- 11 نوفمبر 2025
- / 39
سجّلت أسعار الفضة ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، مدفوعة بتزايد التوقعات حول اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو مواصلة سياسة التيسير النقدي خلال اجتماعه المرتقب في ديسمبر المقبل، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن».
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية شهدت صعودًا واضحًا، حيث ارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 من 65 إلى 68 جنيهًا، بينما سجّل جرام الفضة عيار 925 حوالي 79 جنيهًا، ووصل سعر جرام الفضة عيار 999 إلى نحو 85 جنيهًا، في حين استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 632 جنيهًا.
وعلى الصعيد العالمي، واصلت الفضة مكاسبها لليوم الثالث على التوالي، بعدما ارتفع سعر الأوقية من 48 إلى 51 دولارًا، بعد أن كانت قد لامست في منتصف أكتوبر مستوى 55 دولارًا — وهو أعلى مستوى تسجله الفضة منذ أكثر من أربعة عقود — مما يعزز الاتجاه الصعودي للمعدن الأبيض بدعم من توقعات خفض أسعار الفائدة.
وتظهر بيانات مؤشر CME FedWatch أن الأسواق باتت تسعّر احتمالية تتجاوز 60% لخفض جديد في أسعار الفائدة الأمريكية، وهو ما يعزّز جاذبية الأصول غير المدرة للعائد مثل الفضة والمعادن الثمينة الأخرى.
ويأتي هذا التطور في ظل استمرار صدور مؤشرات اقتصادية أمريكية ضعيفة، أبرزها تراجع مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيجان إلى 50.3 نقطة في نوفمبر، وهو أدنى مستوى له منذ منتصف عام 2022، إضافة إلى تباطؤ قطاع التوظيف وتراجع مبيعات التجزئة، ما يزيد من توقعات التحول نحو سياسة نقدية أكثر مرونة لدعم النمو الاقتصادي.
ويرى التقرير أن هذه البيانات تضيف مزيدًا من الضغط على الفيدرالي الأمريكي للتركيز على تحفيز الاقتصاد بدلًا من الاستمرار في تشديد السياسة النقدية، وهي بيئة عادة ما توفر دعمًا قويًا لأداء المعادن الثمينة وعلى رأسها الفضة.
وفي سياق آخر، ساهم الحل الجزئي لأزمة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة في تحسين مزاج المستثمرين، رغم استمرار القلق حول التأثيرات الاقتصادية المحتملة. فقد أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون التمويل بأغلبية 60 صوتًا مقابل 40، تمهيدًا لإعادة فتح الوكالات الفيدرالية خلال الأيام المقبلة. ومع ذلك، حذّر التقرير من أن تأخر صدور البيانات الاقتصادية الرسمية خلال فترة الإغلاق قد يحد من قدرة الفيدرالي على تقييم وضع الاقتصاد بدقة.
وبالتزامن مع ذلك، استقر مؤشر الدولار الأمريكي قرب مستوى 99.60 نقطة، في ظل انتظار المستثمرين لتصريحات جديدة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي. فيما نبّه بنك ING إلى أن الأسواق قد لا تُقدّر بشكل كافٍ مخاطر تراجع الدولار فور عودة البيانات الاقتصادية إلى الواجهة وظهور إشارات إضافية على ضعف النمو.
ويؤكد التقرير أن الفضة لا تزال مدعومة بمزيج من الطلب الاستثماري والطلب الصناعي، إلى جانب التوقعات المتعلقة بتخفيف السياسة النقدية، رغم أن تحسن الوضع السياسي في الولايات المتحدة قد يبطئ من وتيرة الصعود في المدى القصير.
ويُشار إلى أن أكثر من 60% من الطلب العالمي على الفضة يأتي من استخدامات صناعية، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا والطاقة الشمسية، مما يجعل أسعار الفضة شديدة الحساسية لأي تغيّر في النشاط الصناعي أو الابتكارات التقنية.
وأوضح التقرير أن العجز في المعروض من الفضة يستمر للعام الخامس على التوالي، نتيجة النمو القوي في الطلب الصناعي إلى جانب انخفاض المخزونات فوق سطح الأرض إلى مستويات حرجة. ومع الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على عدد من السلع، اتجهت البنوك وصناديق الاستثمار إلى تخزين كميات كبيرة من الفضة في نيويورك تحسبًا لأي قرارات مفاجئة.
وفي المقابل، تسبّب الطلب القياسي من الهند في تراجع المعروض في لندن، ما أدى إلى ارتفاع معدلات تأجير الفضة إلى مستويات تاريخية تجاوزت 34% خلال الشهر الماضي، وسط ظهور ظاهرة الـ Backwardation نتيجة ارتفاع الأسعار الفورية بوتيرة أسرع من العقود الآجلة.
ويضيف التقرير أن إدراج الفضة رسميًا ضمن قائمة المعادن الحيوية في الولايات المتحدة عزز مكانتها كعنصر استراتيجي، إذ أعلنت الحكومة الأمريكية في أبريل الماضي عن بدء تحقيق بموجب المادة 232 لفحص سلاسل توريد المعادن الحيوية وتقليل الاعتماد على الواردات، وهو ما قد يزيد من تقلبات السوق ويضغط على الإمدادات العالمية.
وحذّر التقرير من أن استمرار الارتفاع القوي في أسعار الفضة قد يدفع شركات الطاقة الشمسية إلى تقليل استهلاكها من المعدن الأبيض في تصنيع الألواح الشمسية، خاصة أنها تمثل نحو 15% من التكلفة الإجمالية للإنتاج. وقد تلجأ بعض الشركات إلى تجربة استخدام النحاس كبديل، رغم أن هذه التكنولوجيا لا تزال في مراحلها الأولى.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن احتياطيات الفضة في مستودعات رابطة سوق لندن للمعادن (LBMA) ارتفعت خلال أكتوبر بنسبة 6.8% لتصل إلى 26,255 طنًا متريًا، بقيمة إجمالية بلغت نحو 41.3 مليار دولار، الأمر الذي خفّض بشكل طفيف تكاليف الاقتراض قصير الأجل رغم بقائها عند مستويات مرتفعة مقارنة بالمتوسطات التاريخية.
وفي المقابل، شهدت مستودعات «كوميكس» الأمريكية خروج أكثر من 1568 طنًا من الفضة منذ بداية أكتوبر، وهو ما يعكس تحولًا مهمًا في أنماط التخزين العالمية وتوزيع الإمدادات.
ويرى عدد من الخبراء أن نقص المعروض المادي في بعض الأسواق كان أحد العوامل التي دفعت الأسعار للصعود خلال الشهر الماضي. ومع ذلك، حذّر دانيال غالي، كبير استراتيجيي السلع في TD Securities، من أن السوق قد تكون عرضة لموجات تصحيح جديدة مع تحسن الإمدادات في الفترة المقبلة.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الفضة استعادت مكانتها كأحد أهم المعادن الصناعية والاستراتيجية بعد إدراجها ضمن قائمة هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية للمعادن الأساسية لعام 2025، وهو ما يُتوقع أن يعزز الطلب عليها ويزيد الضغط على الإمدادات، رغم احتمالات التصحيح القصير المدى التي قد تظل قائمة.