- 25 أكتوبر 2025
- / 7345
شهدت أسعار الذهب في السوق المحلية المصرية ارتفاعًا طفيفًا خلال تعاملات اليوم السبت، بالتزامن مع عطلة البورصة العالمية، وذلك بعد أسبوع حافل بالتقلبات الحادة التي شهدت فيها الأوقية تراجعًا بلغ نحو 3.3% متأثرةً بارتفاع الدولار الأمريكي وحركة جني الأرباح، وسط تحسن نسبي في شهية المخاطرة بعد مؤشرات إيجابية بشأن تطورات العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الذهب المحلية سجلت ارتفاعًا محدودًا خلال تعاملات اليوم بنحو 5 جنيهات للجرام، حيث بلغ سعر جرام الذهب عيار 21 نحو 5550 جنيهًا، في حين تراجعت الأوقية في السوق العالمية خلال الأسبوع الماضي بنحو 140 دولارًا لتسجل 4114 دولارًا.
وأضاف إمبابي أن عيار 24 سجل نحو 6343 جنيهًا، بينما بلغ عيار 18 نحو 4757 جنيهًا، وسجل عيار 14 حوالي 3700 جنيه، في حين استقر سعر الجنيه الذهب عند مستوى 44400 جنيه، دون تغيير يُذكر عن تعاملات أمس.
---
بيانات التضخم الأمريكية تدعم تعافي الذهب وتغذي رهانات خفض الفائدة
تعافى المعدن الأصفر جزئيًا خلال تعاملات الجمعة، بعد صدور بيانات التضخم الأمريكية لشهر سبتمبر، والتي جاءت أقل من التوقعات، مما عزز من احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الاجتماعات المقبلة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وأوضحت البيانات أن مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي (CPI) ارتفع بنسبة 3% خلال الاثني عشر شهرًا المنتهية في سبتمبر، وهو أقل من التقديرات البالغة 3.1%، لكنه لا يزال أعلى قليلًا من النسبة المسجلة في أغسطس عند 2.9%. كما ارتفع مؤشر أسعار السلع باستثناء الغذاء والطاقة بنسبة 3% على أساس سنوي، بانخفاض طفيف عن الشهر السابق، مما يشير إلى تباطؤ محدود في وتيرة التضخم الأساسي.
وبحسب بيانات “برايم ماركت ترمينال”، تشير التوقعات إلى وجود احتمالية بنسبة 96% لقيام الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المزمع عقده يومي 28 و29 أكتوبر الجاري، وهو ما يدعم توجه المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن في مواجهة التغيرات النقدية المقبلة.
كما أظهرت بيانات ستاندرد آند بورز جلوبال تسارع نشاط الأعمال في الولايات المتحدة خلال أكتوبر إلى ثاني أعلى وتيرة نمو هذا العام، رغم تراجع ثقة المستهلك الأمريكي وفقًا لقراءة جامعة ميشيجان المعدلة.
وفي سياق متصل، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيعقد لقاءً مع نظيره الصيني شي جين بينج الأسبوع المقبل في كوريا الجنوبية، بالتزامن مع اقتراب موعد تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة مطلع نوفمبر، مما زاد من الترقب بشأن مستقبل العلاقات التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر عالميًا.
وفي المقابل، تصاعدت حدة التقلبات الجيوسياسية مع فرض الإدارة الأمريكية عقوبات جديدة على روسيا على خلفية حرب أوكرانيا، استهدفت شركتي النفط العملاقتين لوك أويل وروسنفت، وهو ما أعاد للذهب جزءًا من بريقه كأداة تحوط ضد المخاطر السياسية والاقتصادية.
---
مكاسب استثنائية للذهب رغم التصحيح الفني وتوقعات بموجة صعود جديدة
وأشار إمبابي إلى أن الذهب حقق خلال العام الجاري مكاسب استثنائية بلغت نحو 57%، مدعومًا بتصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية، وزيادة عمليات الشراء المكثفة من قبل البنوك المركزية، إلى جانب التوقعات المتزايدة بتيسير السياسة النقدية الأمريكية خلال الفترة المقبلة.
