- 12 أكتوبر 2025
- / 84
كشف مركز «الملاذ الآمن للأبحاث» في أحدث تقاريره، عن استمرار الأداء القوي للفضة في الأسواق المحلية والعالمية خلال الفترة الأخيرة، حيث ارتفعت الأسعار لتسجل أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011، متفوقةً على الذهب كأفضل المعادن النفيسة أداءً في عام 2025.
وأوضح المركز أن أسعار الفضة صعدت في السوق المحلية بنسبة 6% خلال تعاملات الأسبوع الماضي، بالتزامن مع ارتفاعها عالميًا بنسبة 4.2%، لتغلق الأوقية عند مستوى 50 دولارًا، مدعومة بتراجع الدولار الأمريكي وتزايد الطلب الصناعي، إلى جانب التوقعات المتنامية باتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو المزيد من خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.
ارتفاعات قوية في السوق المحلية
أشار التقرير إلى أن جرام الفضة عيار 800 ارتفع من 68 إلى 74 جنيهًا، بينما سجّل عيار 925 نحو 86 جنيهًا، وبلغ عيار 999 حوالي 93 جنيهًا، في حين استقر جنيه الفضة عيار 925 عند 664 جنيهًا.
ورصد المركز حالة من الارتباك في السوق المحلية نتيجة لقيام بعض تجار الخام برفع الأسعار دون مبرر واضح، مما تسبب في نقص المعروض وتوقف عدد من المصانع عن الإنتاج انتظارًا لمستويات سعرية أعلى. وأوضح التقرير أن السوق بدأ يدخل مرحلة «حرجة»، محذرًا من احتمال حدوث قفزات سعرية غير مبررة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة لضبط الأسعار ومنع الممارسات الاحتكارية.
الفضة تسجّل ثالث أعلى مستوى تاريخي عالميًا
على الصعيد العالمي، ارتفعت الأوقية من 48 إلى 50 دولارًا، لتسجل ثالث أعلى مستوى تاريخي لها منذ عامي 1980 و2011، مدفوعة بالإقبال المتزايد على الملاذات الآمنة وسط اضطرابات اقتصادية وجيوسياسية متصاعدة. وأوضح التقرير أن هذا المستوى يُعد الأعلى منذ محاولة الأخوين هنت احتكار السوق في ثمانينيات القرن الماضي، عندما لامست الفضة حاجز الـ50 دولارًا لأول مرة في التاريخ.
قفزات قوية في سبتمبر وأداء استثنائي منذ بداية العام
وبيّن التقرير أن الفضة حققت خلال شهر سبتمبر مكاسب لافتة بلغت 27% محليًا و20% عالميًا، حيث ارتفعت الأوقية من 40 إلى 48 دولارًا، بينما صعد سعر الجرام من 52 إلى 66 جنيهًا.
ومنذ بداية عام 2025، سجلت الفضة ارتفاعًا بنسبة 81% في السوق المحلية و73% عالميًا، متفوقة بذلك على الذهب الذي ارتفع بنحو 50% فقط خلال الفترة نفسها، لتتربع الفضة على عرش أفضل المعادن أداءً هذا العام.
عجز قياسي في المعروض وطلب صناعي غير مسبوق
أظهر التقرير أن الطلب الصناعي على الفضة بلغ مستوى قياسيًا جديدًا في عام 2024 وصل إلى 680.5 مليون أوقية، بدعم من طفرة صناعة الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية، في الوقت الذي واصل فيه السوق تسجيل عجزٍ واضح بلغ 148.9 مليون أوقية للعام الرابع على التوالي.
وتوقّع التقرير أن يستمر هذا العجز خلال عام 2025 ليصل إلى 187.6 مليون أوقية، وهو ما يمثل ثالث أكبر عجز تاريخي في سوق الفضة العالمية، الأمر الذي يدعم استمرار الاتجاه الصاعد للأسعار خلال العام المقبل.
