• / 56

واصلت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية تسجيل مكاسب ملحوظة خلال تعاملات الأسبوع الماضي، إذ ارتفعت في السوق المحلية بنسبة تقارب 3.5%، بينما صعدت الأوقية عالميًا بنحو 6.3%، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن». ويأتي هذا الصعود وسط حالة من الضبابية الاقتصادية عالميًا وتزايد توقعات الأسواق باتجاه السياسة النقدية الأمريكية نحو تشديد محدود خلال الفترة المقبلة.

 

تحركات أسعار الفضة محليًا

 

أوضح التقرير أن أسعار جرام الفضة شهدت زيادات متفاوتة خلال الأسبوع، حيث ارتفع جرام الفضة عيار 800 من 65 جنيهًا إلى 67.25 جنيهًا، بينما بلغ عيار 925 نحو 78 جنيهًا، ووصل العيار 999 إلى حوالي 84 جنيهًا. كما استقر سعر جنيه الفضة عند 624 جنيهًا دون تغيّر يُذكر.

 

الأوقية عالميًا تسجّل ارتفاعًا قويًا

 

عالميًا، صعدت أوقية الفضة بنحو 3 دولارات، إذ افتتحت تداولات الأسبوع عند 48 دولارًا للأوقية قبل أن تختتم عند 51 دولارًا، مدفوعة بتزايد توقعات التيسير النقدي الأمريكي وتراجع مؤشرات الأداء الاقتصادي.

 

ضبابية اقتصادية تعيد الفضة لدورها كملاذ آمن

 

شهد الأسبوع موجة شراء قوية للفضة في الأسواق العالمية مع تراجع بيانات النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، ما أعاد للمعدن قوته كأصل ملاذ آمن، خاصة في ظل الاضطراب الذي لحق بالبيانات الاقتصادية الأمريكية عقب إعادة فتح الحكومة الفيدرالية.

 

وتسود حالة من عدم اليقين في المشهد الاقتصادي الكلي؛ إذ تشير المؤشرات الأولية لشهر أكتوبر إلى تباطؤ في سوق العمل وتراجع ملحوظ في ثقة المستهلك، بالتزامن مع استمرار الضغوط التضخمية، ما يزيد من إقبال المستثمرين على الأصول الدفاعية مثل الفضة.

 

بيانات اقتصادية غير مكتملة تزيد الضبابية

 

حذّر كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني الأمريكي، من أن بيانات شهر أكتوبر «قد لا تكون مكتملة» بسبب توقف عمليات جمع البيانات خلال فترة الإغلاق الحكومي، وهو ما يعقّد تقييم قوة الاقتصاد الأمريكي ويعزز من توجه المستثمرين نحو المعادن النفيسة.

 

تراجع توقعات خفض الفائدة الأمريكية

 

على صعيد السياسة النقدية، تراجعت احتمالات خفض الفائدة خلال اجتماع ديسمبر المقبل، بعد تصريحات حذرة من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي. وتشير أداة CME FedWatch إلى انخفاض توقعات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 50% بدلًا من 70% الأسبوع السابق.

 

وأكد ألبرتو موساليم، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، أن قدرة الفيدرالي على التيسير النقدي باتت محدودة، فيما شدد نيل كاشكاري، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، على أن معدلات التضخم لا تزال مرتفعة عند حدود 3%.

 

توقعات الطلب الصناعي تلعب دورًا في مسار الفضة

 

ورغم هذا الزخم الصعودي، أشار التقرير إلى أن استمرار الفضة في الحفاظ على مستوياتها الحالية مرهون بمدى قوة الطلب الصناعي وتوازن العرض العالمي. وتشير بعض التحليلات إلى احتمال تباطؤ في الطلب الصناعي العالمي، ما قد يحد من استمرار الصعود القوي للمعدن خلال المدى القريب.

 

وبحسب The Silver Institute، يواصل سوق الفضة تسجيل عجز في المعروض للعام الخامس على التوالي، وهو عامل دعم قوي لحركة الأسعار على المدى الطويل. كما تشير تحليلات «جولدمان ساكس» إلى أن الفضة أكثر تقلبًا من الذهب نظرًا لارتباطها الوثيق بالقطاع الصناعي.

 

تحركات قوية تقترب من أعلى مستوى خلال أسابيع

 

وبحسب تحليل صادر عن كارستن فريتش من «كومرتس بنك»، فقد اقتربت أسعار الفضة يوم الخميس الماضي من مستوى 55 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى حققته خلال الأسابيع الأربعة الماضية. إلا أن الأسعار تعرضت لاحقًا لتصحيح هبوطي بفعل تراجع أسعار الذهب وإدراك الأسواق بأن موجة الصعود السابقة كانت مبالغًا فيها، خصوصًا بعد هبوط نسبة الذهب إلى الفضة إلى أقل من 78، وهو مستوى يقارب أدنى قراءة سنوية منتصف أكتوبر.

 

قطاع الطاقة يمنح الفضة دفعة إضافية

 

دعمت توقعات وكالة الطاقة الدولية الآفاق الإيجابية للفضة، إذ تشير التقديرات إلى ارتفاع كبير في الطلب على الكهرباء خلال العقد المقبل، ما يعزز من دور الفضة في الصناعات المرتبطة بالطاقة والنقل الكهربائي. وتشير بيانات معهد الفضة إلى أن التطبيقات الكهربائية والإلكترونية تُشكّل نحو 70% من إجمالي الطلب الصناعي على المعدن.

 

تطورات على جانب العرض تزيد زخم الأسعار

 

من جهة أخرى، مثّل قرار وزارة الداخلية الأمريكية بإدراج الفضة — إلى جانب النحاس والفحم المعدني — ضمن قائمة «المعادن الأساسية» تطورًا مهمًا، خاصة أنه قد يفتح الباب أمام تحقيقات تجارية جديدة بموجب المادة 232، وهي إجراءات غالبًا ما ترتبط بفرض رسوم جمركية قد تزيد من الضغوط على جانب العرض.

 

توقعات إيجابية للمدى القصير

 

وفي المجمل، تظل النظرة العامة للفضة إيجابية على المدى القصير، مدعومة بمزيج من الضبابية الاقتصادية، وتذبذب البيانات الأمريكية، وتقلبات العرض العالمي. ومع ذلك، سيظل الاتجاه المقبل للفضة مرتبطًا بشكل كبير بمسار توقعات خفض الفائدة الأمريكية خلال الأسابيع المقبلة، ومدى استجابة الطلب الصناعي للتحولات الاقتصادية العالمية.