• / 5407

شهدت أسعار الذهب في السوق المحلية تراجعًا خلال تعاملات اليوم السبت، بالتزامن مع العطلة الأسبوعية للبورصة العالمية، وذلك بعد أن سجلت الأوقية العالمية مكاسب أسبوعية قوية قاربت 2%، مدفوعة بتزايد الطلب على الملاذات الآمنة مع استمرار التوترات الجيوسياسية العالمية، إلى جانب تصاعد رهانات المستثمرين على قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.

 

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المصرية تراجعت بنحو 10 جنيهات مقارنة بختام تعاملات أمس الجمعة، ليسجل جرام الذهب عيار 21 مستوى 5075 جنيهًا. وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت الأوقية بنحو 75 دولارًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي لتسجل مستوى 3760 دولارًا.

 

وأضاف أن جرام الذهب عيار 24 سجل 5800 جنيه، فيما بلغ عيار 18 مستوى 4350 جنيهًا، ووصل عيار 14 إلى 3384 جنيهًا، بينما استقر سعر الجنيه الذهب عند 40,800 جنيه. وأوضح أن أسعار الذهب محليًا كانت قد ارتفعت خلال تعاملات أمس الجمعة بنحو 30 جنيهًا، حيث افتتح عيار 21 التعاملات عند 5055 جنيهًا، ثم لامس مستوى 5100 جنيه قبل أن يختتم عند 5085 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بالبورصة العالمية بنحو 14 دولارًا لتغلق عند 3760 دولارًا بعد أن بدأت تعاملاتها عند 3746 دولارًا.

 

 

---

 

موجة صعود تاريخية تقودها أسعار الذهب عالميًا

 

تشهد الأسواق العالمية موجة صعود تاريخية للمعادن النفيسة مستمرة منذ ثلاث سنوات، حيث ارتفع الذهب بنسبة 43% منذ بداية العام، بينما قفزت الفضة بنسبة 55%، وسجل البلاتين صعودًا قياسيًا بنسبة 71%، لتخترق جميعها مستويات سعرية غير مسبوقة.

 

ويرى محللون أن هذه المكاسب ليست مؤقتة، بل تعكس مزيجًا من العوامل الكلية التي صنعت ما يُعرف بـ"العاصفة المثالية"، وتشمل: تفاقم أزمة الديون السيادية عالميًا، ضعف متوقع للدولار الأمريكي، توجه البنوك المركزية نحو خفض أسعار الفائدة، تزايد المشتريات الرسمية للذهب من البنوك المركزية، فضلًا عن استمرار المخاطر الجيوسياسية التي تعزز من مكانة الذهب كملاذ آمن.

 

 

---

 

توقعات خفض الفائدة تدعم أسعار الذهب

 

ارتفعت أسعار الذهب عالميًا مع تصاعد التوقعات بخطوات جديدة من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو التيسير النقدي، خاصة مع ظهور مؤشرات على هشاشة سوق العمل وتراجع ثقة المستهلك.

 

وبحسب البيانات الاقتصادية الأخيرة، فقد ظل معدل التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) دون مستوى 3%، وهو ما عزز التوقعات باستمرار الفيدرالي في تمديد إجراءات التخفيف النقدي حتى نهاية العام. كما أظهرت بيانات شهر أغسطس لمؤشر PCE الأساسي استقرارًا عند 2.9% على أساس سنوي، بينما ارتفع المؤشر الرئيسي إلى 2.7% مقابل 2.6% في يوليو.

 

ورغم استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة، فإن تباطؤ وتيرة التضخم يزيد من رهانات المستثمرين على مزيد من التخفيض في أسعار الفائدة، خاصة مع تراجع مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيجان في سبتمبر إلى 55.1 نقطة، مقابل توقعات عند 55.4 نقطة، إضافة إلى تراجع توقعات التضخم لعام واحد إلى 4.7%، وعلى مدى خمس سنوات إلى 3.7%.

 

 

---

 

تصريحات الفيدرالي وتحركات عوائد السندات

 

أكد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قلقهم بشأن هشاشة سوق العمل. حيث صرحت ميشيل بومان، عضو مجلس المحافظين، بأن البيانات الأخيرة تُظهر ضعفًا في النمو الوظيفي، وأن التضخم – باستثناء تأثير الرسوم الجمركية – يقترب من الهدف المستهدف.

