• / 4744

سجّلت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية ارتفاعًا طفيفًا خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، وسط حالة ترقّب ملحوظة لقرارات السياسة النقدية الأمريكية. وتأتي هذه التحركات بالتزامن مع اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هذا الأسبوع، وهو الاجتماع الذي ينتظره المستثمرون لتحديد اتجاه أسعار الفائدة، بحسب تقرير منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.

 

ووفقًا للتقرير، فإن حالة الحذر ما تزال مسيطرة على المتعاملين في الأسواق قبيل صدور القرارات المرتقبة، مع تنامي التوقعات بأن الفيدرالي الأمريكي يقترب من مرحلة جديدة من خفض تكاليف الاقتراض، وهو ما ينعكس بصورة مباشرة على حركة الدولار والذهب.

 

ارتفاعات جديدة في الأسعار المحلية والعالمية

 

قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت اليوم بنحو 15 جنيهًا، ليرتفع سعر جرام الذهب عيار 21 — وهو الأكثر تداولًا — إلى 5620 جنيهًا. كما صعدت الأوقية في البورصة العالمية بنحو 12 دولارًا لتسجل 4203 دولارات.

 

وأشار إمبابي إلى أن سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ 6423 جنيهًا، بينما سجّل عيار 18 نحو 4817 جنيهًا، في حين استقر سعر الجنيه الذهب عند 44,960 جنيهًا.

 

تحركات أسعار الذهب في جلسة أمس

 

وذكر التقرير أن الذهب كان قد شهد تراجعًا طفيفًا أمس الاثنين بقيمة 10 جنيهات، إذ افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند 5615 جنيهًا واختتمها عند 5605 جنيهات. كما تراجعت الأوقية عالميًا بنحو 8 دولارات لتغلق عند 4191 دولارًا بعدما افتتحت عند 4199 دولارًا.

 

ترقّب نتائج اجتماع الفيدرالي وتأثيرها على الذهب

 

تُواصل أسعار الذهب حالة التذبذب مع اقتراب صدور نتائج اجتماع الفيدرالي الأمريكي اليوم وغدًا الأربعاء. وتزداد الرهانات في الأسواق العالمية على خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وهو ما قد يغير ملامح السياسة النقدية في الفترة المقبلة.

 

وتتابع الأسواق بدقة التحديثات المتعلقة بالتوقعات الاقتصادية، ومخطط النقاط (Dot Plot)، بالإضافة إلى المؤتمر الصحفي المرتقب لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بحثًا عن أي إشارات قد توضّح وتيرة خفض الفائدة المستقبلي، لا سيما أن هذه السياسات تُعد من أبرز المؤثرات على أسعار الذهب باعتباره أصلًا غير ذي عائد.

 

الدولار يحاول التعافي… والذهب يستفيد من التوترات الجيوسياسية

 

ورغم توقعات خفض الفائدة التي تضغط عادة على الدولار، إلا أن العملة الأمريكية تحاول التعافي من أدنى مستوياتها منذ أكتوبر الماضي، مدعومة بتقديرات تشير إلى احتمال اتخاذ الفيدرالي خطوات تدريجية نحو خفض تكاليف الاقتراض خلال عامي 2025 و2026.

 

وفي المقابل، يواصل الذهب الاستفادة من التوترات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب الروسية – الأوكرانية، إذ تزيد هذه الظروف من جاذبية الذهب كملاذ آمن يحمي المستثمرين من المخاطر، ما يحدّ من خسائره في فترات تذبذب الدولار.

 

بيانات اقتصادية مؤثرة في المشهد

 

أوضح التقرير أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأمريكي (PCE)، الذي صدر يوم الجمعة الماضية، لم يُحدث تأثيرًا جوهريًا على توقعات التيسير النقدي. وتشير التقديرات إلى أن الأسواق تُسعّر بالفعل خفضًا للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع نهاية اجتماع الغد بنسبة تتجاوز 85%.

 

وينتظر المستثمرون اليوم صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية الأمريكية المهمة، من بينها تقرير ADP للتغير في التوظيف، وبيانات الوظائف الشاغرة JOLTS، نظرًا لدورها المباشر في تشكيل رؤية الفيدرالي حول سوق العمل والتضخم.

 

أداء قياسي للذهب في 2025… والتساؤل الأكبر: هل يستمر الزخم في 2026؟

 

ارتفع الذهب بأكثر من 60% خلال عام 2025، مدفوعًا بمزيج من العوامل، أبرزها التوترات الجيوسياسية وتخفيضات أسعار الفائدة وعمليات الشراء الضخمة من البنوك المركزية. وسجّل المعدن الأصفر خلال العام أكثر من 50 مستوى قياسيًا جديدًا، ليقترب من تحقيق أفضل أداء سنوي منذ عام 1979.

 

ويتساءل المستثمرون عما إذا كان الذهب قادرًا على الحفاظ على هذا الصعود القوي خلال 2026، خاصة في ظل تغير ملامح الاقتصاد العالمي والدولار الأمريكي، وتزايد توقعات خفض الفائدة.

