- 04 سبتمبر 2025
- / 1653
شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والبورصة العالمية تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الخميس، وذلك بعدما لامست الأوقية أعلى مستوى تاريخي لها، مدعومة بتصاعد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية من قِبَل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، واستمرار حالة الضبابية المتعلقة بالرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة. وجاءت هذه التطورات وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت.
أسعار الذهب في السوق المحلية والعالمية
قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المصرية تراجعت خلال تعاملات اليوم بنحو 30 جنيهًا مقارنة بإغلاق تعاملات أمس الأربعاء، حيث سجل سعر جرام الذهب عيار 21 نحو 4815 جنيهًا، في حين انخفضت الأوقية في البورصة العالمية بمقدار 21 دولارًا لتسجل مستوى 3543 دولارًا.
وسجّلت باقي الأعيرة أيضًا تراجعًا نسبيًا، حيث بلغ سعر جرام الذهب عيار 24 نحو 5503 جنيهات، وسجل عيار 18 حوالي 4127 جنيهًا، بينما وصل سعر جرام الذهب عيار 14 إلى 3210 جنيهات. وفي المقابل ارتفع سعر الجنيه الذهب ليسجل 38520 جنيهًا.
وأشار التقرير إلى أن أسعار الذهب كانت قد ارتفعت أمس الأربعاء بنحو 45 جنيهًا، إذ افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند 4800 جنيه، ولامس مستوى 4860 جنيهًا، قبل أن يغلق التعاملات عند 4845 جنيهًا. وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت الأوقية خلال نفس الجلسة بمقدار 27 دولارًا، حيث افتتحت عند 3537 دولارًا، وحققت مستوى قياسيًا جديدًا عند 3579 دولارًا، قبل أن تغلق عند 3564 دولارًا.
الذهب يحافظ على مكاسبه فوق 3500 دولار للأوقية
رغم التصحيحات السعرية الأخيرة، يواصل الذهب التماسك فوق مستوى 3500 دولار للأوقية، مدعومًا بضعف بيانات سوق العمل الأمريكية وتزايد الرهانات على خفض الفائدة. وقد تخلى المستثمرون مؤخرًا عن السندات الحكومية طويلة الأجل حول العالم، وهو ما عزز الطلب على الذهب كملاذ آمن.
بيانات سوق العمل الأمريكية وتأثيرها على أسعار الذهب
أظهرت بيانات شركة ADP المتخصصة في متابعة التوظيف بالقطاع الخاص، أن الاقتصاد الأمريكي فقد نحو 54 ألف وظيفة في أغسطس، مقارنة بتوقعات بإضافة 73 ألف وظيفة. ووصفت نيلا ريتشاردسون، كبيرة الاقتصاديين في ADP، هذه البيانات بأنها "صادمة"، مشيرة إلى أن التباطؤ جاء نتيجة ضعف ثقة المستهلكين، ونقص العمالة، إلى جانب تأثيرات الذكاء الاصطناعي والاضطرابات المرتبطة به.
هذا التقرير عزز من توقعات خفض الفائدة في اجتماع الفيدرالي الأمريكي المقرر في منتصف سبتمبر، مما ساعد الذهب على الحفاظ على مكاسبه فوق 3500 دولار رغم موجات جني الأرباح اللحظية.
دور السندات الأمريكية والدولار في حركة الذهب
أسواق السندات الأمريكية كان لها دور محوري في دعم المعدن النفيس، حيث تراجعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية بشكل طفيف. فقد هبط العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.19%، والعائد على السندات لأجل 30 عامًا إلى 4.87%، كما تراجعت عوائد السندات المحمية من التضخم إلى 1.79%.
