• / 3158

 

شهدت أسعار الفضة ارتفاعًا قويًا في الأسواق المحلية والبورصة العالمية خلال تعاملات اليوم الإثنين، بعدما نجحت الأوقية في تسجيل أعلى مستوى تاريخي لها على الإطلاق، مدعومة بمزيج من العوامل الهيكلية في مقدمتها تنامي الطلبين الصناعي والاستثماري، إلى جانب استمرار العجز في المعروض العالمي، بحسب تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن».

وأوضح التقرير أن السوق المحلية سجلت ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الفضة، حيث صعدت بنحو جنيهين للجرام، ليرتفع سعر جرام الفضة عيار 800 من مستوى 86 جنيهًا إلى 88 جنيهًا، في حين سجل جرام الفضة عيار 925 نحو 102 جنيه، وبلغ سعر جرام الفضة عيار 999 قرابة 110 جنيهات، بينما استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 816 جنيهًا.

وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت أسعار الفضة في البورصات العالمية، حيث صعدت الأوقية بنحو 3 دولارات دفعة واحدة، لتسجل حوالي 70 دولارًا، وهو أعلى مستوى تاريخي تصل إليه الفضة على الإطلاق، في ظل استمرار القيود على المعروض العالمي منذ عدة سنوات، بالتزامن مع تسارع وتيرة الطلب الصناعي والاستثماري منذ بداية العام الجاري.

وأشار مركز «الملاذ الآمن» إلى أن الفضة حققت مكاسب قوية تجاوزت 141% منذ مطلع عام 2025، لتتفوق بفارق ملحوظ على الذهب الذي ارتفع بنحو 69% خلال نفس الفترة، رغم أن الذهب يمر بأحد أقوى أعوامه منذ عام 1979، وذلك ضمن موجة صعود واسعة شملت مختلف المعادن النفيسة، مدفوعة بتحولات جوهرية في السياسات النقدية والاقتصاد العالمي.

وأضاف التقرير أن هذا الأداء القوي لأسعار الفضة جاء مدعومًا بتزايد توقعات الأسواق بإقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة مرتين خلال عام 2026، في ظل مؤشرات واضحة على تراجع الضغوط التضخمية، إلى جانب ضعف نسبي في سوق العمل الأمريكي. ويسهم انخفاض أسعار الفائدة في تقليص تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد، ما يوفر دعمًا هيكليًا قويًا للمعادن النفيسة، وعلى رأسها الفضة.

كما شكّل ضعف الدولار الأمريكي عامل دعم إضافي لأسعار الفضة، إذ يؤدي تراجع العملة الأمريكية إلى تعزيز جاذبية المعدن الأبيض للمستثمرين من حائزي العملات الأخرى. ويتداول مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من العملات الرئيسية، قرب مستوى 98.35 نقطة، مسجلًا تراجعًا طفيفًا بعد أن بلغ أعلى مستوياته في أسبوع بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي، الأمر الذي عزز الزخم الصعودي لأسعار الفضة المدعومة أصلًا بطلب استثماري قوي.

وفي السياق ذاته، عززت تصريحات كريستوفر والر، محافظ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والمرشح الأبرز لرئاسة المجلس، من توجهات الأسواق الداعمة للمعادن النفيسة، بعدما دعا إلى خفض تكاليف الاقتراض بما يصل إلى نقطة مئوية كاملة. وحذر والر من تباطؤ نمو الوظائف واقترابه من الصفر، مؤكدًا ضرورة تبني خفض مدروس لأسعار الفائدة لدعم سوق العمل دون التسرع، في ظل استمرار بعض الضغوط التضخمية، ما عزز توقعات استمرار السياسة النقدية التيسيرية خلال الفترة المقبلة.

وفي ضوء هذه التطورات، رجّح محللون في أسواق المعادن النفيسة أن تتجه أسعار الفضة إلى مستوى 75 دولارًا للأوقية أو أكثر على المدى القريب، مع احتمالات قوية بتجاوز مستوى 100 دولار خلال العام المقبل، مدعومة بالتوسع الكبير في مشروعات الطاقة المتجددة، وزيادة إنتاج السيارات الكهربائية، إلى جانب الطلب المتنامي من مراكز الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، التي تعتمد بشكل متزايد على الفضة في التطبيقات التكنولوجية المتقدمة.

وعلى جانب المعروض، لا تزال التحديات قائمة، إذ تؤدي اضطرابات قطاع التعدين وتراجع المخزونات العالمية إلى دفع سوق الفضة نحو عجز كبير ومستمر. وتشير تقديرات المكتب العالمي لإحصاءات المعادن إلى أن عام 2025 سيكون العام الخامس على التوالي الذي يشهد نقصًا في المعروض العالمي من الفضة، مع تراجع الإنتاج بنحو 3% سنويًا، نتيجة انخفاض تركيز الخامات وقلة المشروعات التعدينية الجديدة. كما توقع معهد الفضة العالمي أن ينمو المعروض العالمي بنسبة لا تتجاوز 2%، وهو ما يُبقي حجم العجز قريبًا من 20%.

وأوضح مركز «الملاذ الآمن» أن أسعار الفضة تحظى بدعم قوي من انخفاض المخزونات العالمية، إلى جانب الطلب المتزايد من قطاعات الطاقة الشمسية، والسيارات الكهربائية، ومراكز البيانات، مشيرًا إلى أن الأسعار أنهت عام 2025 عند مستويات قياسية غير مسبوقة، مع توقعات باستمرار العجز السنوي في المعروض للعام الخامس على التوالي، الأمر الذي يرجّح بقاء الضغوط الصعودية على الأسعار حتى عام 2026.

وعلى الصعيد الجيوسياسي، أشار التقرير إلى أن المخاطر العالمية لا تزال مرتفعة، ما يدفع المستثمرين إلى التحوط واللجوء إلى الأصول الآمنة. فقد أعادت التوترات المتجددة بين إيران وإسرائيل مخاوف التصعيد الإقليمي، في حين تسهم التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وفنزويلا، لا سيما فيما يتعلق بصادرات النفط، في تعميق حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية. وفي الوقت ذاته، تتقدم الجهود الدبلوماسية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا بوتيرة بطيئة دون تحقيق اختراق حاسم.

ومع اقتراب نهاية العام، قد يؤدي تراجع مستويات السيولة في الأسواق إلى فترات من التماسك أو جني أرباح محدود عقب موجة الارتفاع الأخيرة، إلا أن التقرير أشار إلى أن البيانات الاقتصادية الأمريكية المنتظر صدورها، بما في ذلك متوسط التغير في التوظيف وفق مؤشر ADP، والتقرير الأولي للناتج المحلي الإجمالي، وطلبات السلع المعمرة، وبيانات الإنتاج الصناعي، ومؤشر ثقة المستهلك، قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد الاتجاهات قصيرة الأجل لأسعار الفضة.

وبصفة عامة، أكد مركز «الملاذ الآمن» أن الاتجاه الأساسي لأسعار الفضة لا يزال إيجابيًا، طالما استمرت التوقعات بسياسة نقدية توسعية، واستمر ضعف الدولار الأمريكي، وتصاعدت المخاطر الجيوسياسية، رغم احتمالات حدوث تهدئة مؤقتة أو تصحيح محدود بعد تسجيل مستويات قياسية جديدة.