- 26 أكتوبر 2025
- / 128
شهدت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي، بعد موجة صعود قياسية دفعت المعدن الأبيض إلى أعلى مستوى له في تاريخه الحديث، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن للأبحاث».
وأشار التقرير إلى أن الانخفاض الأخير جاء نتيجة عدة عوامل، أبرزها ارتفاع الدولار الأمريكي، وعمليات جني الأرباح، إلى جانب تحسّن شهية المستثمرين تجاه الأصول عالية المخاطر.
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية تراجعت بنسبة تقارب 9% خلال الأسبوع، حيث انخفض سعر جرام عيار 800 من 81 إلى 74 جنيهًا، بينما سجل جرام عيار 925 نحو 86 جنيهًا، وبلغ سعر جرام عيار 999 حوالي 93 جنيهًا، في حين استقر جنيه الفضة عند مستوى 688 جنيهًا.
أما على الصعيد العالمي، فقد هبطت الأوقية إلى مستوى 49 دولارًا، بعد أن كانت قد قفزت إلى 55 دولارًا في 16 أكتوبر الجاري، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من أربعة عقود، قبل أن تتعرض السوق لموجة تصحيح طبيعية عقب تسعة أسابيع متتالية من المكاسب.
وأكد التقرير أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري "عادل" مع الصين خلال الاجتماعات المرتقبة بين الجانبين، قد عززت حالة التفاؤل في الأسواق المالية العالمية، ودفعت نحو ارتفاع الأسهم والسلع الدورية، في الوقت الذي استقر فيه الدولار الأمريكي قرب أعلى مستوى له في أسبوع مع قيام المستثمرين بتغطية مراكز البيع في أسواق المعادن، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الفضة على حائزي العملات الأخرى، وبالتالي تراجع الأسعار.
وأضاف مركز «الملاذ الآمن» أن سوق الفضة العالمية تشهد في الوقت الحالي اضطرابات غير مسبوقة، حيث انخفضت مخزونات لندن المتاحة للتسليم إلى نحو 125 مليون أوقية فقط، مقارنةً بأكثر من 305 ملايين أوقية قبل عامين، كما تم سحب أكثر من 29 مليون أوقية من مستودعات بورصة كومكس الأمريكية خلال أسبوعين فقط، ما يعكس اختناقًا حادًا في الإمدادات الفعلية.
ويُعزى هذا التراجع الحاد في المخزونات إلى توسع الطلب الصناعي على الفضة، خصوصًا في قطاع الطاقة الشمسية، الذي أصبح المحرك الأساسي لاستهلاك المعدن عالميًا، إذ تجاوز الطلب العالمي المعروض بأكثر من 678 مليون أوقية منذ عام 2021، وفقًا لبيانات معهد الفضة العالمي.
وأوضح التقرير أن الانخفاض الحالي في الأسعار لا يُعتبر تحولًا في الاتجاه العام، بل يُعد بمثابة تصحيح صحي للسوق يهدف إلى إخراج المضاربين بعد موجة صعود قوية تجاوزت 45% خلال فترة قصيرة، مشيرًا إلى أن العوامل الأساسية التي تدعم الصعود ما زالت قائمة.
ومن بين أبرز هذه العوامل: نقص الإمدادات العالمية، واستمرار التحول نحو الطاقة النظيفة، وتوجه البنوك المركزية إلى تعزيز احتياطياتها من الذهب والفضة كجزء من استراتيجيات تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، وهي كلها عوامل تُعزّز الطلب الاستثماري على المعادن الثمينة.
وفيما يتعلق بتوقعات السياسة النقدية الأمريكية، ذكر التقرير أن الأسواق ترجّح خفضًا شبه مؤكد لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في نهاية أكتوبر الجاري، مع احتمالات قوية لخفض آخر في ديسمبر المقبل، ما سيؤدي إلى زيادة جاذبية الفضة والذهب باعتبارهما أصولًا لا تدر عائدًا، ويُقلّل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازتهما.
كما أشار التقرير إلى أن استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وتأخر صدور بيانات اقتصادية رئيسية يعقّد المشهد الاقتصادي ويعزّز التوجّه نحو الملاذات الآمنة، خاصة مع بقاء معدلات التضخم أعلى من مستهدف الفيدرالي الأمريكي البالغ 2%.
وأضاف مركز «الملاذ الآمن» أن المرحلة الحالية تُعتبر مرحلة انتقالية في سوق الفضة، إذ تدخل السوق في فترة تماسك واستقرار مؤقت استعدادًا لجولة جديدة من الارتفاعات المتوقعة مع بداية عام 2026، بدعم من استمرار أزمة الإمدادات العالمية، وتعافي الطلب الصناعي، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، وتزايد الاحتكاكات التجارية العالمية.
كما توقع التقرير أن أي تراجع إضافي في الأسعار سيكون محدودًا في ظل انكماش المخزونات العالمية واستمرار ضغوط العرض في كل من لندن ونيويورك.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن «التصحيح الحالي يُعد فرصة لإعادة بناء المراكز الشرائية وليس بداية لاتجاه هابط»، مشيرًا إلى أن الفضة ستظل واحدة من أفضل الأصول أداءً خلال الفترة المقبلة مع بقاء الأسواق العالمية في دائرة عدم اليقين الاقتصادي وعودة السياسات النقدية التيسيرية على مستوى العالم، الأمر الذي يدعم استمرار الاتجاه الصاعد للمعادن الثمينة خلال العامين القادمين.