• / 1403

 

 

سجلت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية ارتفاعات قوية خلال تعاملات اليوم الأربعاء، لتصل الأوقية إلى أعلى مستوى في تاريخها، مدفوعة بتزايد الطلبين الصناعي والاستثماري، بالتزامن مع استمرار نقص المعروض العالمي، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن».

 

وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية واصلت صعودها بشكل ملحوظ، حيث ارتفع سعر جرام الفضة بنحو 5 جنيهات مقارنة بمستوياته السابقة، ليسجل جرام الفضة عيار 800 مستوى 85 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام الفضة عيار 925 نحو 98 جنيهًا، في حين سجل جرام الفضة عيار 999 قرابة 106 جنيهات. واستقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 784 جنيهًا في السوق المحلية.

 

وعلى الصعيد العالمي، قفزت أسعار الفضة بنحو 5 دولارات للأوقية، لتسجل مستوى 67 دولارًا، وهو أعلى مستوى تاريخي يبلغه المعدن الأبيض في أسواق السلع العالمية.

 

وأشار تقرير مركز «الملاذ الآمن» إلى أن الفضة حققت مستويات غير مسبوقة في البورصات العالمية، مدفوعة بمزيج نادر من استمرار قيود العرض من جهة، وقوة الطلب الصناعي والاستثماري من جهة أخرى، وهو ما دعم الاتجاه الصاعد للأسعار منذ بداية العام الجاري.

 

ووفقًا للتقرير، واصلت الفضة تحقيق مكاسب قوية تجاوزت 131% منذ بداية العام، متفوقة بفارق واسع على أداء الذهب، الذي سجل ارتفاعًا بنحو 60% فقط، رغم أن عام 2025 يُعد من أكثر الأعوام ربحية للمعدن الأصفر منذ عام 1979.

 

محدودية المعروض تدفع أسعار الفضة إلى الصعود

 

وأرجع التقرير الارتفاع الحاد في أسعار الفضة إلى استمرار العجز في المعروض العالمي، بالتوازي مع النمو القوي في الطلب، حيث تشير التقديرات العالمية إلى أن عام 2025 سيكون العام الخامس على التوالي الذي يشهد نقصًا في إمدادات الفضة.

 

وأوضح أن الإنتاج المستخرج من المناجم تراجع بنحو 3% على أساس سنوي، نتيجة انخفاض تركيز الخامات وقلة المشروعات التعدينية الجديدة، وهو ما يحد من قدرة قطاع التعدين على زيادة الإنتاج في الأجل القصير، وفقًا لبيانات المكتب العالمي لإحصاءات المعادن.

 

كما توقع معهد الفضة العالمي في تقرير سابق أن ينمو المعروض العالمي بنسبة 2% فقط خلال عام 2025، وهو ما يُبقي فجوة العجز عند مستويات مرتفعة تقترب من 20%، ما يشكل عامل دعم رئيسي لاستمرار الضغوط الصعودية على الأسعار.

 

وعلى جانب الطلب، لا تزال الفضة عنصرًا أساسيًا في العديد من الاستخدامات الصناعية، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة، والإلكترونيات، وصناعة الخلايا الشمسية، حيث أسهم التوسع في مشروعات إزالة الكربون والتحول الرقمي عالميًا في زيادة استهلاك الفضة، وهو ما عزز أداءها مقارنة ببقية السلع والمعادن.

 

وأشار التقرير إلى أن الجمع بين الدور الصناعي والاستثماري للفضة أسهم في تعزيز جاذبيتها لدى المستثمرين، لا سيما مع تنامي التدفقات إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة. كما أدت التوقعات المتزايدة بشأن تخفيف السياسة النقدية العالمية، واحتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال عام 2026، إلى تقليص تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد، ما عزز اهتمام المحافظ الاستثمارية والمؤسسات المالية بالفضة كأداة للتحوط وتنويع الاستثمارات.

