• / 4406

شهدت أسواق الذهب والفضة تصحيحًا سعريًا حادًا طال انتظاره، بعد موجة مكاسب تاريخية استمرت تسعة أسابيع متتالية، مدفوعة بارتفاع الدولار الأمريكي وتراجع الطلب الفعلي على الذهب من الأسواق الآسيوية الكبرى، وخاصة بعد انتهاء موسم ديوالي في الهند. كما ساهم تحسّن المعنويات في الأسواق العالمية عقب مؤشرات إيجابية على انفراجة محتملة في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في دفع المستثمرين إلى جني الأرباح بعد مكاسب قياسية للذهب والفضة.

 

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الذهب تراجعت بشكل ملحوظ خلال تعاملات اليوم بنحو 120 جنيهًا للجرام، ليسجل عيار 21 نحو 5470 جنيهًا، في حين انخفضت الأوقية العالمية بنحو 92 دولارًا لتسجل 4018 دولارًا.

 

وأضاف إمبابي أن عيار 24 سجل نحو 6251 جنيهًا، وعيار 18 بلغ 4689 جنيهًا، بينما وصل عيار 14 إلى حوالي 3647 جنيهًا، واستقر سعر الجنيه الذهب عند مستوى 43,760 جنيهًا.

 

 

---

 

تراجعات متتالية بعد ذروة تاريخية

 

كانت أسعار الذهب في السوق المحلية قد شهدت أمس تراجعًا حادًا بنحو 285 جنيهًا، بعد أن افتتح جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند 5875 جنيهًا وأغلق عند 5590 جنيهًا، في حين تراجعت الأوقية عالميًا بنحو 238 دولارًا لتسجل انخفاضًا من 4348 دولارًا إلى 4110 دولارات للأوقية.

 

وجاء هذا الهبوط وسط موجة بيع لجني الأرباح بعد أن بلغ الذهب أعلى مستوياته التاريخية عند 4381 دولارًا للأوقية يوم الاثنين الماضي، قبل أن يتراجع في جلسة الثلاثاء بنسبة 6.3% إلى 4082 دولارًا، وهو أكبر انخفاض مئوي منذ عام 2013. كما هبطت العقود الآجلة الأمريكية بنسبة 5.7% لتسجل 4088 دولارًا للأوقية، وتراجعت الفضة بنسبة 7% والبلاتين بنحو 5% خلال الجلسة ذاتها.

 

 

---

 

تصحيح صحي بعد موجة صعود غير مسبوقة

 

وأوضح إمبابي أن هذا التراجع يُعد تصحيحًا صحيًا طبيعيًا بعد ارتفاع أسعار الذهب بأكثر من 31% والفضة بنحو 45% خلال أسابيع قليلة، مما جعل السوق بحاجة إلى إعادة توازن قبل استئناف المسار الصاعد.

 

وأشار إلى أن فشل الذهب في تجاوز مستوى 4380 دولارًا للأوقية دفع المستثمرين إلى التحول من ملاحقة المكاسب إلى حماية الأرباح، في ظل ارتفاع الدولار وتزايد الإقبال على المخاطرة في أسواق الأسهم العالمية.

 

 

---

 

العوامل المحركة: السياسة والطلب المادي

 

شهدت الأسواق تغيرًا في المزاج الاستثماري عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن لقاء مرتقب مع نظيره الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية، حيث جاءت تصريحاته الأخيرة بنبرة تصالحية، مما أدى إلى تحسن شهية المخاطرة وعودة الثقة إلى أسواق الأسهم.

 

هذا التحسن انعكس سلبيًا على أداء المعادن الثمينة التي عادة ما تُعتبر ملاذًا آمنًا في فترات التوتر وعدم اليقين، فبدأت عمليات البيع لجني الأرباح بعد موجة الارتفاع الكبيرة.

 

كما ساهم انتهاء موسم ديوالي – أحد أهم مواسم شراء الذهب في الهند، ثاني أكبر مستهلك عالمي للمعدن – في تراجع الطلب المادي المؤقت، مما زاد من حدة التصحيح السعري للذهب والفضة.

 

 

---

 

العوامل طويلة الأجل ما تزال داعمة لاتجاه الذهب

 

ورغم التراجعات الحادة الأخيرة، يرى بنك «ساكسو بنك» أن العوامل الهيكلية الداعمة لصعود الذهب ما تزال قائمة، وعلى رأسها ارتفاع مستويات الديون الحكومية العالمية، وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي، واستمرار توقعات خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

 

وأوضح البنك في تقريره أن المعادن الثمينة أصبحت الآن غير مبالغ في تقييمها بعد التصحيح الأخير، لكنها ما تزال أقل تمثيلًا في المحافظ الاستثمارية العالمية، وهو ما يمنحها دعمًا طويل الأجل ويُبقي الاتجاه الصاعد قائمًا على المدى المتوسط والطويل.

 

 

---

 

اجتماعات مرتقبة قد تحدد الاتجاه القادم

 

ويتوقع محللون أن الاجتماعات المرتقبة بين الرئيسين ترامب وشي جين بينغ، إلى جانب لقاء ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الأسابيع المقبلة، قد تشكل نقطة تحول حاسمة في تحديد اتجاه أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة.

 

ففي حال نجاح هذه اللقاءات في تهدئة التوترات الجيوسياسية وتحقيق تقدم في المفاوضات التجارية العالمية، قد تستمر مرحلة التصحيح الحالية لفترة أطول. أما في حال فشل المفاوضات أو تصاعد التوترات، فقد يعاود المستثمرون بسرعة العودة إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب والفضة، مما يعيد الأسعار إلى مسارها الصاعد.