هذا التراجع خفف من الضغوط على أسعار الذهب من خلال تقليل تكلفة الفرصة البديلة لحيازته، خاصة مع استقرار مؤشر الدولار الأمريكي عند مستوى يتجاوز 98 نقطة، بعد أن تمكن من تعويض بعض خسائره السابقة. وعلى الصعيد العالمي، أظهرت أسواق السندات في اليابان وبريطانيا حالة من الاستقرار عقب موجة ارتفاع قوية، لكن المخاوف المتعلقة بمستويات الدين العام العالمي لا تزال تدعم الذهب كملاذ آمن.
الضبابية التجارية والسياسة الأمريكية
الأسواق لم تخلُ أيضًا من حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية الأمريكية. فقد طلبت إدارة الرئيس دونالد ترامب من المحكمة العليا إلغاء حكم محكمة الاستئناف الذي قيد صلاحياته في فرض الرسوم الجمركية. وحتى صدور القرار النهائي، ستظل هذه الرسوم سارية، ما يضيف طبقة جديدة من الضبابية للأسواق ويؤثر على معنويات المستثمرين.
توقعات الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة
تتجه أنظار الأسواق إلى اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي يومي 16 و17 سبتمبر، حيث تشير أداة CME FedWatch إلى أن احتمالية خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس تصل إلى 97%.
وقد تبنى مسؤولو الفيدرالي مواقف متباينة:
كريستوفر والر دعا إلى خفض الفائدة بشكل فوري مع إمكانية تنفيذ مزيد من التخفيضات خلال الأشهر الستة المقبلة.
رافائيل بوستيك، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، أشار إلى أن خفضًا محدودًا سيكون كافيًا في المرحلة الحالية.
ألبرتو موسالم، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، أكد أن السياسة النقدية "في مكانها المناسب"، لكنه لم يستبعد التغيير إذا استمر ضعف سوق العمل.
رؤى المؤسسات الاستثمارية وتوقعات الأسعار
المؤسسات الاستثمارية الكبرى مثل جولدمان ساكس أعربت عن تفاؤلها بمستقبل الذهب، حيث توقعت وصول الأسعار إلى 3700 دولار بنهاية 2025، ثم 4000 دولار بحلول منتصف 2026، مدفوعة بموجة قوية من مشتريات البنوك المركزية.
كما أشارت بعض التقديرات إلى أن إعادة توجيه 1% فقط من استثمارات القطاع الخاص بعيدًا عن سندات الخزانة الأمريكية نحو الذهب قد تدفع الأسعار إلى الاقتراب من 5000 دولار للأوقية، خصوصًا إذا تعرضت استقلالية الفيدرالي لمزيد من الضغوط السياسية.
ترقب تقرير الوظائف غير الزراعية
تترقب الأسواق العالمية صدور تقرير الوظائف غير الزراعية (NFP) يوم الجمعة، والذي يُعد من أهم المؤشرات الاقتصادية التي يعتمد عليها الفيدرالي الأمريكي في تحديد سياساته النقدية. وأي نتائج سلبية أو أقل من التوقعات قد تمنح الذهب دفعة جديدة نحو إعادة اختبار قمته التاريخية الأخيرة عند 3579 دولارًا.
الخلاصة: الذهب بين الضغوط والدعم
يمر الذهب بمرحلة فارقة تتجاذبها قوى متعارضة. فمن جهة، تدعم توقعات خفض الفائدة وضعف بيانات سوق العمل والمخاطر الجيوسياسية استمرار الاتجاه الصاعد. ومن جهة أخرى، يفرض استقرار الدولار وجني الأرباح ضغوطًا لحظية على الأسعار. وبينما تبقى القمة التاريخية الأخيرة شاهدًا على قوة الاتجاه الصعودي، فإن مستقبل أسعار الذهب سيظل مرتبطًا بقرارات الفيدرالي الأمريكي وتطورات الاقتصاد العالمي، وسط توقعات بأن المعدن الأصفر قد يواصل صعوده في المدى المتوسط وربما يقترب من مستويات 5000 دولار إذا توافرت الظروف المناسبة.