوضح إمبابي أن هذا الارتفاع المحلي جاء متزامنًا مع صعود قوي في أسعار الذهب عالميًا، حيث ارتفعت الأوقية في البورصة العالمية بنحو 100 دولار خلال تعاملات الأسبوع، بعدما بدأت التداول عند مستوى 4199 دولارًا للأوقية، واختتمت التعاملات قرب مستوى 4299 دولارًا للأوقية، مدعومة بتزايد الإقبال الاستثماري على الذهب كملاذ آمن في ظل المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.
وبحسب بيانات «آي صاغة»، بلغ سعر جرام الذهب عيار 24 نحو 6566 جنيهًا خلال نهاية تعاملات الأسبوع، في حين سجل جرام الذهب عيار 18 حوالي 4924 جنيهًا، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى نحو 45960 جنيهًا، متأثرًا بالارتفاعات المتتالية في أسعار المعدن النفيس محليًا وعالميًا.
ومنذ بداية العام الجاري، قفزت أسعار الذهب في السوق المحلية بنحو 2005 جنيهات للجرام، محققة نسبة نمو بلغت نحو 54%، في حين ارتفعت أسعار الذهب عالميًا بنحو 1675 دولارًا للأوقية، وبنسبة صعود وصلت إلى 64%، وهو ما مكّن الذهب من تسجيل ما يقرب من 50 مستوى قياسي جديد خلال عام واحد، ليحقق بذلك أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979.
ورغم هذه المكاسب القوية التي حققها الذهب، أشار التقرير إلى أن أداء المعدن الأصفر لا يزال أقل نسبيًا مقارنة بأداء الفضة، على الرغم من تراجع أسعارها مؤخرًا عن ذروتها التاريخية التي تجاوزت 64.66 دولارًا للأوقية، إذ حققت الفضة قفزة سنوية لافتة بنحو 115%، لتتداول عند مستويات تاريخية غير مسبوقة، مدعومة بالطلب الاستثماري والصناعي في آنٍ واحد.
وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، رجّح محللون أن يواصل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اتجاهه نحو خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، حتى في ظل استمرار الضغوط التضخمية، وهو ما ينعكس إيجابًا على أسعار الذهب، نظرًا لتراجع العوائد الحقيقية وتقليص تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعدن الأصفر، الذي لا يدر عائدًا دوريًا.
وفي المقابل، من المتوقع أن تسهم حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي العالمية في كبح وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المقبل، وعلى الرغم من التوقعات باستمرار دعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي لأسواق الأسهم العالمية حتى عام 2026، فإن تصاعد المخاطر الاقتصادية والتجارية يعزز من جاذبية الذهب باعتباره أداة رئيسية لتنويع المحافظ الاستثمارية والتحوط من التقلبات.
ورغم الطلب القوي وغير المسبوق على الذهب خلال العام الجاري، أشار التقرير إلى أن حيازات الذهب لا تزال تمثل نسبة محدودة من إجمالي الأصول المالية العالمية، وهو ما يفتح المجال أمام تدفقات استثمارية إضافية مستقبلًا قد تدعم مزيدًا من الصعود في الأسعار خلال الفترات المقبلة.
ولا يزال عدد من المحللين والمؤسسات المالية يستهدف وصول أسعار الذهب إلى مستوى 5000 دولار للأوقية خلال العام المقبل، في حين تتراوح التوقعات لأسعار الفضة بين 75 و80 دولارًا للأوقية، مع سيناريوهات أكثر تفاؤلًا تشير إلى إمكانية بلوغ مستويات قد تصل إلى 100 دولار للأوقية، في حال استمرار العوامل الداعمة الحالية.
وتواصل أسعار الذهب تلقي الدعم من حالة الغموض المحيطة بمسار السياسة النقدية الأمريكية، إلى جانب ضعف بعض البيانات الاقتصادية، رغم صدور تصريحات متباينة من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث عبّر بعض الأعضاء عن قلقهم إزاء استمرار معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة، خاصة في ظل محدودية البيانات الاقتصادية المتاحة، وعلى رأسها مؤشر أسعار المستهلكين.
كما عزز تقرير طلبات إعانة البطالة الأمريكية، الذي جاء أضعف من التوقعات، من هذا الاتجاه الداعم لأسعار الذهب، بعد ارتفاع عدد المتقدمين للحصول على الإعانات، في حين أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى أن بعض البيانات الاقتصادية قد تكون «مضللة» نتيجة فترات إغلاق الحكومة الأمريكية، ما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، لا تزال محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا تشهد تعثرًا ملحوظًا، وسط استياء متزايد من جانب البيت الأبيض بسبب بطء وتيرة المفاوضات، إلى جانب خيبة أمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من عدم توقيع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على خطة السلام الأمريكية، وهو ما يزيد من حدة التوترات ويدعم الطلب على أصول الملاذ الآمن.
وفي سياق متصل، قال بنك «جولدمان ساكس» إنه يرى فرصًا قوية لمزيد من الصعود في أسعار الذهب، مقارنة بتوقعاته الحالية التي تشير إلى وصول الأسعار إلى نحو 4900 دولار للأوقية بنهاية عام 2026، مدفوعًا بزيادة طلب المستثمرين على رفع مخصصاتهم من الذهب داخل المحافظ الاستثمارية، وانخفاض مستويات التمركز الحالية، إلى جانب احتمالات توسع اتجاهات التنويع الاستثماري عالميًا.
وأوضح محللو البنك أن السوق العالمية للذهب لا تزال صغيرة نسبيًا مقارنة بأسواق الأصول الأخرى، ما يعني أن أي تحول محدود في التدفقات الاستثمارية قد يؤدي إلى ارتفاعات حادة في الأسعار، معتبرين الذهب «أفضل توصية استثمارية طويلة الأجل في قطاع السلع».
وأشار «جولدمان ساكس» إلى أن المحركات الرئيسية لصعود أسعار الذهب تتمثل في الزيادة الهيكلية لمشتريات البنوك المركزية حول العالم، ودورة خفض أسعار الفائدة الأمريكية، إلى جانب الدعم القوي من جانبي الطلب، سواء من البنوك المركزية أو من استثمارات القطاع الخاص.
ووفقًا لتقديرات البنك، ارتفع سعر الذهب الفوري بنحو 60% منذ بداية العام، مدفوعًا بمشتريات البنوك المركزية، وزيادة الطلب على صناديق الذهب المتداولة في البورصات، وتراجع الدولار الأمريكي، فضلًا عن تنامي إقبال المستثمرين على التحوط من المخاطر الجيوسياسية والتجارية.
ومع استمرار حالة عدم اليقين العالمي، يتزايد النظر إلى الذهب بوصفه أداة تحوط استراتيجية ضد الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية، في ظل ما يراه مراقبون تحولًا هيكليًا في تدفقات رؤوس الأموال العالمية لصالح المعدن النفيس، بما يعزز من مكانته كأحد أهم الأصول الاستثمارية على المدى الطويل.