- 20 أكتوبر 2025
- / 99
تراجعت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الإثنين، بعد أن لامست أعلى مستوياتها التاريخية خلال الأسبوع الماضي، في ظل موجة من التقلبات الحادة التي تشهدها الأسواق المالية العالمية. وجاء هذا التراجع نتيجة تجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، إلى جانب تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث.
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية شهدت انخفاضًا بنحو 5 جنيهات خلال تعاملات اليوم، ليسجل جرام الفضة عيار 800 نحو 76 جنيهًا، وعيار 925 حوالي 88 جنيهًا، بينما بلغ عيار 999 نحو 95 جنيهًا، واستقر جنيه الفضة عيار 925 عند 704 جنيهات.
ويأتي هذا التراجع بعد أسبوع من المكاسب القوية التي حققتها الفضة محليًا، حيث ارتفعت بنسبة 11% خلال تعاملات الأسبوع الماضي. وسجّل جرام الفضة عيار 800 ارتفاعًا من 74 إلى 81 جنيهًا، وعيار 925 من 84 إلى 94 جنيهًا، فيما صعد عيار 999 من 91 إلى 101 جنيه، واستقر جنيه الفضة عند 752 جنيهًا، ما عكس حالة من الزخم القوي الذي ساد السوق خلال الفترة السابقة.
وعلى الصعيد العالمي، تراجعت أسعار الفضة بنحو دولارين لتستقر عند 52 دولارًا للأوقية، بعد أن بلغت مستوى 55 دولارًا للأوقية في 16 أكتوبر الجاري، وهو أعلى مستوى في تاريخ المعدن الأبيض الحديث، مدعومة حينها بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة ونقص المعروض العالمي.
وأشار تقرير «الملاذ الآمن» إلى أن الفضة كانت قد حققت خلال الأسبوع الماضي ارتفاعًا عالميًا بنسبة 10%، بعد صعودها من 50 إلى 55 دولارًا للأوقية، نتيجة تزايد المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية، وتنامي توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية التي دعمت الإقبال على الأصول غير المدرّة للعائد.
ووفقًا لبيانات أداة CME FedWatch، تتوقع الأسواق بنسبة 99% قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر المقبل، مع احتمالية إضافية بنسبة 96% لخفض ثانٍ في ديسمبر، وهو ما يعزز التقديرات باستمرار السياسة النقدية التيسيرية خلال الأشهر المقبلة.
ويرى محللو مركز الملاذ الآمن أن الفضة قد تستعيد زخمها الصعودي مجددًا خلال الأسابيع القادمة، خاصة في ظل مؤشرات واضحة على اتجاه البنوك المركزية الكبرى نحو التيسير النقدي، وتزايد تدفقات المستثمرين إلى الأصول الآمنة مثل الذهب والفضة.
في المقابل، يستمر الإغلاق الحكومي الأمريكي للأسبوع الثالث على التوالي دون التوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة، بعد أن فشل مجلس الشيوخ الأمريكي في تمرير مشروع قانون التمويل للمرة العاشرة الأسبوع الماضي، ما يجعل هذا الإغلاق ثالث أطول فترة تعطيل حكومي في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
ويرى المراقبون أن استمرار حالة الجمود السياسي في واشنطن يعزز مخاوف الركود الاقتصادي المحتمل، ويدفع المستثمرين إلى إعادة توجيه محافظهم نحو الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب والفضة، كخيار أكثر استقرارًا في ظل الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.
ومن المقرر أن يعقد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت اجتماعًا مع نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينج خلال الأيام المقبلة، في خطوة تمهيدية لعقد قمة مرتقبة بين الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينج في وقت لاحق من الشهر الجاري.
ورغم ما يوصف بأنه انفتاح حذر في العلاقات التجارية، اعتبرت الإدارة الأمريكية القيود التي فرضتها الصين على صادرات المعادن النادرة «عقبة رئيسية أمام استئناف الحوار التجاري»، بينما ردّت بكين بفرض رسوم إضافية على السفن الأمريكية، مما أعاد إلى الأذهان شبح الحرب التجارية وتداعياتها المحتملة على النمو الاقتصادي العالمي.
وفي ضوء هذه التطورات، أعلن بنك أوف أمريكا عن رفع توقعاته لأسعار الفضة إلى 65 دولارًا للأوقية بحلول عام 2026، مع متوسط مستهدف يبلغ 56.25 دولارًا، مشيرًا إلى أن هذه التقديرات تستند إلى تزايد التدفقات الاستثمارية نحو المعدن الأبيض، إلى جانب ارتفاع الطلب الصناعي عليه في قطاعات الطاقة الشمسية والإلكترونيات.
في المقابل، حذر بنك جولدمان ساكس من احتمال حدوث تصحيح سعري قصير المدى في سوق الفضة، مشيرًا إلى أن المعدن الأبيض يتميز بتقلبات أعلى من الذهب نظرًا لاعتماده بدرجة كبيرة على الطلب الصناعي الذي قد يتأثر سلبًا في حال تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
أما ساكسو بنك فقد توقّع أن تواصل الفضة ارتفاعها إلى حدود 100 دولار للأوقية بحلول عام 2026، مدعومة بتزايد الطلب الصناعي والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
ويتفق الخبراء على أن الفضة لا تزال مرشحة لموجات صعود جديدة خلال السنوات المقبلة، خاصة مع ازدياد العوامل الداعمة للطلب سواء في المجال الصناعي أو الاستثماري، إلا أنهم يحذرون في الوقت نفسه من احتمالية تكرار موجات التصحيح السريعة التي تُميّز أداء هذا المعدن الحساس، في ظل استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي عالميًا.