• / 2512

سجلت أسعار الفضة ارتفاعًا جديدًا في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الأربعاء، لتواصل مسارها الصاعد القوي بعد أن لامست الأوقية مستويات تاريخية غير مسبوقة. ويأتي هذا الارتفاع بدعم واضح من زيادة الطلب الصناعي والاستثماري على المعدن الأبيض، إلى جانب استمرار العجز الهيكلي في المعروض العالمي، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» المتخصص في تحليل أسواق المعادن الثمينة.

الفضة ترتفع محليًا وتحقق مكاسب قياسية

وأشار التقرير إلى أن أسعار الفضة في السوق المحلية قفزت بنحو جنيهين للجرام خلال تعاملات اليوم، ليرتفع عيار 800 من 88 إلى 94 جنيهًا، فيما سجل عيار 925 نحو 109 جنيهات، وبلغ عيار 999 قرابة 117 جنيهًا، بينما استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 872 جنيهًا. ويعكس هذا الأداء استمرار موجة الصعود القوية التي تشهدها الفضة منذ مطلع العام.

أسعار الفضة عالميًا تسجل أعلى مستوياتها على الإطلاق

أما على الصعيد العالمي، فقد ارتفعت الأوقية بنحو دولارين لتسجل قرابة 72 دولارًا، وهو أعلى مستوى في تاريخها على الإطلاق. وجاء هذا الارتفاع مدفوعًا بمزيج استثنائي من نقص الإمدادات الممتد منذ عدة سنوات، إلى جانب تسارع وتيرة الطلب الصناعي والاستثماري منذ بداية عام 2025، خاصة مع زيادة استخدام الفضة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والإلكترونيات الدقيقة.

مكاسب الفضة تقترب من 150% خلال 2025

وأوضح تقرير مركز «الملاذ الآمن» أن الفضة حققت مكاسب تجاوزت 148% منذ مطلع عام 2025، لتتفوق بفارق كبير على أداء الذهب الذي ارتفع بنحو 70% فقط خلال العام نفسه، وهو من أقوى أعوامه منذ عام 1979. وتأتي هذه القفزات ضمن موجة صعود تاريخية تشمل معظم المعادن النفيسة نتيجة التحولات الاقتصادية العالمية وتغير توجهات السياسات النقدية.

تحسن نسبة الذهب إلى الفضة يعزز أداء المعدن الأبيض

وسجلت نسبة الذهب إلى الفضة – التي تعبر عن عدد أوقيات الفضة المطلوبة لمعادلة قيمة أوقية واحدة من الذهب – نحو 62.26 خلال تعاملات الأربعاء، وهو ما يعكس تحسن الأداء النسبي للفضة مقارنة بالذهب خلال الفترة الأخيرة.

تدفقات استثمارية قوية وسط اضطرابات الأسواق

وأشار التقرير إلى أن تصاعد حالة عدم اليقين المرتبطة بالمعروض العالمي، إلى جانب الاضطرابات التجارية والجيوسياسية، ساهم في تعزيز التدفقات الاستثمارية الدفاعية نحو الذهب والفضة، خصوصًا خلال فترة التداولات المحدودة المرتبطة بموسم الأعياد العالمية. كما واصل المعدنان الثمينان زخمهما خلال التداولات الأوروبية، مدعومين بتفاعل الأسواق مع البيانات الاقتصادية الكلية وتوقعات السياسات النقدية المستقبلية.

الفضة والذهب أدوات تحوط مفضلة للمستثمرين

وأوضح التقرير أن انخفاض السيولة في نهاية العام دفع المستثمرين إلى زيادة الاعتماد على المعادن النفيسة كأدوات تحوط للمحافظ الاستثمارية، بدلًا من المضاربات قصيرة الأجل، خاصة في ظل تزايد المخاطر المرتبطة باضطرابات التجارة العالمية ومشكلات الإمدادات في قطاع الطاقة. وأشار إلى أن التحركات التشريعية الأخيرة التي تؤثر على الشحن وتدفقات السلع في المناطق المنتجة الرئيسية زادت من حالة الضبابية في الأسواق، ما عزز الاتجاه نحو الأصول الحافظة للقيمة مثل الذهب والفضة.

