- 31 ديسمبر 2025
- / 4396
شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والبورصة العالمية تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الأربعاء، متأثرة بانخفاض رهانات المستثمرين على خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي المرتقب في يناير المقبل، وذلك عقب صدور محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية لشهر ديسمبر، بحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في متابعة أسواق الذهب والمعادن النفيسة.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية سجلت تراجعًا بنحو 55 جنيهًا للجرام خلال تعاملات اليوم، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 – الأكثر تداولًا في السوق المصرية – مستوى 5830 جنيهًا. وأضاف أن الأسعار العالمية تراجعت بدورها بنحو 30 دولارًا للأوقية، لتتداول أونصة الذهب قرب مستوى 4310 دولارات في البورصات العالمية.
وأوضح إمبابي أن سعر جرام الذهب عيار 24 سجل نحو 6663 جنيهًا، في حين بلغ سعر جرام الذهب عيار 18 حوالي 4997 جنيهًا، بينما سجل سعر الجنيه الذهب نحو 46640 جنيهًا، وذلك في ظل تراجع عام شمل مختلف الأعيرة المتداولة بالسوق المحلية.
وعلى الصعيد العالمي، سجل الذهب تراجعًا طفيفًا في آخر جلسات التداول لعام 2025، إذ استقرت الأسعار قرب مستوى 4310 دولارات للأونصة خلال التعاملات الأوروبية، وسط ضغوط بيعية طالت المعادن النفيسة عقب صدور محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، والذي كشف عن انقسام واضح داخل لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية الأمريكية.
وأشار المحضر إلى أن بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يرون أن الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير لفترة أطول قد يكون الخيار الأنسب في المرحلة الحالية، خاصة بعد تنفيذ ثلاثة تخفيضات للفائدة خلال العام الجاري، في حين رأى آخرون أن إجراء مزيد من التخفيضات قد يكون مبررًا في حال استمرار تراجع معدلات التضخم واقترابها من المستهدفات الرسمية.
ورغم التراجع الذي شهده الذهب في نهاية العام، فإن المعدن الأصفر حقق مكاسب قوية منذ بداية 2025، إذ ارتفعت أسعاره بنحو 64% على أساس سنوي، مع توقعات بأن يسجل الذهب أقوى مكاسبه السنوية منذ عام 1979، مدعومًا بتزايد احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية مجددًا خلال عام 2026.
ويتجه الذهب لتحقيق أفضل أداء سنوي له في عام 2025، بعدما تسارع صعوده بشكل ملحوظ في أواخر شهر أبريل الماضي، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض تعريفات جمركية عالمية، وهو ما عزز الطلب على الذهب كملاذ آمن في مواجهة المخاطر التجارية والاقتصادية، إلى جانب عمليات شراء مكثفة من قبل البنوك المركزية العالمية، وارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب.
كما ساهمت التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في دعم الطلب على الذهب، في ظل تراجع الآمال بشأن التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، بعد تقارير تحدثت عن هجمات مزعومة استهدفت مقر إقامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي هذا السياق، أعلنت موسكو تشديد موقفها التفاوضي، متهمة كييف بالوقوف وراء الهجوم، وهي اتهامات نفتها أوكرانيا ووصفتها بمحاولات لتعطيل مسار السلام.
وفي منطقة الشرق الأوسط، ساهمت الغارات الجوية السعودية في اليمن، إلى جانب إعلان إيران دخولها في ما وصفته بـ«حرب شاملة» مع الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل، في تصاعد المخاوف من اتساع رقعة التوترات الإقليمية. كما حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تنفيذ ضربات إضافية في حال استأنفت إيران تطوير برنامجها النووي، وهو ما زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
كذلك، يدعم استمرار التوتر بين إسرائيل وإيران، إلى جانب الخلافات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وفنزويلا، الطلب على الأصول الآمنة، حيث يتجه المستثمرون إلى أدوات تحافظ على قيمتها خلال فترات عدم الاستقرار، وعلى رأسها الذهب.
وفي المقابل، قد تحد زيادة متطلبات الهامش على عقود الذهب والفضة الآجلة، التي أقرتها مجموعة بورصة شيكاغو التجارية (CME)، من مكاسب المعدن الأصفر خلال الفترة المقبلة، إذ قد تدفع هذه الخطوة إلى عمليات جني أرباح واسعة وإعادة هيكلة المحافظ الاستثمارية. كما أن أي تقدم ملموس في مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا قد يشكل عامل ضغط إضافيًا على أسعار الذهب.
وتترقب الأسواق صدور بيانات طلبات إعانة البطالة الأولية في الولايات المتحدة في وقت لاحق من اليوم، وسط توقعات بارتفاعها إلى نحو 220 ألف طلب للأسبوع المنتهي في 27 ديسمبر، مقارنة بـ214 ألف طلب في الأسبوع السابق، مع توقعات بتراجع أحجام التداول مع اقتراب عطلة رأس السنة.
وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد قرر خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى نطاق 3.50% – 3.75%، في خطوة أرجعها المؤيدون إلى تزايد المخاطر السلبية على سوق العمل وتراجع الضغوط التضخمية. وصوّت محافظ الاحتياطي الفيدرالي ستيفن ميران ضد القرار مطالبًا بخفض أكبر للفائدة، في حين عارض كل من رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستن جولسبي، ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي جيف شميد القرار، مفضلين تثبيت أسعار الفائدة.
وبحسب محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المنعقد يومي 9 و10 ديسمبر، يرى غالبية صناع السياسة النقدية أن مزيدًا من خفض أسعار الفائدة سيكون مناسبًا على المدى المتوسط، شريطة استمرار تراجع معدلات التضخم، مع تباين واضح في وجهات النظر بشأن توقيت وحجم هذه التخفيضات.
وعقب صدور محضر الاجتماع، تراجعت احتمالات خفض أسعار الفائدة في اجتماع يناير المقبل إلى نحو 15% فقط، وفقًا لعقود الأموال الفيدرالية وأداة CME FedWatch، ما انعكس سلبًا على حركة الذهب على المدى القصير.
ورغم الضغوط قصيرة الأجل، لا يزال الذهب يحتفظ بنظرة إيجابية على المدى المتوسط، مدعومًا بزخم صعودي لمؤشر القوة النسبية (RSI)، وهو ما يعكس استمرار شهية المستثمرين تجاه المعدن النفيس، وترقبهم لمزيد من التطورات الاقتصادية والنقدية خلال الفترة المقبلة.