- 23 ديسمبر 2025
- / 3298
شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية ارتفاعًا قويًا خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، بعدما اقتربت الأوقية من أعلى مستوى تاريخي لها، مدفوعة بتصاعد حدة التوترات الجيوسياسية عالميًا، إلى جانب تزايد توقعات الأسواق باتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة خلال الفترات المقبلة، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في رصد وتحليل أسواق الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية قفزت بنحو 85 جنيهًا خلال تعاملات اليوم، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 – الأكثر تداولًا في مصر – مستوى 5985 جنيهًا، في انعكاس مباشر للارتفاعات القياسية التي سجلها المعدن الأصفر في البورصات العالمية.
وأوضح إمبابي أن أسعار الذهب العالمية سجلت ارتفاعًا ملحوظًا، حيث صعدت الأوقية بنحو 45 دولارًا لتسجل مستوى 4493 دولارًا، وهو أعلى مستوى تاريخي لها حتى الآن، ما عزز مكاسب المعدن النفيس في مختلف الأسواق.
وأضاف أن سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ نحو 6840 جنيهًا، في حين سجل جرام الذهب عيار 18 مستوى 5130 جنيهًا، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى نحو 47,880 جنيهًا، متأثرًا بالارتفاع المتواصل في الأسعار العالمية وزيادة الطلب المحلي.
وأشار تقرير «آي صاغة» إلى أن الذهب افتتح تعاملات اليوم الثلاثاء على صعود قياسي جديد، مقتربًا بقوة من مستوى 4500 دولار للأوقية، في ظل توقعات بتحقيق مكاسب سنوية تقارب 70% خلال عام 2025، مدفوعًا بتصاعد المخاطر الجيوسياسية، واستمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي عالميًا، ما عزز مكانة الذهب كأحد أهم الملاذات الآمنة للمستثمرين.
وساهمت توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال العام المقبل في دعم أسعار الذهب، إذ يؤدي تراجع أسعار الفائدة إلى تقليص تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، الذي لا يدر عائدًا، مقارنة بالأدوات الاستثمارية الأخرى، وهو ما يعزز الإقبال على المعدن الأصفر في فترات التيسير النقدي.
وتشير تقديرات الأسواق إلى احتمالية تنفيذ عدة تخفيضات في أسعار الفائدة الأمريكية خلال عام 2026، في ظل تباطؤ وتيرة التضخم واستمرار المؤشرات على اعتدال نمو سوق العمل، وهو ما يدعم توجه الاحتياطي الفيدرالي نحو سياسة نقدية أكثر مرونة.
وفي هذا السياق، يترقب المستثمرون صدور القراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الثالث من العام الجاري في وقت لاحق اليوم، وسط توقعات بتسجيل معدل نمو سنوي يبلغ 3.2%، مقارنة بنحو 3.8% في الربع الثاني.
وأوضح التقرير أنه في حال جاءت بيانات النمو الاقتصادي الأمريكي أقوى من التوقعات، قد يحظى الدولار الأمريكي بدعم مؤقت، ما قد يفرض بعض الضغوط على أسعار السلع المقومة بالدولار، وعلى رأسها الذهب، على المدى القصير، بالتزامن مع صدور بيانات السلع المعمرة والإنتاج الصناعي، إلى جانب تقرير التوظيف الأسبوعي الصادر عن مؤسسة ADP.
وعلى صعيد التطورات السياسية، أفادت وكالة «رويترز» بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرّح بإمكانية احتفاظ الولايات المتحدة بالنفط الذي تمت مصادرته مؤخرًا قبالة السواحل الفنزويلية، مع الإبقاء على السفن التي جرى الاستيلاء عليها، وهو ما زاد من حدة التوترات في أسواق الطاقة العالمية.
وفي السياق ذاته، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن روسيا كثفت غاراتها الجوية على منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا، ما أدى إلى انقطاعات واسعة في التيار الكهربائي وهدد البنية التحتية البحرية، الأمر الذي عزز المخاوف الجيوسياسية ودعم الطلب على الذهب كملاذ آمن.
