- 20 سبتمبر 2025
- / 58
شهدت أسعار الفضة ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم السبت، رغم عطلة البورصات العالمية، وذلك بعد أن سجلت الأوقية مكاسب أسبوعية بلغت نحو 2.4%. جاء هذا الصعود مدفوعًا بضعف الدولار الأمريكي، وتعزز توقعات الأسواق بتبني مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سياسة نقدية أكثر تيسيرًا، إلى جانب توجه المستثمرين نحو الفضة باعتبارها ملاذًا آمنًا، خاصة مع استمرار الصعود القوي في أسعار الذهب.
ووفقًا لتقرير صادر عن مركز الملاذ الآمن للأبحاث، فقد ارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 بنحو جنيه واحد ليسجل 55 جنيهًا، فيما صعد السعر العالمي للأوقية من 42 دولارًا إلى 43 دولارًا خلال الأسبوع. وعلى المستوى المحلي، بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 نحو 69 جنيهًا، وسجل عيار 925 حوالي 64 جنيهًا، بينما استقر سعر جنيه الفضة (عيار 925) عند 512 جنيهًا.
---
صعود الفضة رغم قوة الدولار
اللافت في الارتفاع الأخير أن الفضة استطاعت تسجيل مكاسب قوية رغم ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.29% ليصل إلى 97.647، وهو ما يُعد عادةً عامل ضغط على السلع المقومة بالدولار مثل الذهب والفضة. ومع ذلك، تمكنت المعادن الثمينة من مواصلة الصعود، ما يعكس قوة الزخم الشرائي الكامن.
ومنذ بداية عام 2025، سجلت الفضة ارتفاعًا بنسبة 48.3%، لتصبح واحدة من أفضل الأصول أداءً بين المعادن النفيسة. وخلال الأسابيع الخمسة الأخيرة فقط، واصلت أسعار الذهب والفضة مسارًا صاعدًا ثابتًا، حيث ارتفع الذهب منذ 18 أغسطس بمقدار 349 دولارًا، ما يعادل 11%، بينما قفزت الفضة بنحو 5 دولارات، أي 13% خلال نفس الفترة.
هذا التباين مع استقرار الدولار نسبيًا في الفترة ذاتها يشير إلى أن العوامل المحركة للفضة والذهب تتجاوز مجرد تحركات العملة الأمريكية، وعلى رأسها توقعات السياسة النقدية للفيدرالي.
---
السياسة النقدية الأمريكية في الواجهة
العامل الأكثر تأثيرًا في أسعار المعادن الثمينة مؤخرًا يتمثل في قناعة الأسواق المتزايدة بشأن خطوات الفيدرالي القادمة. وبحسب أداة CME FedWatch، فإن المستثمرين يقدّرون احتمالية بنسبة 91.1% لخفض أسعار الفائدة في اجتماع اللجنة الفيدرالية المقبل، مع ترجيحات بنسبة 80.4% لخفض إضافي بمقدار ربع نقطة مئوية في ديسمبر.
تُشكل هذه التوقعات تحولًا مهمًا في السياسة النقدية الأمريكية، حيث إن خفض الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب والفضة، ويضعف الدولار، ويزيد من مخاوف التضخم، وهي عوامل تاريخيًا ما تصب في صالح المعادن النفيسة. وإذا ما نفذ الفيدرالي بالفعل هذه التخفيضات في أكتوبر وديسمبر، فإن البيئة ستكون مواتية لاختبار كل من الذهب والفضة لمستويات قياسية جديدة قبل نهاية العام.
---
العوامل الداعمة لارتفاع أسعار الفضة
ضعف الدولار الأمريكي رفع من جاذبية الفضة كأصل بديل.
السياسة التيسيرية للفيدرالي عززت الطلب الاستثماري على المعادن.
الطلب الصناعي القوي من قطاعات الإلكترونيات والطاقة الشمسية يدعم الأسعار.
التدفقات الاستثمارية إلى صناديق المؤشرات (ETFs) الخاصة بالفضة تعكس ثقة المستثمرين.
البحث عن ملاذات آمنة وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي عالميًا.
في المقابل، تظل هناك مخاطر محتملة قد تعرقل صعود الفضة، مثل تباطؤ الطلب الصناعي على مستوى العالم، أو أي مواقف مفاجئة متشددة من البنوك المركزية.
وفي هذا السياق، أشار بنك HSBC في تقرير حديث إلى أن التوقعات المتوسطة الأجل للفضة إيجابية، استنادًا إلى استمرار صعود الذهب، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية، وقوة الطلب الصناعي. ويتوقع محللو البنك أن يؤدي خفض الفائدة المرتقب إلى دفع أسعار الفضة لتجاوز مستوى 45 دولارًا للأوقية قبل نهاية 2025.
---
موقف الفيدرالي الأمريكي وتوقعات الاقتصاد
في اجتماعه الأخير، قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة إلى نطاق يتراوح بين 4.00 – 4.25%، مع الإشارة إلى خفض إضافي محتمل هذا العام، ومرتين أخريين في 2026، لينهي 2025 عند معدل فائدة متوقع عند 3.6%.
وأوضح الفيدرالي أن الاقتصاد الأمريكي شهد تباطؤًا في النمو خلال النصف الأول من 2025، مع تراجع وتيرة خلق الوظائف وارتفاع معدل البطالة تدريجيًا، بينما يظل التضخم أعلى من المستوى المستهدف. وتشير التقديرات إلى نمو بنحو 1.6% في 2025، و1.8% في 2026، و1.9% في 2027، مع توقع أولي لنمو 1.8% في 2028. أما التضخم، فمن المنتظر أن يغلق العام عند مستوى 3%، وأن يظل فوق هدف 2% حتى عام 2028 على الأقل.
---
بهذا، يتضح أن أسعار الفضة تستفيد من مزيج قوي من العوامل: السياسة النقدية التيسيرية، ضعف الدولار، الطلب الصناعي المتنامي، وتوجه المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، ما يجعل المعدن الأبيض في موقع مميز لتحقيق مستويات قياسية جديدة خلال الفترة المقبلة.