• / 5646

 

 

 

سجّلت أسعار الذهب في السوق المحلية مكاسب قوية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، وسط حالة من التفاؤل في الأسواق العالمية نتيجة استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي وتزايد توقعات خفض أسعار الفائدة من قِبَل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

وبحسب تقرير صادر عن منصة "آي صاغة" المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات، ارتفعت أسعار الذهب في مصر بنسبة 2.9% خلال الأسبوع، متأثرةً بصعود الأوقية عالميًا بنسبة 3.4%، وهو ما انعكس مباشرة على الأسعار المحلية التي شهدت تحركات صعودية قوية.

 

مكاسب أسبوعية قياسية للذهب المحلي

 

قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة "آي صاغة"، إن جرام الذهب عيار 21 – وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية – ارتفع بنحو 145 جنيهًا خلال الأسبوع، حيث بدأ التعاملات عند مستوى 5075 جنيهًا، ولامس مستوى تاريخيًا جديدًا بلغ 5250 جنيهًا، قبل أن يغلق عند 5220 جنيهًا بنهاية الأسبوع.

وأضاف أن هذا الصعود القوي يأتي استكمالًا للموجة التصاعدية التي بدأت منذ مطلع سبتمبر الماضي، والتي دفعت الذهب إلى تسجيل مستويات تاريخية غير مسبوقة على المستويين المحلي والعالمي.

 

أما بالنسبة لبقية الأعيرة، فقد سجل عيار 24 نحو 5966 جنيهًا للجرام، بينما بلغ عيار 18 حوالي 4474 جنيهًا، وسجل عيار 14 نحو 3480 جنيهًا، في حين استقر سعر الجنيه الذهب عند 41760 جنيهًا.

 

قفزة تاريخية للأوقية عالميًا

 

على الصعيد العالمي، شهدت أسعار الذهب في البورصات الدولية أداءً استثنائيًا، حيث قفزت الأوقية بمقدار 126 دولارًا خلال الأسبوع، لتبدأ التداول عند 3760 دولارًا، وتصعد إلى أعلى مستوى تاريخي بلغ 3900 دولار، قبل أن تغلق عند 3886 دولارًا للأوقية.

ويُعزى هذا الارتفاع إلى تراجع الثقة في الدولار الأمريكي نتيجة أزمة الإغلاق الحكومي، بجانب الرهانات المتزايدة على قرب بدء دورة خفض أسعار الفائدة الفيدرالية.

 

أداء استثنائي وتحركات استثمارية ملحوظة

 

أشار التقرير إلى أن الذهب حقق أفضل أداء شهري له منذ عقود، مما دفع بعض المستثمرين إلى جني الأرباح مع بقاء الأسعار دون مستوى 3900 دولار للأوقية.

ورغم أن التأثير الاقتصادي المباشر للإغلاق الحكومي لم يظهر بالكامل بعد، فإن التقديرات الصادرة عن مجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض تشير إلى خسارة الاقتصاد الأمريكي ما يقرب من 7 مليارات دولار أسبوعيًا من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تتضاعف تلك الخسائر لتصل إلى 15 مليار دولار أسبوعيًا في حال استمرار الأزمة لفترة أطول.

 

وتُظهر توقعات الأسواق أن الإغلاق قد يستمر نحو 11 يومًا، لكن حتى في حال انتهاء الأزمة سريعًا، فإن الضرر المعنوي لمكانة الولايات المتحدة ومصداقية سياستها المالية قد تحقق بالفعل، خصوصًا مع تصاعد الشكوك حول السياسات التجارية والرسوم الجمركية المفروضة مؤخرًا.

 

تحوّل استثماري عالمي نحو الذهب

 

بحسب تقرير صادر عن "جي بي مورجان"، فإن الأسواق العالمية تشهد ما يُعرف بـ"تجارة التخفيض"، حيث يتجه المستثمرون الأفراد إلى فقدان الثقة في العملات الورقية ويفضلون التحوط بالذهب في مواجهة معدلات التضخم المرتفعة والعجز المالي المتزايد.

