- 21 ديسمبر 2025
- / 2760
شهدت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية موجة صعود قوية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، مدفوعة بتراجع المخزونات العالمية وتجدد المخاوف المتعلقة بنقص المعروض، إلى جانب تنامي الطلب الاستثماري والصناعي على المعدن الأبيض. ووفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن»، حققت الفضة مكاسب ملحوظة بلغت نحو 7.5% في السوق المحلية، في حين ارتفعت أسعار الأوقية في البورصات العالمية بنسبة 8.2% خلال نفس الفترة.
وعلى مستوى السوق المحلية، سجلت أسعار الفضة ارتفاعًا قدره نحو 5.5 جنيهات، حيث قفز سعر جرام الفضة عيار 800 من 80 جنيهًا إلى 86 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام عيار 925 نحو 100 جنيه، وسجل جرام عيار 999 قرابة 107 جنيهات، في حين استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 800 جنيه.
أما على الصعيد العالمي، فقد شهدت أسعار الفضة قفزة قوية، إذ ارتفعت الأوقية بنحو 5.10 دولارات، لتغلق التعاملات عند مستوى 67.10 دولارًا، مقارنة بسعر افتتاح بلغ 62 دولارًا للأوقية، وهو ما يعكس قوة الزخم الصعودي في الأسواق الدولية.
وأوضح تقرير «الملاذ الآمن» أن أسعار الفضة سجلت أعلى مستوياتها التاريخية، مدفوعة بمزيج استثنائي يجمع بين قيود المعروض الممتدة منذ عدة سنوات، واستمرار قوة الطلب الصناعي والاستثماري منذ بداية العام الجاري. وأشار التقرير إلى أن مكاسب الفضة منذ مطلع عام 2025 تجاوزت 131%، متفوقة بفارق كبير على أداء الذهب، الذي ارتفع بنحو 65% خلال أحد أقوى أعوامه منذ عام 1979.
وجاء هذا الأداء القوي في ظل صعود واسع النطاق في أسعار المعادن النفيسة، مدعومًا بتزايد توقعات الأسواق بشأن اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة مرتين خلال عام 2026. وقد عززت هذه التوقعات تصريحات كريستوفر والر، محافظ الاحتياطي الفيدرالي والمرشح الأبرز لرئاسة المجلس، والذي أكد ضرورة خفض تكاليف الاقتراض بما يصل إلى نقطة مئوية كاملة، محذرًا من تباطؤ نمو الوظائف واقترابه من الصفر. كما دعا إلى خفض مدروس لأسعار الفائدة بهدف دعم سوق العمل، مع عدم التسرع في اتخاذ القرار في ظل استمرار الضغوط التضخمية.
ورغم التوقعات الإيجابية باستمرار قوة سوق الفضة خلال عام 2026، مدعومة بالطلب الصناعي المتزايد وتراجع الإمدادات، استبعد تقرير «الملاذ الآمن» تكرار المكاسب القياسية التي حققها المعدن الأبيض خلال عام 2025. ومع ذلك، يرجّح محللون أن تتجه أسعار الفضة إلى مستوى 75 دولارًا للأوقية أو أعلى، مع إمكانية تجاوز حاجز 100 دولار خلال العام المقبل، بدعم من النمو المتسارع في قطاع الطاقة المتجددة، وزيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية، وارتفاع الطلب من مراكز الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.
وعلى جانب العرض، أشار التقرير إلى أن اضطرابات قطاع التعدين وتراجع المخزونات العالمية يواصلان دفع سوق الفضة نحو عجز هيكلي كبير. وتشير تقديرات المكتب العالمي لإحصاءات المعادن إلى أن عام 2025 سيكون العام الخامس على التوالي الذي يشهد نقصًا في المعروض، مع تراجع الإنتاج بنحو 3% سنويًا، نتيجة انخفاض تركيز الخامات وقلة المشروعات الجديدة. كما توقع معهد الفضة العالمي نمو المعروض بنسبة لا تتجاوز 2%، وهو ما يُبقي العجز في السوق قرب مستوى 20%.
وأكد التقرير أن بيانات سوق العمل الأمريكية لشهر نوفمبر أظهرت تباطؤًا واضحًا في وتيرة التوظيف، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 4.6%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2021. ورغم تسجيل الوظائف الجديدة مستويات أعلى من التوقعات، فإنها لم تعوض التراجع الحاد الذي شهده شهر أكتوبر، الأمر الذي زاد من حالة ترقب الأسواق لبيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي، باعتبارها عاملًا حاسمًا في تحديد مسار التضخم واتجاهات السياسة النقدية الأمريكية.
وأشار مركز «الملاذ الآمن» إلى أن الفضة تحظى بدعم قوي من انخفاض المخزونات العالمية، إلى جانب الطلب المتنامي من قطاعات الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية ومراكز البيانات. كما لفت إلى أن الأسعار سجلت مستويات قياسية بنهاية عام 2025، مع توقعات باستمرار العجز السنوي في المعروض للعام الخامس على التوالي، وهو ما يرجح بقاء الضغوط الصعودية على الأسعار حتى عام 2026.
وعلى الصعيد الاستثماري، أبرز التقرير الدور المتزايد للعوامل الفنية وزخم المضاربات في دعم أسعار الفضة، إلى جانب التدفقات القوية إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة. ووفقًا لتقارير مصرفية، ارتفعت تكلفة تأجير الفضة إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2002، في إشارة واضحة إلى ضيق المعروض المتاح للصناعات، رغم ما يبدو من وفرة شكلية في مخزونات بورصة «كومكس».
وفي هذا السياق، توقّع دويتشه بنك ارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة إلى نحو 1.1 مليار أوقية بحلول نهاية عام 2026، متجاوزة أعلى مستوى تاريخي سابق. كما أشار تقرير منفصل إلى تدفقات بنحو 130 مليون أوقية إلى هذه الصناديق خلال عام 2025، لترتفع إجمالي الحيازات إلى قرابة 844 مليون أوقية.
وخلص تقرير «الملاذ الآمن» إلى أن الجمع بين الدورين الصناعي والاستثماري للفضة عزز من جاذبيتها داخل المحافظ الاستثمارية، لا سيما في ظل توقعات تيسير السياسة النقدية على المستوى العالمي واستمرار ضعف الدولار الأمريكي، وهو ما أدى إلى خفض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد، ورسّخ مكانة الفضة كأداة تحوط وتنويع رئيسية خلال المرحلة المقبلة.