• / 6045

سجّلت أسعار الذهب في الأسواق المحلية ارتفاعًا حادًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي بنحو 8%، مدفوعة بالصعود القوي للأوقية في البورصة العالمية بنسبة 6%، في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي العالمي، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.

 

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن جرام الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية، ارتفع خلال الأسبوع بنحو 350 جنيهًا، حيث افتتح التداولات عند مستوى 5400 جنيه، ولامس 5850 جنيهًا كأعلى سعر في تاريخه، قبل أن يُغلق الأسبوع عند 5750 جنيهًا للجرام.

 

أداء الذهب عالميًا ومحليًا

 

وعلى الصعيد العالمي، صعدت الأوقية الذهبية بنحو 237 دولارًا، لترتفع من 4017 دولارًا إلى مستوى قياسي بلغ 4380 دولارًا، قبل أن تُغلق عند 4254 دولارًا للأوقية، محققة بذلك واحدًا من أقوى الأسابيع أداءً في العام الحالي.

 

أما على المستوى المحلي، فسجّل عيار 24 نحو 6571 جنيهًا، وعيار 18 حوالي 4929 جنيهًا، وعيار 14 قرابة 3834 جنيهًا، فيما استقر سعر الجنيه الذهب عند 46000 جنيه.

وأشار التقرير إلى أن المعدن الأصفر فقد نحو 80 جنيهًا خلال تعاملات الجمعة فقط، إذ تراجع عيار 21 من 5820 إلى 5740 جنيهًا.

 

وأوضح إمبابي أن الذهب لا يزال يتحرك في مسار صاعد مستمر منذ بداية العام، حيث ارتفعت الأسعار محليًا بنسبة 54%، وعالميًا بنحو 62%، مسجلًا أفضل أداء أسبوعي منذ أزمة ليمان براذرز عام 2008.

 

وأضاف أن الأسعار شهدت تراجعًا مؤقتًا دون مستوى 4200 دولار للأوقية، قبل أن تعاود الصعود مدفوعة بأجواء التهدئة بين واشنطن وبكين، لكنه أكد أن الاتجاه العام للسوق ما زال صعوديًا على المدى المتوسط والطويل.

 

 

---

 

العوامل المحركة لأسعار الذهب

 

أرجع إمبابي موجة الارتفاعات الأخيرة إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي الناتجة عن السياسات الأمريكية المتقلبة، مشيرًا إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بدأ في التراجع عن سياسة التشديد النقدي، بينما أدت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ارتفاع معدلات التضخم داخل الولايات المتحدة.

 

كما لفت إلى أن الإغلاق الحكومي الأمريكي مطلع أكتوبر، نتيجة فشل الكونغرس في تمرير الموازنة، زاد من حدة التوتر الاقتصادي، إلى جانب استمرار الحرب التجارية مع الصين، مما عزز المخاوف من تباطؤ النمو العالمي.

 

وأوضح التقرير أن هذه التطورات دفعت البنوك المركزية والمؤسسات الاستثمارية الكبرى إلى زيادة مشترياتها من الذهب كملاذ آمن، مما أدى إلى تضخم المضاربات وارتفاع حجم التدفقات إلى صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب (ETFs)، وبالتالي وصول الأسعار إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة.

 

 

---

 

توقعات السوق العالمي

 

توقع إمبابي أن يُبقي الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة دون تغيير مؤقتًا، مشيرًا إلى أن استمرار صعود الذهب يعتمد بشكل كبير على مسار السياسة النقدية الأمريكية خلال الأشهر المقبلة.

وأشار إلى أن بنك جولدمان ساكس رفع توقعاته لسعر الأونصة إلى 4900 دولار بحلول ديسمبر 2026، مرجحًا أن يواصل المعدن الأصفر اتجاهه الصاعد على المدى المتوسط والطويل، مع احتمالات تصحيحات قصيرة الأجل في الأسعار.

 

وأضاف أن أي رفع جديد للفائدة أو انفراج في التوترات الجيوسياسية قد يضغط على الأسعار هبوطًا، بينما تبقى السياسات الأمريكية والتجارية هي العامل الأكثر تأثيرًا في تحديد اتجاه السوق خلال الفترة القادمة.

 

 

---

 

الضغوط على المعدن النفيس

 

وأشار التقرير إلى أن ارتفاع الدولار الأمريكي وعوائد السندات شكّل ضغطًا إضافيًا على الذهب، إذ ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.01%، بينما استقرت العوائد الحقيقية عند 1.72%.

كما ساهم تحسن شهية المخاطرة عالميًا بعد تصريحات ترامب بشأن استدامة الرسوم الجمركية في تراجع مؤقت للطلب على الذهب، خاصة في الأسواق الأمريكية والآسيوية.

 

ومن المنتظر أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الصيني شي جين بينغ خلال أسبوعين في كوريا الجنوبية، لمناقشة مستقبل الاتفاق التجاري بين البلدين، وهو اللقاء الذي تترقبه الأسواق لما له من تأثير مباشر على أسعار الذهب.

 

 

---

 

التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب

 

كشف التقرير أن عددًا من مسؤولي الفيدرالي الأمريكي، من بينهم ألبرتو موسالم وكريستوفر والر ونيل كاشكاري، أعلنوا دعمهم لخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع أكتوبر المقبل، مع التمسك بهدف التضخم عند 2%.

ويتوقع المستثمرون خفضين إضافيين للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال شهري أكتوبر وديسمبر المقبلين، وهو ما قد يعزز من استمرار الاتجاه الصاعد للمعدن النفيس.

 

وتترقب الأسواق العالمية خلال الأسبوع المقبل صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي (CPI) يوم الجمعة، والتي يُتوقع أن تكون عاملًا حاسمًا في تحديد توجهات السياسة النقدية الأمريكية للفترة المقبلة.

 

وبحسب تقديرات المؤسسات المالية العالمية، فقد رفع بنك HSBC متوسط توقعاته لسعر الذهب في عام 2025 إلى 3455 دولارًا للأوقية، مع توقعات بوصول الأسعار إلى 5000 دولار في النصف الأول من عام 2026، بينما رجّح بنك ستاندرد تشارترد متوسط سعر عند 4488 دولارًا للأوقية خلال العام المقبل.

 

 

---

 

الذهب يظل الملاذ الآمن الأقوى رغم التراجعات المؤقتة

 

رغم التراجعات المحدودة في نهاية الأسبوع، يؤكد تقرير «آي صاغة» أن الاتجاه العام للذهب لا يزال صاعدًا بقوة، مدعومًا بـالتوترات الجيوسياسية والمشتريات المتزايدة من البنوك المركزية والمؤسسات المالية حول العالم، مما يجعل المعدن الأصفر الملاذ الآمن الأكثر جاذبية في الوقت الراهن وسط بيئة اقتصادية غير مستقرة وتوقعات بتقلبات حادة في الأسواق خلال الأشهر المقبلة.