دعم إضافي من توقعات خفض الفائدة الأمريكية

وأضاف التقرير أن توقعات تيسير السياسة النقدية الأمريكية تمثل أحد أهم عوامل الدعم لأسعار المعادن النفيسة، إذ تسعّر الأسواق حاليًا احتمالات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة عدة مرات خلال عام 2026، وسط مؤشرات على تباطؤ التضخم وتراجع زخم سوق العمل. وتؤدي أسعار الفائدة المنخفضة عادةً إلى زيادة جاذبية الأصول غير المدرة للعائد – مثل الذهب والفضة – عبر تقليل تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بها.

وبحسب بيانات أداة CME FedWatch، شهدت احتمالات خفض الفائدة تحولًا واضحًا خلال الأسابيع الأخيرة، مما يعكس اقتراب نهاية دورة التشديد النقدي التي بدأها الفيدرالي في الأعوام السابقة.

بيانات اقتصادية أمريكية متباينة

ورغم موجة الصعود القوية، أشار التقرير إلى أن بعض البيانات الاقتصادية الأمريكية الإيجابية حدّت من مكاسب المعادن الثمينة مؤقتًا، إذ أظهر مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.3% على أساس سنوي خلال الربع الثالث، متجاوزًا توقعات المحللين، وهو ما دعم الدولار الأمريكي وشكّل عامل ضغط محدود على أسعار الذهب والفضة.

في المقابل، أظهرت بيانات ثقة المستهلك الأمريكي تراجعًا خلال ديسمبر، إذ انخفض مؤشر مجلس المؤتمرات إلى 89.1 نقطة، ما يعكس استمرار حالة الحذر لدى الأسر الأمريكية، خصوصًا في ظل تباطؤ بعض القطاعات الإنتاجية.

توقعات 2026: بين رهانات الفائدة ومخاطر الأسواق

ويرى مركز «الملاذ الآمن» أن أسعار الفضة والذهب ما زالت تتحرك بين تأثيرات السياسة النقدية الأمريكية من جهة، والاعتبارات الجيوسياسية ومخاطر المعروض العالمي من جهة أخرى، وهو ما سيحدد ملامح اتجاه الأسعار في عام 2026.

الفضة تتفوق على الذهب في الأداء النسبي

وأشار التقرير إلى أن الفضة كانت من أبرز الرابحين خلال عام 2025، بعد أن جذبت اهتمام المستثمرين التقليديين والجدد الباحثين عن بدائل أكثر استقرارًا من أسواق الأسهم التي شهدت تقلبات حادة هذا العام. ورغم أن سعر الفضة لا يزال أدنى بكثير من الذهب من حيث القيمة المطلقة، فإن مكاسبها النسبية كانت استثنائية، حيث بدأت العام عند نحو 29 دولارًا للأوقية، قبل أن ترتفع إلى حوالي 72 دولارًا بنهاية ديسمبر، أي ما يعادل أكثر من ضعف قيمتها خلال عام واحد.

عوامل هيكلية وراء الصعود التاريخي للفضة

وأوضح مركز «الملاذ الآمن» أن هذا الصعود الحاد لا يُعزى فقط إلى زيادة شهية المستثمرين، بل يرتبط أيضًا بعوامل هيكلية تشمل ضغوط التضخم العالمية، ونقص المعروض، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية، وارتفاع الطلب الصناعي، خاصة في القطاعات المرتبطة بالتحول الطاقي. كما أدى خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في أواخر 2025 إلى تعزيز جاذبية الأصول المادية، مانحًا الفضة دفعة قوية إضافية.

تحذيرات من احتمالات التصحيح في 2026

ورغم التفاؤل الحالي، حذر التقرير من أن أي توجه محتمل لرفع أسعار الفائدة مجددًا خلال عام 2026 قد يضغط على أسعار الفضة والذهب، إذ يؤدي ارتفاع العوائد على أدوات الاستثمار الأخرى إلى تقليص جاذبية المعادن النفيسة، ويدفع بعض المستثمرين إلى تفضيل الأدوات ذات العوائد الثابتة والسيولة العالية على حساب الأصول المتقلبة مثل الفضة.