الفضة تتفوق على الذهب كمعدن استثماري
ووفقًا لتحليل مركز «الملاذ الآمن»، فقد أصبحت الفضة بمثابة «نسخة عالية الحساسية من الذهب»، إذ تتحرك الأسعار في الاتجاه ذاته ولكن بوتيرة أسرع وأقوى، مدعومة بالزخم الاستثماري المتزايد والتوجه نحو الأصول الآمنة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
وأشار التقرير إلى أن معدل الذهب إلى الفضة تراجع إلى 81 نقطة، وهو أدنى مستوى له خلال عام كامل، ما يعكس قوة أداء المعدن الأبيض مقارنة بالذهب.
تحذيرات من الارتفاع المفرط في الأسعار
وفي سياق متصل، حذّرت مؤسسة Metals Focus البحثية من أن الارتفاع السريع في أسعار الفضة قد يدفع بعض القطاعات الصناعية، وخاصة قطاع الطاقة الشمسية، إلى تقليص استهلاكها للمعدن في حال استمرار القفزات السعرية، رغم التوقعات باستمرار الطلب القوي على المدى الطويل.
وأكد التقرير أن العجز الهيكلي في المعروض سيُبقي أسعار الفضة مرتفعة نسبيًا خلال العامين المقبلين، حتى مع حدوث بعض التراجعات التصحيحية قصيرة الأجل.
تحليل فني وتاريخي لحركة الأسعار
أظهرت العقود الآجلة لشهر ديسمبر نمطًا فنيًا انعكاسيًا يشير إلى احتمال تصحيح هبوطي مؤقت بعد أن بلغت القمة 49.96 دولارًا للأوقية، على أن يستأنف السوق بعده اتجاهه الصاعد طويل الأمد.
وتاريخيًا، بلغت الفضة ذروتها عند 50.36 دولارًا في عام 1980 و49.52 دولارًا في عام 2011، وها هي اليوم تتجاوز هذه المستويات التاريخية للمرة الثالثة خلال قرن من الزمان، ما يؤكد دخولها مرحلة سعرية جديدة في دورة المعادن النفيسة.
توقعات مستقبلية: الفضة نحو 100 دولار للأوقية
رجّح تقرير ساكسو بنك في مذكرة بحثية أن يواصل المعدن الأبيض صعوده التدريجي ليصل إلى 100 دولار للأوقية بحلول عام 2026، مدعومًا بالطلب الصناعي القوي والتحول العالمي نحو مصادر الطاقة النظيفة.
وأوضح البنك أن الفضة تمثل النسخة عالية "بيتا" من الذهب، إذ تتحرك بنفس الاتجاه ولكن بتأثير أكبر، مما يجعل مكاسبها أكثر حدة في فترات الصعود وأشد تراجعًا عند الهبوط.
مرحلة تاريخية جديدة للفضة
ويرى محللون أن الفضة لم تعد رخيصة مقارنة بالذهب، وأن مستوى 50 دولارًا للأوقية أصبح حاجزًا نفسيًا مهمًا، لكنه ليس سقفًا سعريًا دائمًا، خاصة في ظل التوقعات باستمرار صعود الذهب فوق 4000 دولار للأوقية خلال العامين المقبلين.
وأكد التقرير أن سوق الفضة يعيش مرحلة تاريخية غير مسبوقة، تجمع بين الطلب الصناعي القياسي والعجز المستمر في المعروض والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي، وهي عوامل تدعم استمرار المسار الصاعد للفضة خلال الفترة المقبلة.
وفي الوقت الذي تتجه فيه أنظار المستثمرين حول العالم نحو الذهب كملاذ آمن تقليدي، يبدو أن الفضة أصبحت اللاعب الأقوى في مشهد المعادن النفيسة لعام 2025، مع توقعات بمزيد من المكاسب إذا استمرت السياسات النقدية التيسيرية والاضطرابات الاقتصادية العالمية.
.