- 28 أكتوبر 2025
- / 127
شهدت أسعار الفضة تراجعًا ملحوظًا في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، متأثرة بانخفاض الطلب على أصول الملاذ الآمن وصعود الدولار الأمريكي، وسط موجة من التفاؤل بشأن إحراز تقدم في المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وفق تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن للأبحاث».
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية انخفضت بنحو 3 جنيهات خلال الأسبوع الماضي، حيث تراجع جرام الفضة عيار 800 من 72 إلى 69 جنيهًا، بينما سجل عيار 925 نحو 80 جنيهًا، وبلغ عيار 999 حوالي 86 جنيهًا، في حين استقر جنيه الفضة عند مستوى 522 جنيهًا دون تغيير يُذكر.
أما على الصعيد العالمي، فقد تراجعت الفضة عالميًا بنحو 3 دولارات لتتداول قرب مستوى 46 دولارًا للأوقية، لتواصل بذلك مسار التصحيح الحاد الذي بدأ عقب بلوغ المعدن الأبيض ذروته في منتصف أكتوبر الماضي. ووفقًا لتقديرات السوق، فإن الفضة فقدت أكثر من 16% من قيمتها منذ تلك القمة التي لامست مستوى 55 دولارًا للأوقية، مسجلة أكبر انخفاض نسبي منذ الربع الثاني من العام الجاري.
أسباب التراجع: تفاؤل تجاري وصعود الدولار يضغطان على المعدن الأبيض
أرجع محللون هذا التراجع إلى انحسار المخاوف الجيوسياسية وتحسن التوقعات الاقتصادية العالمية مع اقتراب التوصل إلى اتفاق تجاري جديد بين واشنطن وبكين، وهو ما شجع المستثمرين على تقليص مراكزهم في الملاذات الآمنة، مثل الذهب والفضة، والتوجه نحو الأصول عالية المخاطر.
كما ساهم ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له في أسبوعين في زيادة الضغوط على السلع المقومة بالدولار، حيث يؤدي ارتفاع العملة الأمريكية إلى رفع تكلفة اقتناء المعادن النفيسة على حائزي العملات الأخرى، مما يقلص الطلب الاستثماري على الفضة ويضغط على أسعارها في المدى القصير.
الفيدرالي الأمريكي في دائرة الضوء: لهجة باول ترسم ملامح المسار النقدي
تتجه الأنظار حاليًا نحو اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC)، المقرر اختتامه غدًا الأربعاء بإعلان قرار جديد بشأن أسعار الفائدة الأمريكية. وتتوقع الأسواق أن يقدم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي هذا العام.
ويرى المحللون أن نبرة رئيس الفيدرالي جيروم باول ستكون العامل الأهم في تحديد اتجاهات سوق المعادن خلال الفترة المقبلة؛ فاللهجة التيسيرية قد تنعش الطلب على الفضة والذهب، بينما اللهجة المتشددة قد تُبقي الأسعار تحت ضغط بيعي إضافي.
المشهد الدولي: تفاؤل تجاري يدعم شهية المخاطرة
على الجانب السياسي والاقتصادي، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق تجاري عادل مع نظيره الصيني شي جين بينغ خلال القمة المرتقبة في كوريا الجنوبية هذا الأسبوع. كما شهدت الأيام الأخيرة اتصالات اقتصادية رفيعة المستوى بين الجانبين لصياغة إطار أولي للاتفاق، إلى جانب اتفاقات أمريكية جديدة في منطقة جنوب شرق آسيا تتعلق بالتجارة والمعادن الأساسية.
وساهمت هذه التطورات في ارتفاع مؤشرات وول ستريت إلى مستويات قياسية جديدة، ما عزز من شهية المخاطرة لدى المستثمرين على حساب أصول الملاذ الآمن مثل الذهب والفضة.
قراءة فنية وسوقية: تصحيح صحي واستعداد لجولة جديدة
يرى محللون أن الهبوط الحالي للفضة يمثل تصحيحًا صحيًا بعد موجة صعود قوية غذتها زيادة الطلب الصناعي والتوترات الجيوسياسية خلال الأشهر الماضية. وتشير تحركات المحافظ الاستثمارية إلى عمليات جني أرباح واسعة وإعادة توازن للمراكز قبيل قرارات السياسة النقدية المنتظرة من الفيدرالي.
وتُعد الفضة أكثر حساسية من الذهب تجاه تغير المزاج الاستثماري العالمي، نظرًا لطبيعتها المزدوجة كأصل استثماري آمن من جهة، ومكوّن صناعي رئيسي في قطاعات التكنولوجيا والطاقة الشمسية والإلكترونيات الدقيقة من جهة أخرى، وهو ما يجعلها أكثر عرضة للتقلبات عند أي تغير في المعطيات الاقتصادية.
نظرة متوسطة المدى: الفضة مرشحة للبقاء في نطاق جاذب استثماري
رغم التراجعات الأخيرة في أسعار الفضة، يؤكد التقرير أن الأساسيات الصناعية للمعدن الأبيض ما تزال قوية، خصوصًا في ظل التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والتوسع في سلاسل إنتاج الإلكترونيات. وتشير توقعات المحللين الدوليين إلى أن متوسطات الأسعار على المدى المتوسط قد تسجل مستويات أعلى، مدعومة باستمرار الطلب الصناعي وتوسع الاستثمارات في قطاعات الطاقة المتجددة.
وتعكس التداولات الحالية حالة توازن دقيق بين التفاؤل التجاري والترقب النقدي، حيث يحد انتظار قرارات الفيدرالي من أي ارتداد مستدام في الأسعار. ومع ذلك، يبقى المعدن الأبيض مرشحًا للاحتفاظ بجاذبيته الاستثمارية خلال الأشهر المقبلة، لا سيما إذا تزامن أي تيسير نقدي من الفيدرالي مع استمرار تحسن الطلب الصناعي العالمي.