 

زخم داعم من أسواق المعادن النفيسة

 

وفي السياق ذاته، شهدت أسواق المعادن النفيسة الأخرى أداءً قويًا، حيث اقتربت أسعار الذهب من أعلى مستوياتها القياسية، متداولة قرب 4322 دولارًا للأوقية، مدعومة ببيانات البطالة الأمريكية لشهر نوفمبر، التي عززت الرهانات على توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو تخفيف السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة.

 

تقلبات مرتفعة رغم الاتجاه الصاعد

 

ورغم الأداء القوي الذي تشهده الفضة، أشار التقرير إلى أنها لا تزال من أكثر المعادن النفيسة عرضة للتقلبات السعرية، نظرًا لحساسيتها العالية تجاه المتغيرات الصناعية والاستثمارية.

 

ولفت إلى تقرير صادر عن بنك ING الهولندي، أكد أن صغر حجم القيمة السوقية للفضة مقارنة بالذهب يجعل تحركاتها السعرية أكثر حدة، سواء صعودًا أو هبوطًا، ما يزيد من مستويات التذبذب في فترات قصيرة.

 

وحذر البنك من أن المخاطر الرئيسية التي قد تواجه آفاق الفضة مستقبلاً تأتي من الجانب الصناعي، إذ إن حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي أعمق من المتوقع قد يؤدي إلى تراجع وتيرة الطلب الصناعي، رغم أن الأسعار لا تزال مدعومة حاليًا بقوة الطلب، ومحدودية نمو المعروض، وتحسن البيئة الاقتصادية الكلية نسبيًا.

 

تطورات المخزونات وتدفقات صناديق الاستثمار

 

وفيما يتعلق بالمخزونات، أظهرت البيانات ارتفاع مخزونات الفضة في بورصة لندن بنحو 1447 طنًا منذ بداية العام، كما ارتفعت مخزونات بورصة كومكس بنحو 4311 طنًا، مع تمركز النسبة الأكبر من المخزون العالمي في لندن.

 

وأشارت البيانات إلى أن نحو 78% من حيازات الفضة في خزائن جمعية سوق لندن للمعادن الثمينة مدعومة بصناديق المؤشرات المتداولة، مقارنة بنسبة 65% في نوفمبر 2024، ما يعكس الدور المتزايد للاستثمار المؤسسي في دعم السوق.

 

كما سجلت صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة تدفقات قوية، حيث ارتفعت مقتنياتها بنحو 487 طنًا خلال شهر نوفمبر، وبأكثر من 475 طنًا منذ بداية ديسمبر، في إشارة واضحة إلى دخول مؤسسي واسع النطاق إلى سوق الفضة.

 

ورغم ذلك، أشار التقرير إلى أن زيادة الكميات المتاحة في بورصة لندن قد تعكس تحسنًا تدريجيًا في أوضاع السوق، إلا أن هذا التحسن لا يزال غير كافٍ لإنهاء فجوة العجز القائمة.

 

توقعات استمرار الاتجاه الصاعد

 

وتوقع بنك ستاندرد تشارترد أن تظل الفضة مؤهلة لتحقيق مزيد من الارتفاعات خلال الفترة المقبلة، مع احتمالات استمرار التقلبات على المدى القصير، في ظل بحث السوق عن مستويات توازن جديدة عقب الارتفاعات الحادة الأخيرة.

 

كما رجحت تقديرات معهد الفضة العالمي استمرار عجز المعروض للعام الخامس على التوالي خلال 2025، وهو ما يعزز الضغوط السعرية الصاعدة على المدى المتوسط والطويل، بدعم من توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية، وضعف الدولار نسبيًا، واستمرار تدفقات المستثمرين نحو أدوات الاستثمار المدعومة بالفضة.

 

ورغم الأداء الاستثنائي للفضة، تشير بعض التقديرات إلى احتمال تباطؤ الطلب الصناعي في حال تراجع وتيرة النمو الاقتصادي العالمي، إلا أن قوة الطلب الاستثماري لا تزال كافية للحفاظ على مستويات الأسعار المرتفعة، والحد من أي تراجعات حادة محتملة خلال الفترة المقبلة.