وأشار التقرير إلى أن البنوك المركزية العالمية تبنّت هذا الاتجاه خلال السنوات الثلاث الماضية، عبر زيادة حيازاتها من المعدن النفيس كجزء من استراتيجيات التنويع والتحوط من المخاطر الجيوسياسية.

 

من جانبه، أوضح تقرير صادر عن مورجان ستانلي أن ارتفاع أسعار الذهب دخل مرحلة جديدة مع تزايد مشاركة المستثمرين الأفراد في السوق، وهو ما تؤكده البيانات الخاصة بصناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs).

وشهد صندوق SPDR Gold Shares (رمز GLD)، وهو أكبر صندوق مؤشرات متداول مدعوم بالذهب في العالم، زيادة في حيازاته بلغت 35.2 طنًا خلال سبتمبر الماضي، من بينها تدفق يومي قياسي قدره 18.9 طنًا يوم 19 سبتمبر.

ورغم هذه الزيادة الملحوظة، لا تزال الحيازات العالمية في صناديق الذهب أقل من مستوياتها القياسية المسجلة عام 2020.

 

بيئة اقتصادية داعمة ومخاطر مستمرة

 

أوضح تقرير "آي صاغة" أن استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي أدى إلى تعطيل صدور بيانات اقتصادية أساسية مثل طلبات إعانة البطالة وتقرير الوظائف غير الزراعية، مما خلق حالة من الضبابية في الأسواق ودفع المستثمرين إلى البحث عن الملاذات الآمنة، وفي مقدمتها الذهب.

 

وقال ستيفن ميران، محافظ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إن البيانات الاقتصادية تُعدّ عنصرًا حاسمًا في تحديد السياسة النقدية، مؤكدًا ضرورة اتباع نهج استشرافي في ظل غياب الإحصاءات الدورية.

كما أشار أوستن جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إلى أن الأسواق تسعّر بالفعل احتمالات خفض الفائدة، لكنه شدّد على أهمية ربط السياسة النقدية بالبيانات الفعلية وليس بالتوقعات المسبقة.

 

وشهدت عوائد السندات الأمريكية تراجعًا ملحوظًا، إذ انخفض العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.11%، بينما ارتفعت العوائد الحقيقية إلى 1.77%. كما أظهرت المؤشرات تباطؤًا في النشاط الاقتصادي الأمريكي، حيث تراجع مؤشر مديري المشتريات للخدمات (ISM) إلى 50 نقطة، وانخفضت وظائف القطاع الخاص وفقًا لتقرير ADP الأخير.

وتُظهر بيانات Prime Market Terminal أن احتمالات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي يوم 29 أكتوبر تبلغ نحو 96%.

 

مشتريات البنوك المركزية تدعم الاتجاه الصاعد للذهب

 

استأنفت البنوك المركزية العالمية مشترياتها من الذهب خلال أغسطس الماضي بإجمالي 15 طنًا بعد توقف مؤقت في يوليو، وجاءت كازاخستان في الصدارة بإجمالي 8 أطنان، تلتها تركيا، الصين، بلغاريا، غانا، التشيك، وأوزبكستان، بينما اقتصرت المبيعات على روسيا وإندونيسيا.

 

وتتصدّر بولندا قائمة الدول الأكثر شراءً للذهب هذا العام، بإجمالي 67 طنًا منذ بداية 2025، بهدف رفع نسبة الذهب في احتياطياتها من 20% إلى 30%. كما رفعت الصين احتياطياتها إلى نحو 2300 طن، بما يعادل 7% من إجمالي احتياطياتها الدولية، بينما بلغت احتياطيات تركيا نحو 639 طنًا.

 

ويؤكد التقرير أن الضغوط الاقتصادية العالمية، المتمثلة في تراجع النمو وارتفاع التضخم وتقلبات أسعار العملات، تدفع البنوك المركزية والمستثمرين إلى تعزيز حيازاتهم من الذهب كملاذ آمن ووسيلة فعالة للتحوط من المخاطر المالية.