وعلى مستوى السياسة النقدية، قال محافظ الاحتياطي الفيدرالي ستيفن ميران إنه قد يستمر في منصبه إلى حين مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي على المرشح الجديد لرئاسة البنك المركزي، المقرر الإعلان عنه قبل انتهاء ولاية جيروم باول في مايو المقبل. وأظهرت أداة CME FedWatch أن احتمالات خفض أسعار الفائدة خلال اجتماع يناير المقبل لا تتجاوز 20%.
وأشار تقرير «آي صاغة» إلى أن حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية، إلى جانب الطلب القوي من صناديق المؤشرات المتداولة والبنوك المركزية، أسهمت في دفع أسعار الذهب لتجاوز مستوى 4000 دولار للأوقية خلال عام 2025.
ومع دخول مصادر طلب جديدة إلى السوق، من بينها شركات التأمين الصينية الكبرى ومجتمع العملات المشفرة، رجّح بنك «جيه بي مورجان» إمكانية صعود أسعار الذهب إلى مستوى 5055 دولارًا للأوقية بنهاية عام 2026.
وقالت ناتاشا كانيفا، رئيسة استراتيجية السلع العالمية في بنك جيه بي مورجان، إن موجة الصعود الحالية في أسعار الذهب قد تشهد بعض التقلبات على المدى القصير، لكنها تعكس اتجاهًا صعوديًا طويل الأجل لم يُستنفد بعد، مدفوعًا بتنويع الاحتياطيات الرسمية وزيادة استثمارات الأفراد في الذهب، مع توقعات بدفع الأسعار نحو 5000 دولار للأوقية بحلول نهاية 2026.
من جانبه، أوضح جريجوري شيرر، رئيس استراتيجية المعادن الأساسية والثمينة في البنك، أن إجمالي طلب المستثمرين والبنوك المركزية على الذهب بلغ نحو 980 طنًا خلال الربع الثالث من عام 2025، بزيادة تتجاوز 50% مقارنة بمتوسط الفصول الأربعة السابقة، وهو ما يعادل تدفقات فصلية تقدر بنحو 109 مليارات دولار.
وتتوقع جيه بي مورجان استمرار قوة الطلب على الذهب خلال عام 2026، مع متوسط طلب فصلي يقدر بنحو 585 طنًا، موزعًا بين مشتريات البنوك المركزية، وطلب السبائك والعملات، وتدفقات صناديق المؤشرات المتداولة. وأكد البنك أن كل زيادة بمقدار 100 طن فوق مستوى 350 طنًا من الطلب الفصلي قد ترفع سعر الذهب بنحو 2% على أساس فصلي.
كما رجّح التقرير استمرار مشتريات البنوك المركزية عند مستويات مرتفعة، رغم تراجعها النسبي عن ذروة السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن حيازات البنوك المركزية العالمية من الذهب بلغت نحو 36,200 طن، تمثل قرابة 20% من إجمالي الاحتياطيات الرسمية العالمية بنهاية عام 2024.
وفيما يخص سلوك المستثمرين، توقع البنك تدفقات تقدر بنحو 250 طنًا إلى صناديق المؤشرات المتداولة خلال عام 2026، مع تجاوز الطلب على السبائك والعملات مستوى 1200 طن سنويًا. وأشار شيرر إلى أن حصة الذهب من إجمالي أصول المستثمرين قد ترتفع إلى ما بين 4% و5% خلال السنوات المقبلة، مدعومة باتجاه هيكلي متزايد نحو تنويع المحافظ الاستثمارية.
وخلص تقرير جيه بي مورجان إلى أن محدودية مرونة المعروض من مناجم الذهب، إلى جانب استمرار قوة الطلب العالمي، قد تعجّل بوصول الذهب إلى مستويات قياسية جديدة، مع توقع متوسط سعر يبلغ نحو 5055 دولارًا للأوقية خلال الربع الأخير من عام 2026، وإمكانية صعوده إلى قرابة 5400 دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2027.