- 13 أكتوبر 2025
- / 42816
التوتر التجاري بين واشنطن وبكين والإغلاق الحكومي الأمريكي يعززان الإقبال على الملاذات الآمنة
واصلت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية تسجيل ارتفاعات قياسية للأسبوع التاسع على التوالي، لتسجل مستويات تاريخية غير مسبوقة خلال تعاملات اليوم الإثنين، مدعومة بتزايد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي عالميًا، بحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب ارتفعت بنحو 80 جنيهًا بالأسواق المحلية خلال تعاملات اليوم، مقارنة بختام تعاملات الأسبوع مساء السبت الماضي، ليسجل عيار 21 – وهو الأكثر تداولًا في مصر – مستوى 5480 جنيهًا للجرام، في حين ارتفعت الأوقية العالمية بنحو 68 دولارًا لتُسجل 4085 دولارًا، وهو أعلى مستوى في تاريخها.
وأضاف أن عيار 24 سجل نحو 6263 جنيهًا، بينما بلغ عيار 18 نحو 4697 جنيهًا، وسجل عيار 14 حوالي 3654 جنيهًا، فيما استقر سعر الجنيه الذهب عند مستوى 43,840 جنيهًا، دون إضافة المصنعية أو الدمغة.
---
مكاسب أسبوعية تاريخية للذهب محليًا وعالميًا
وأشار إمبابي إلى أن أسعار الذهب في السوق المحلية شهدت زيادة أسبوعية قدرها 180 جنيهًا خلال الأسبوع الماضي، إذ افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند 5220 جنيهًا، ولامس مستوى 5450 جنيهًا كأعلى مستوى في تاريخه، قبل أن يختتم الأسبوع عند 5400 جنيه.
أما على الصعيد العالمي، فقد ارتفعت أسعار الأوقية بنحو 131 دولارًا، بعدما بدأت تعاملاتها عند مستوى 3886 دولارًا، ولامست 4060 دولارًا، لتغلق في نهاية الأسبوع عند 4017 دولارًا للأوقية.
وخلال تعاملات اليوم الإثنين، واصل الذهب تحقيق مكاسب تاريخية جديدة مسجلًا 4085 دولارًا للأوقية، ليُمدد سلسلة مكاسبه للأسبوع التاسع على التوالي، في ظل الطلب القوي على الذهب كملاذ آمن وسط تصاعد التوترات التجارية والسياسية والاقتصادية حول العالم.
---
التوتر التجاري بين واشنطن وبكين يُربك الأسواق العالمية
وأوضح تقرير «آي صاغة» أن الأسواق العالمية شهدت موجة من الارتباك والتقلبات الحادة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع الواردات الصينية اعتبارًا من 1 نوفمبر المقبل، ردًا على القيود الجديدة التي فرضتها الصين على تصدير العناصر الأرضية النادرة المستخدمة في الصناعات التكنولوجية والعسكرية.
وأدت هذه الخطوة إلى تصاعد المخاوف بشأن تعطل سلاسل الإمداد العالمية وإحياء أجواء الحرب التجارية القديمة بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو ما دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن في مواجهة احتمالات الركود والاضطرابات التجارية.
ورغم المحاولات المحدودة للتهدئة التي صدرت من الجانبين خلال عطلة نهاية الأسبوع، فإن حالة القلق والحذر لا تزال تسيطر على الأسواق العالمية، مع تزايد إقبال المستثمرين على الأصول الدفاعية مثل الذهب والسندات الحكومية.
---
الإغلاق الحكومي الأمريكي يزيد الضبابية الاقتصادية
أضاف التقرير أن الإغلاق الحكومي الأمريكي المستمر للأسبوع الثالث على التوالي زاد من حالة عدم اليقين الاقتصادي في الأسواق الأمريكية والعالمية على حد سواء، بعد أن تسبب في تسريح آلاف الموظفين الفيدراليين وتعليق عدد من التقارير والمؤشرات الاقتصادية المهمة، وفي مقدمتها مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي، الذي تم تأجيل صدوره إلى 24 أكتوبر الجاري.
وفي ظل غياب البيانات الاقتصادية، تتجه الأنظار إلى خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول المقرر غدًا، والذي يُتوقع أن يقدم من خلاله رؤية أوضح حول مسار السياسة النقدية الأمريكية خلال الأشهر المقبلة، في وقتٍ تشير فيه التوقعات إلى إمكانية تنفيذ خفضين إضافيين في أسعار الفائدة هذا العام لدعم الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من تباطؤ واضح.
ويؤدي خفض أسعار الفائدة الأمريكية عادة إلى تعزيز الطلب على الذهب، إذ يقلل من العائد على الأصول الدولارية ويزيد من جاذبية المعدن النفيس كأداة تحوط ضد التضخم وتراجع العملة.
---
الطلب الاستثماري يواصل دعم الأسعار بقوة
ووفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي، فإن موجة الصعود الحالية للذهب مدفوعة بارتفاع غير مسبوق في الطلب الاستثماري العالمي على المعدن الأصفر، حيث سجلت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs) تدفقات مالية تجاوزت 67 مليار دولار منذ بداية عام 2025.
وبحسب المجلس، فقد ارتفعت حيازات هذه الصناديق إلى نحو 3857 طنًا من الذهب، وهو مستوى يقل بنسبة لا تتجاوز 2% فقط عن الذروة التاريخية التي تم تسجيلها في نوفمبر 2020.
كما أشار المجلس إلى أن مشتريات البنوك المركزية العالمية تواصل دعم الأسعار، في ظل سعي العديد من الدول إلى تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي وتعزيز أصولها بالذهب كضمان استراتيجي ضد تقلبات الأسواق.
وأضاف التقرير أن استمرار ضعف الدولار الأمريكي وتراجع العوائد الحقيقية على السندات الأمريكية والتقلبات الحادة في أسواق الأسهم، كلها عوامل تدعم الاتجاه الصعودي للمعدن النفيس وتؤكد أن الذهب لم يصل بعد إلى ذروة مكاسبه.
---
الذهب يفتح فصلًا جديدًا من تاريخه في 2025
واختتم مجلس الذهب العالمي تحليله بالتأكيد على أن ما تشهده الأسواق خلال أكتوبر 2025 لا يمثل نهاية دورة الارتفاع، بل هو بداية فصل جديد في تاريخ الذهب، إذ يجري حاليًا إعادة تسعير المعدن الأصفر عالميًا وفقًا للمتغيرات الهيكلية في الاقتصاد الدولي.
وفي ظل تراجع الثقة في العملات الورقية وتصاعد المخاطر الجيوسياسية والمالية وتزايد التحديات الاقتصادية، يواصل الذهب أداء دوره التاريخي باعتباره الملاذ الآمن الأول للمستثمرين، الذي يحافظ على القيمة في أوقات الأزمات، ويُعد أحد أهم الأصول الاستراتيجية في محفظة أي مستثمر.
ويُجمع المحللون على أن الذهب في عام 2025 يكتب فصلًا جديدًا من تاريخه، حيث يجسد التوازن بين العاصفة الاقتصادية التي تضرب الأسواق والاستقرار المالي الذي يبحث عنه المستثمرون في كل أنحاء العالم.