- 26 أكتوبر 2025
- / 10816
إمبابي: مد فترات تسليم السبائك إلى شهر بسبب نقص المعروض وارتفاع تكاليف الإنتاج
شهدت أسعار الذهب في مصر تراجعًا حادًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي بنحو 3.5%، متأثرة بانخفاض أسعار الأوقية عالميًا بنسبة 3.3% نتيجة قوة الدولار الأمريكي وعمليات جني الأرباح، إلى جانب تحسن نسبي في شهية المخاطرة بعد مؤشرات إيجابية بشأن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات.
انخفاض حاد في سعر الذهب محليًا
قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن جرام الذهب عيار 21 تراجع خلال الأسبوع بنحو 200 جنيه، بعدما بدأ التداول عند 5750 جنيهًا، ولامس مستوى 5900 جنيه كأعلى سعر في تاريخه، قبل أن يغلق الأسبوع عند 5550 جنيهًا.
أما على الصعيد العالمي، فقد هبطت الأوقية الذهبية بنحو 140 دولارًا، إذ تراجعت من 4254 دولارًا إلى مستوى قياسي بلغ 4381 دولارًا، ثم أنهت الأسبوع عند 4114 دولارًا للأوقية.
وأشار إمبابي إلى أن عيار 24 سجل 6343 جنيهًا، وعيار 18 بلغ نحو 4757 جنيهًا، بينما سجل عيار 14 حوالي 3700 جنيه، واستقر سعر الجنيه الذهب عند مستوى 44,400 جنيه.
وأضاف أن أسعار الذهب في الأسواق المحلية ارتفعت منذ بداية العام بنسبة 48%، فيما ارتفعت عالميًا بنحو 57%، ما يعكس استمرار الاتجاه الصاعد رغم موجة التصحيح الأخيرة.
اختفاء السبائك من الأسواق ومد فترات التسليم
ورغم التراجعات الأخيرة، أكد إمبابي أن السوق المحلي يشهد طلبًا قويًا على السبائك والجنيهات الذهبية، حيث استغل المواطنون الهبوط السعري الأخير في اقتناء الذهب كفرصة استثمارية جديدة، في ظل التوقعات بعودة الصعود خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن نقص المعروض من السبائك دفع العديد من الشركات والمحال إلى تمديد فترات التسليم لتتراوح بين أسبوع وشهر، لحين توفير الكميات المطلوبة عبر الاستيراد أو إعادة تدوير الذهب الكسر والمستعمل المتداول في السوق المحلي.
ولفت إلى أن هذه الظاهرة ليست جديدة، إذ برزت للمرة الأولى في مارس 2022 بعد خفض قيمة الجنيه المصري وتقييد عمليات الاستيراد، وهو ما دفع المواطنين حينها إلى التحوط بالذهب في مواجهة أزمة شح الدولار.
وأشار إمبابي إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج جعل كثيرًا من المحال غير قادرة على الالتزام بالمصنعية المرتفعة التي تفرضها الشركات، ما تسبب في تباطؤ عمليات البيع والشراء.
التضخم الأمريكي يدعم ارتداد أسعار الذهب عالميًا
شهدت أسعار الذهب العالمية ارتدادًا جزئيًا صعودًا في ختام تعاملات الجمعة، عقب صدور بيانات التضخم الأمريكية لشهر سبتمبر التي جاءت أقل من التوقعات، ما عزز رهانات خفض الفائدة الأمريكية خلال الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وأظهرت البيانات ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3% على أساس سنوي مقابل توقعات بـ 3.1%، كما ارتفع مؤشر التضخم الأساسي (باستثناء الغذاء والطاقة) بنسبة مماثلة بلغت 3%، منخفضًا عن الشهر السابق.
وبحسب أداة “برايم ماركت ترمينال”، بلغت احتمالات خفض الفائدة في اجتماع الفيدرالي يومي 28 و29 أكتوبر نحو 96%.
في المقابل، أظهرت بيانات ستاندرد آند بورز جلوبال تسارعًا في نشاط الأعمال الأمريكي، بينما تراجعت ثقة المستهلك وفق قراءة جامعة ميشيجان المعدّلة.
وتزامن ذلك مع إعلان البيت الأبيض عن لقاء مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية الأسبوع المقبل، بالتزامن مع اقتراب مهلة الرسوم الجمركية الجديدة مطلع نوفمبر.
كما ازدادت الضغوط الجيوسياسية بعد إعلان ترامب فرض عقوبات جديدة على روسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا، طالت شركتي «لوك أويل» و**«روسنفت»**، مما أضاف مزيدًا من التوتر للأسواق ودعم الطلب على الذهب كملاذ آمن.
توقعات الذهب: تصحيح فني طبيعي وفرصة للشراء
أوضح إمبابي أن الذهب حقق مكاسب استثنائية خلال العام الجاري، مدعومًا بتزايد التوترات الجيوسياسية، وعمليات الشراء الضخمة من البنوك المركزية، إلى جانب توقعات تيسير السياسة النقدية الأمريكية.
وأشار إلى أن عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات تراجعت إلى 3.989%، ما ساهم في تحفيز الطلب على الذهب، رغم موجة التصحيح الفني التي جاءت بعد تسعة أسابيع متتالية من الصعود — وهي رابع أطول سلسلة ارتفاع منذ عام 1978.
وأكد أن التاريخ يُظهر أن فترات الصعود الطويلة يتبعها عادة تراجعات قصيرة، لكنها لا تعني انعكاس الاتجاه العام، بل تمهد لاستئناف الموجة الصاعدة على المدى الطويل.
توقعات البنوك العالمية لأسعار الذهب
رفعت العديد من البنوك العالمية توقعاتها لسعر الذهب خلال الفترة المقبلة.
ويرى بنك «جي بي مورجان» أن متوسط سعر الأوقية قد يصل إلى 5055 دولارًا خلال الربع الأخير من عام 2026، بدعم من استمرار مشتريات المستثمرين والبنوك المركزية بمعدل يقارب 566 طنًا فصليًا.
ويؤكد محللون أن التصحيح الحالي في أسعار الذهب يُعد حركة صحية وطبيعية داخل الاتجاه الصاعد الأوسع، ولا يشير إلى انعكاس حقيقي في مسار المعدن النفيس، بل يمثل مرحلة تماسك ضرورية لاستمرار الزخم الإيجابي.
الذهب ما زال يحتفظ بجاذبيته كملاذ آمن
في ضوء التقلبات الاقتصادية العالمية، لا يزال الذهب محافظًا على مكانته كأحد أهم أدوات التحوط ضد التضخم والمخاطر الجيوسياسية.
فمع بقاء معدلات التضخم فوق المستهدفات، واستمرار القلق من السياسات المالية والنقدية، وتزايد المخاطر الإقليمية، يُنظر إلى أي تراجع في الأسعار باعتباره فرصة للشراء وليس بداية لانعكاس سلبي.
ويرى الخبراء أن السوق يدخل الآن مرحلة إعادة التوازن والتقاط الأنفاس، تمهيدًا لجولة جديدة من الارتفاعات مدفوعة بعمليات الشراء المؤسسي وقوة مشتريات البنوك المركزية، ما يجعل الذهب مرشحًا لمزيد من المكاسب خلال الفترة المقبلة.