ورغم انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 3.989% وتراجع العوائد الحقيقية، فإن الأسعار العالمية للذهب تعرضت لتصحيح فني طبيعي بعد تسعة أسابيع متتالية من الصعود، وهي رابع أطول موجة ارتفاع منذ عام 1978.
ويُعد لافتًا أن الذهب لم يسبق له تاريخيًا أن حافظ على مكاسب متصلة لعشرة أسابيع دون تسجيل تراجع أسبوعي واحد على الأقل، مما يعزز فرضية أن حركة التصحيح الأخيرة كانت ضرورية لإعادة توازن السوق.
وتشير التحليلات التاريخية لأداء المعدن الأصفر إلى أن فترات الصعود الطويلة عادة ما تتبعها تراجعات قصيرة الأجل، قبل أن يستأنف الذهب اتجاهه الصاعد على المدى الطويل، حيث تظهر بعض الدراسات أن احتمالات تسجيل أداء سلبي مؤقت بعد موجات الارتفاع الطويلة قد تصل إلى 100% في بعض الفترات الزمنية، لكنها لا تغير الاتجاه العام الإيجابي للمعدن.
---
توقعات المؤسسات العالمية: مسار صاعد مستمر للذهب بدعم من الطلب المؤسسي
توقعت بنك «جي بي مورجان» أن يبلغ متوسط سعر الذهب نحو 5055 دولارًا للأوقية خلال الربع الأخير من عام 2026، مدفوعًا باستمرار الطلب القوي من المستثمرين والبنوك المركزية، التي يتوقع أن تبقي على متوسط مشترياتها الفصلية عند نحو 566 طنًا.
ويشير مراقبون إلى أن التصحيح السعري الأخير لا يعدو كونه حركة صحية داخل مسار صاعد، طالما لم تحدث تطورات اقتصادية مفاجئة تغير من أساسيات السوق.
ويرى محللو «آي صاغة» أن التراجع الأخير في الأسعار يمثل فرصة شراء مثالية للمستثمرين، وليس بداية لانعكاس هبوطي مستدام، خاصة أن العوامل الأساسية الداعمة للذهب لا تزال قوية، وتشمل التضخم المرتفع نسبيًا، وتوقعات خفض الفائدة، واستمرار الطلب المؤسسي القوي، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
كما تؤكد التحليلات أن مرحلة التماسك الحالية تمثل محطة ضرورية لإعادة الزخم قبل انطلاق موجة صعود جديدة، خصوصًا مع بقاء السياسات النقدية العالمية في نطاق تيسيري، واستمرار البنوك المركزية في تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار.
---
الذهب يحتفظ بجاذبيته كملاذ آمن رغم التذبذبات
ورغم ما تشهده الأسواق من تذبذبات حادة، يظل الذهب محتفظًا بمكانته كأحد أهم أدوات التحوط في مواجهة الضبابية الاقتصادية العالمية، خاصة في ظل بقاء معدلات التضخم أعلى من المستهدفات، واستمرار المخاوف بشأن السياسات المالية والنقدية في الاقتصادات الكبرى، إلى جانب تصاعد المخاطر الجيوسياسية في مناطق متعددة من العالم.
وبناءً على هذه المعطيات، يرى الخبراء أن الذهب يدخل مرحلة إعادة التوازن تمهيدًا لجولة جديدة من الارتفاعات، بدعم من الطلب القوي من المؤسسات والمستثمرين الأفراد على حد سواء، مع ترقب الأسواق لاجتماع الفيدرالي الأمريكي المرتقب والذي قد يُعيد توجيه بوصلة الأسواق نحو دورة صعود جديدة للذهب خلال الأشهر المقبلة.