• / 82

تشهد أسواق الفضة المحلية والعالمية حالة من الارتباك والتذبذب الحاد خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، بعد أن قفزت الأسعار العالمية إلى مستوى 49 دولارًا للأوقية، وهو الأعلى منذ عام 2011، مدعومةً بتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة في ظل الإغلاق الحكومي الأمريكي وتصاعد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، إلى جانب التوقعات القوية بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الفترة المقبلة، وفقًا لتقرير صادر عن مركز الملاذ الآمن للأبحاث.

 

وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية شهدت استقرارًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم، ليسجل جرام الفضة عيار 800 نحو 69 جنيهًا، وعيار 925 حوالي 86 جنيهًا، وعيار 999 نحو 86 جنيهًا، بينما استقر جنيه الفضة عيار 925 عند 640 جنيهًا.

أما على الصعيد العالمي، فقد استقرت الأوقية عند مستوى 49 دولارًا، وهو الأعلى في 14 عامًا، مدفوعةً بتزايد الطلب الاستثماري وتراجع الثقة في الأدوات المالية التقليدية، مع تصاعد رهانات الأسواق على مزيد من التيسير النقدي الأمريكي خلال الفترة المقبلة.

 

وأشار التقرير إلى أن أسعار الفضة ارتفعت خلال الأسبوع الماضي بنسبة 13.3% محليًا، بالتوازي مع ارتفاع عالمي بنسبة 4.4%، لتغلق عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011، مدعومةً بتراجع قيمة الدولار الأمريكي وزيادة الطلب الصناعي، إلى جانب تعاظم التوقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

 

 

---

 

فوضى في السوق المحلية وتوقف جزئي للتداول

 

وكشف مركز «الملاذ الآمن» عن حالة فوضى واضحة في التسعير داخل السوق المحلية للفضة، بعد أن أقدم بعض تجار الخام على رفع الأسعار بشكل غير مبرر، أعقبه نقص حاد في المعروض، وتوقف بعض المتعاملين عن البيع ترقّبًا لمزيد من الارتفاعات في الأسعار خلال الأيام المقبلة.

 

وقال المركز في بيانه:

 

> "سوق الفضة المحلي بدأ يدخل مرحلة خطيرة، إذ لاحظنا أن بعض تجار الخام رفعوا الأسعار فوق المستويات الطبيعية دون مبررات حقيقية، ثم اتجهوا إلى تقليل المعروض، وهو ما تسبب في حالة من الشلل والارتباك في التداولات اليومية."

 

 

 

وأضاف المركز محذرًا:

 

> "إذا استمر الوضع على هذا النحو، فقد نشهد قفزات غير منطقية في الأسعار خلال الفترة المقبلة، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات المختصة لضبط السوق ومنع الممارسات الاحتكارية والعبث بالتسعير، حفاظًا على حقوق المستهلكين والمستثمرين على حد سواء."

 

 

 

وأشار التقرير إلى أن بعض المصانع المحلية توقفت بالفعل عن الإنتاج بسبب نقص الخامات، بعد امتناع عدد من تجار الخام عن البيع انتظارًا لمستويات أعلى من الأسعار، في ظل موجة ارتفاعات قوية تشهدها البورصات العالمية، بالتزامن مع صعود الذهب واقترابه من مستوى 4000 دولار للأوقية، وتزايد الطلب العالمي على الأصول الآمنة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي عالميًا.

 

 

---

 

خلفية تاريخية: الفضة تقترب من ذروة 2011

 

يُعد المستوى الحالي للفضة هو الأعلى منذ عام 2011، حين لامست الأسعار عتبة 50 دولارًا للأوقية للمرة الثانية في تاريخها، بعد أن بلغت هذا السعر أول مرة عام 1980 أثناء محاولة الأخوين هانت احتكار السوق العالمية للفضة.

وتشير هذه المستويات التاريخية إلى أن المعدن الأبيض بات يقترب من منعطف حرج في دورة صعوده، في ظل تزايد الضغوط الجيوسياسية والمالية عالميًا.