 

كما أشار توماس باركين، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، إلى أن إنفاق المستهلكين ما يزال قويًا نسبيًا، لكنه دعا للحذر نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الأدوية والأثاث المستورد.

 

وتزامن ذلك مع ارتفاع طفيف في عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث بلغ العائد على السندات لأجل 10 سنوات 4.187%، فيما بلغت العوائد الحقيقية (بعد خصم التضخم) نحو 1.807%. وبحسب أداة CME FedWatch، فإن الأسواق تُسعّر احتمالًا بنسبة 88% لخفض الفائدة في أكتوبر، واحتمالًا بنسبة 65% لخفض إضافي في ديسمبر.

 

 

---

 

المخاوف من الإغلاق الحكومي الأمريكي تعزز الطلب على الذهب

 

تزايدت المخاوف بشأن إمكانية حدوث إغلاق حكومي أمريكي جديد في ظل استمرار الخلافات داخل الكونجرس حول تشريعات تمويل الموازنة قبل 30 سبتمبر، وهو ما عزز من الطلب على الذهب كملاذ آمن.

 

حتى في حال التوصل إلى اتفاق، فإن ارتفاع مستويات الديون الأمريكية يواصل تقويض الثقة في الدولار، مما يزيد من جاذبية الذهب كأصل نقدي بديل وآمن.

 

 

---

 

تدفقات استثمارية قياسية على صناديق الذهب

 

شهد صندوق SPDR Gold Shares (NYSE: GLD)، وهو أكبر صندوق مؤشرات مدعوم بالذهب في العالم، أكبر تدفق يومي في تاريخه بأكثر من 18 طنًا الأسبوع الماضي، مما يعكس عودة قوية للطلب الاستثماري على المعدن النفيس.

 

ورغم هذه التدفقات، لا تزال حيازات صناديق المؤشرات العالمية أقل بكثير من مستوياتها القياسية المسجلة في عام 2020. ويشير محللون إلى أن السوق ربما يواجه حالة "شراء مفرط"، لكن الأسعار لم تصل بعد إلى مرحلة المبالغة في التقييم، خاصة مع استمرار مشتريات البنوك المركزية، وعلى رأسها بنك الشعب الصيني، الذي يقدر أنه يضيف نحو 33 طنًا من الذهب شهريًا منذ عام 2022، في وتيرة قد تستمر لثماني سنوات قادمة لتعزيز احتياطاته إلى مستويات تضاهي الاقتصادات المتقدمة.

 

 

---

 

الفضة والبلاتين يواصلان الصعود

 

لم يكن الذهب وحده في واجهة المشهد؛ فقد ارتفعت الفضة إلى أعلى مستوياتها منذ 14 عامًا متجاوزة 46 دولارًا للأوقية، بزيادة تفوق 7% خلال الأسبوع الماضي. ويتوقع محللون أن يتكرر سيناريو البلاديوم – الذي ارتفع بأكثر من 500% بين 2016 و2021 – مدفوعًا بتزايد الطلب الصناعي وتراجع الإمدادات.

 

أما البلاتين، فقد واصل مكاسبه القوية بدعم من الطلب الصناعي وتراجع الإمدادات من جنوب إفريقيا، ليسجل ارتفاعًا قياسيًا بنسبة 71% منذ بداية العام.

 

 

---

 

بيانات اقتصادية حاسمة مرتقبة الأسبوع المقبل

 

تتجه أنظار المستثمرين إلى بيانات اقتصادية أمريكية مرتقبة الأسبوع المقبل، تشمل:

 

تصريحات جديدة من أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

 

مؤشر ADP للتغير في التوظيف الوطني الأمريكي.

 

مؤشر مديري المشتريات التصنيعي ISM.

 

بيانات طلبات البطالة الأولية.

 

تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر سبتمبر.

 

 

وتُعد هذه البيانات مؤثرة بشكل مباشر في رسم ملامح السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي خلال الربع الأخير من العام، وبالتالي سيكون لها أثر فوري على توجهات أسعار الذهب والمعادن النفيسة عالميًا.