 

محركات الأداء: أربعة عوامل أساسية دفعت الذهب للصعود

 

أشار تقرير مجلس الذهب العالمي إلى أن أداء الذهب في 2025 لم يعتمد على عامل واحد كما في السنوات السابقة، بل جاء نتيجة تضافر عدة محركات رئيسية، هي:

 

استمرار مشتريات البنوك المركزية بكثافة

 

تصاعد التوترات الجيوسياسية

 

تراجع أسعار الفائدة

 

ضعف الدولار

 

 

وقد أسهمت هذه العوامل في الأداء السنوي للذهب بنسب متفاوتة:

 

التوترات الجيوسياسية: 12 نقطة مئوية

 

ضعف الدولار وتراجع الفائدة: 10 نقاط مئوية

 

الزخم الاستثماري: 9 نقاط مئوية

 

التوسع الاقتصادي: 10 نقاط مئوية

 

 

كما حافظت البنوك المركزية على مشتريات مرتفعة من الذهب، ما أبقى الطلب الرسمي فوق مستوى ما قبل الجائحة.

 

توقعات 2026: سيناريو رئيسي وثلاثة سيناريوهات بديلة

 

يتوقع مجلس الذهب العالمي أن تستمر معظم العوامل الداعمة لارتفاع الذهب خلال 2025 في عام 2026، لكن مع اختلاف نقطة البداية، إذ أخذت الأسعار بالفعل جانبًا من التوقعات المتعلقة بالنمو العالمي واستقرار الدولار وتخفيضات الفائدة.

 

وفي السيناريو الأساسي، يُرجح المجلس تداول الذهب ضمن نطاق ضيق بين –5% و +5% خلال العام 2026.

 

إلا أنه طرح ثلاثة سيناريوهات بديلة قد تغيّر اتجاه الأسعار:

 

1. انزلاق اقتصادي سطحي: ارتفاع بين 5% و15% مع زيادة الإقبال على الأصول الدفاعية.

 

 

2. تراجع اقتصادي أعمق: ارتفاع بين 15% و30% بفضل التيسير النقدي القوي وتدفقات الملاذات الآمنة.

 

 

3. تعافٍ اقتصادي يقوده ترامب: تراجع الذهب بين 5% و20% نتيجة ارتفاع الدولار والعوائد وضعف الطلب الرسمي.

 

 

 

رؤى البنوك العالمية: توقعات أكثر تفاؤلًا

 

تبدو البنوك الاستثمارية العالمية أكثر تفاؤلًا مقارنة بتوقعات مجلس الذهب العالمي. إذ تشير توقعاتها إلى نطاقات سعرية مرتفعة للأونصة خلال 2026:

 

جي بي مورجان: بين 5200 و5300 دولار

 

جولدمان ساكس: نحو 4900 دولار

 

دويتشه بنك: بين 3950 و4950 دولارًا (متوسط 4450 دولارًا)

 

مورجان ستانلي: قرب 4500 دولار، رغم تحذيره من تقلبات قصيرة المدى

 

 

ويستند التفاؤل إلى استمرار مشتريات البنوك المركزية، خصوصًا لدى الاقتصادات الناشئة، إضافة إلى ضعف الاستثمار المؤسسي نسبيًا في الذهب، ما يمنح المعدن مساحة للصعود، خاصة مع احتمالات انخفاض العائدات الحقيقية خلال العام المقبل.

 

مخاطر الهبوط المحتملة

 

ورغم التفاؤل المنتشر، يحذر الخبراء من وجود مخاطر هبوط قد تؤثر على أسعار الذهب، من بينها:

 

تعافٍ اقتصادي أمريكي يفوق التوقعات

 

عودة الضغوط التضخمية

 

تأجيل الفيدرالي لخفض الفائدة أو رفعها مجددًا

 

قوة الدولار

 

تباطؤ تدفقات صناديق الاستثمار

 

تراجع مشتريات البنوك المركزية

 

ارتفاع وتيرة إعادة التدوير في دول مثل الهند

 

 

وقد يؤدي أي من هذه العوامل إلى زيادة المعروض أو تقليص الطلب، ما يشكل ضغطًا على الأسعار.

 

الذهب يدخل 2026 من موقع قوة

 

وعلى الرغم من أن تكرار ارتفاع الذهب بنسبة 60% كما في 2025 يبدو غير محتمل، إلا أن المعدن الأصفر يبدأ عام 2026 من موقع متين، بفضل استمرار أهم العوامل الداعمة له، مثل عدم اليقين الاقتصادي العالمي، وتوجه البنوك المركزية نحو تنويع احتياطياتها، وزيادة الاعتماد على الذهب كأداة تحوط ضد التقلبات والأزمات.

 

وفي عالم يزداد اضطرابًا، يواصل الذهب أداء دوره التاريخي كـ"مرساة استراتيجية" لحماية الثروات، ليس فقط باعتباره مصدرًا للعائد، بل كأحد أهم خيارات التحوط والاستقرار المالي.