 

 

---

 

أداء الفضة في سبتمبر 2025

 

شهدت أسعار الفضة العالمية ارتفاعات قوية خلال شهر سبتمبر 2025، مدفوعة بعدة عوامل رئيسية، أبرزها استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي يبدو أنه سيطول، وتصاعد الضبابية السياسية في فرنسا واليابان، إلى جانب التوقعات المتزايدة بسياسات نقدية أكثر مرونة على مستوى البنوك المركزية العالمية، وهو ما دفع المستثمرين نحو أصول بديلة أكثر أمانًا مثل الذهب والفضة.

 

 

---

 

عوامل الدعم الأساسية لأسعار الفضة

 

تحظى الفضة، إلى جانب الذهب، بدعم قوي من تراجع الدولار الأمريكي، والتوقعات بخفض أسعار الفائدة، ومشتريات البنوك المركزية من المعادن الثمينة، بالإضافة إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية، والقلق المتزايد من ضعف العملات الورقية في مواجهة التضخم وتراجع النمو.

 

وتتميّز الفضة بخصوصيتها المزدوجة كمعدن ثمِين وصناعي في الوقت نفسه، ما يجعل أداءها مرتبطًا بالطلبين الاستثماري والصناعي معًا، ويمنحها تفوقًا نسبيًا في فترات التحوّلات الاقتصادية الكبرى.

 

 

---

 

اختلال العرض والطلب العالمي على الفضة

 

بحسب معهد الفضة العالمي (Silver Institute)، بلغ الطلب الصناعي على الفضة مستوى قياسيًا في عام 2024 عند 680.5 مليون أوقية، مدفوعًا بالنمو في قطاع الطاقة الشمسية والبنية التحتية الكهربائية والمركبات الكهربائية.

 

ورغم تراجع الطلب الإجمالي على الفضة بنسبة 3%، إلا أنه تجاوز مستوى العرض للعام الرابع على التوالي، مسجّلًا عجزًا مقداره 148.9 مليون أوقية. ومن المتوقع استمرار هذا العجز خلال عام 2025 للعام الخامس على التوالي، مع إنتاج متوقع يبلغ 844 مليون أوقية مقابل طلب يتجاوز 940 مليون أوقية.

 

 

---

 

تفوق الفضة على الذهب منذ بداية العام

 

أظهر الأداء السنوي أن الفضة تفوقت على الذهب منذ بداية عام 2025، بعدما ارتفعت بنسبة 67% مقارنة بزيادة 50% في أسعار الذهب.

كما انخفض معدل الذهب إلى الفضة (Gold-to-Silver Ratio) إلى 81 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ عام كامل، مما يعكس قوة الزخم الصعودي في سوق الفضة مقارنة بالذهب.

 

 

---

 

تحذيرات من الارتفاع المفرط في الأسعار

 

ورغم المكاسب القوية، حذّرت شركة Metals Focus من أن الارتفاع المبالغ فيه في أسعار الفضة قد يؤدي إلى تراجع الطلب الصناعي نتيجة ما يُعرف بـ"الادخار الصناعي"، حيث تسعى الشركات العاملة في القطاعات الصناعية إلى ترشيد استخدام المعدن وخفض التكاليف التشغيلية.

 

ويتوقع محللون أن يؤدي التطور التكنولوجي في قطاع الطاقة الشمسية إلى تقليص استهلاك الفضة بنسبة تتراوح بين 15% و20% خلال العام الجاري، لكنهم يؤكدون أن النمو المتسارع في الطاقة النظيفة سيواصل دعم الطلب طويل الأجل على المعدن الأبيض.

 

 

---

 

توقعات مستقبلية: استمرار الاتجاه الصعودي

 

ورغم احتمالات الترشيد الصناعي، يرى الخبراء أن الاتجاه الصعودي للفضة سيستمر على المدى المتوسط، في ظل العجز المتوقع في المعروض العالمي عند 187.6 مليون أوقية هذا العام، وهو ثالث أكبر عجز في التاريخ الحديث.

 

ويتوقع المحللون أن استمرار الطلب الاستثماري القوي سيُبقي الأسعار عند مستويات مرتفعة، بينما تظل الفضة عنصرًا أساسيًا في التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والتقنيات الكهربائية، ما يعزز مكانتها كمعدن استراتيجي في المرحلة المقبلة.