• / 3847

 

شهدت أسعار الذهب حالة من الاستقرار النسبي في الأسواق المحلية خلال تعاملات اليوم الأربعاء، بالتزامن مع تراجع محدود في الأسعار العالمية، بعدما نجحت الأوقية في تسجيل قمم تاريخية جديدة تجاوزت مستوى 4500 دولار، قبل أن تقلّص جزءًا من مكاسبها، وذلك في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية عالميًا، وتصاعد توقعات الأسواق بشأن توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لمواصلة خفض أسعار الفائدة، بحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة».

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن سوق الذهب المحلي يشهد حالة من الهدوء النسبي في حركة الأسعار، مدعومة باستقرار نسبي في الطلب، حيث سجل سعر جرام الذهب عيار 21 – وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية – نحو 5980 جنيهًا، دون تغيّر يُذكر مقارنة بتعاملات الأمس.

وأوضح إمبابي أن أسعار الذهب العالمية تعرضت لتراجع طفيف، بعدما سجلت الأوقية أعلى مستوى تاريخي لها عند 4526 دولارًا في بداية التعاملات، قبل أن تتراجع وتستقر قرب مستوى 4490 دولارًا للأوقية، في ظل عمليات جني أرباح محدودة عند المستويات المرتفعة.

وأضاف أن سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ نحو 6840 جنيهًا، بينما سجل سعر جرام الذهب عيار 18 قرابة 5130 جنيهًا، في حين بلغ سعر الجنيه الذهب حوالي 47 ألفًا و880 جنيهًا، متأثرًا بحركة الأسعار العالمية واستقرار سعر الصرف محليًا.

وعلى الصعيد العالمي، أوضح التقرير أن أسعار الذهب شهدت تراجعًا محدودًا بعد موجة صعود قوية استمرت خلال الفترة الماضية، في ظل تقلبات حادة خلال التعاملات الآسيوية، مدفوعة بانخفاض السيولة الموسمية المرتبطة بفترة الأعياد، وهو ما دفع بعض المستثمرين إلى تنفيذ عمليات جني أرباح جزئية عند المستويات القياسية.

وأشار التقرير إلى أن الارتفاع التاريخي الذي سجله الذهب منذ بداية العام الجاري يُعد استثنائيًا بكل المقاييس، إذ حقق المعدن النفيس مكاسب تجاوزت 70% منذ مطلع العام، ليقترب من تسجيل أقوى أداء سنوي له منذ عام 1979، مدفوعًا بتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة في ظل استمرار المخاطر الجيوسياسية والضبابية الاقتصادية العالمية، إلى جانب التدفقات الاستثمارية والمؤسسية القوية على المعدن الأصفر.

كما أسهم ضعف الدولار الأمريكي في دعم مكاسب الذهب، متأثرًا بالسياسات الحمائية التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ملف التجارة العالمية، فضلًا عن استمرار سياسة التيسير النقدي التي ينتهجها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي عززت جاذبية الذهب كأداة تحوط وحفظ للقيمة.

وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد خفّض أسعار الفائدة بإجمالي 75 نقطة أساس خلال عام 2025، فيما تشير توقعات الأسواق إلى احتمالية تنفيذ خفضين إضافيين خلال عام 2026، وهو ما يواصل دعم أسعار الذهب، نظرًا لأن انخفاض أسعار الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد، مثل الذهب.

ورغم احتمالات تعرض أسعار الذهب لبعض الضغوط على المدى القصير، نتيجة غياب محفزات جديدة، وقيام المستثمرين بعمليات جني أرباح مع اقتراب نهاية العام، فإن الاتجاه الصعودي العام لا يزال قائمًا بقوة، مع ترجيحات باستمرار المسار الإيجابي للمعدن النفيس خلال عام 2026، في ظل استمرار التحديات الاقتصادية والجيوسياسية.

وفيما يتعلق بالبيانات الاقتصادية الأمريكية، أظهر التقدير الأولي للناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة خلال الربع الثالث من العام نمو الاقتصاد بنسبة 4.3% على أساس سنوي، متجاوزًا التقديرات السابقة وتوقعات الأسواق، رغم تأخر صدور البيانات نتيجة الإغلاق الحكومي.

إلا أن هذه البيانات الإيجابية جاءت متباينة مع مؤشرات اقتصادية أمريكية أخرى، حيث تراجعت طلبات السلع المعمرة بنسبة 2.2% خلال شهر أكتوبر، كما انخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 0.1% قبل أن يسجل تعافيًا محدودًا في نوفمبر، في حين تراجع مؤشر ثقة المستهلك إلى مستوى 89.1 نقطة خلال ديسمبر، ما ساهم في استمرار الضغوط على الدولار الأمريكي.

ويتداول مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من العملات الرئيسية، قرب مستوى 97.87 نقطة، مسجلًا أدنى مستوياته منذ مطلع شهر أكتوبر، وهو ما وفر دعمًا إضافيًا لأسعار الذهب في الأسواق العالمية.

وعلى صعيد السياسة النقدية، ترجّح الأسواق أن يُبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المرتقب في يناير، في ظل تصريحات رئيسه جيروم باول، التي أكد فيها أن البنك المركزي الأمريكي يمتلك مساحة كافية للانتظار ومتابعة تطورات الاقتصاد قبل اتخاذ قرارات جديدة.

وتُظهر أداة CME FedWatch احتمالية ضعيفة لخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع يناير المقبل، مقابل توقعات بعودة سياسة التيسير النقدي لاحقًا خلال العام، مع تباطؤ معدلات التضخم وظهور مؤشرات فتور في سوق العمل الأمريكية.

ولا تزال التوترات الجيوسياسية تمثل عامل ضغط رئيسيًا على الأسواق العالمية، في ظل استمرار الصراع الروسي الأوكراني، وتصاعد حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وفنزويلا، وهو ما يعزز الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا في أوقات عدم اليقين.