- 13 أكتوبر 2025
- / 51
سجّلت أسعار الفضة ارتفاعًا قياسيًا جديدًا خلال تعاملات اليوم الإثنين، لتبلغ أعلى مستوياتها منذ أكثر من أربعة عقود، مدفوعة بتزايد الطلب على الملاذات الآمنة وسط الإغلاق الحكومي الأمريكي، وأزمة السيولة في سوق لندن، وتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وبحسب تقرير مركز «الملاذ الآمن للأبحاث»، ارتفع جرام الفضة عيار 800 إلى 74 جنيهًا، بينما سجّل عيار 925 نحو 86 جنيهًا، وبلغ عيار 999 حوالي 93 جنيهًا، فيما استقر جنيه الفضة عيار 925 عند 664 جنيهًا.
وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت أوقية الفضة إلى نحو 52 دولارًا، وهو أعلى مستوى تسجله منذ عام 1980، بينما تجاوز الذهب حاجز 4100 دولار للأوقية في قفزة تاريخية جديدة. ويعزو المركز هذا الارتفاع إلى زيادة الإقبال على الاستثمار الآمن في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالاقتصاد العالمي.
---
أزمة سيولة في لندن تشعل أسعار الفضة عالميًا
وذكر تقرير لوكالة بلومبرج أن شح السيولة في سوق لندن تسبب في تفاقم ما يُعرف بـ«الضغط القصير» على مراكز الفضة، وهو ما أدى إلى موجة ارتفاع حادة وغير مسبوقة في الأسعار، وسط زيادة في عمليات البحث العالمي عن السبائك الفعلية لتغطية الطلب المتنامي.
كما أوضح التقرير أن الفجوة السعرية الكبيرة بين سوقي لندن ونيويورك دفعت بعض المتداولين إلى نقل سبائك الفضة جوًا عبر الأطلسي للاستفادة من فروق الأسعار المرتفعة، وهي خطوة نادرة عادة ما تُستخدم لنقل الذهب فقط نظرًا لتكلفتها العالية، مما يعكس مدى قوة الطلب الحالي على المعدن الأبيض.
---
الإغلاق الحكومي الأمريكي يعمّق الغموض الاقتصادي
يأتي هذا الصعود التاريخي في وقتٍ يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي إغلاقًا حكوميًا ممتدًا للأسبوع الثالث على التوالي، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسريح عدد من الموظفين الفيدراليين، مما زاد من حدة الخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن الموازنة العامة.
ويرى مراقبون أن الإغلاق مرشح للاستمرار خلال الفترة المقبلة، في ظل تمسك الديمقراطيين بمطالبهم المتعلقة بتمديد دعم التأمين الصحي ورفضهم إعادة فتح الحكومة دون تفاوض شامل، وهو ما يعزز حالة الضبابية وعدم اليقين في الأسواق المالية الأمريكية والعالمية.
---
تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين يضغط على الاقتصاد العالمي
وعلى الصعيد الدولي، أبدت الإدارة الأمريكية انفتاحًا حذرًا على التفاوض مع الصين، لكنها وصفت القيود التي فرضتها بكين على صادرات المعادن النادرة بأنها تشكل «عقبة رئيسية» أمام استئناف الحوار التجاري.
وفي المقابل، أعلنت الصين فرض رسوم جديدة على السفن الأمريكية وبدأت تحقيقات ضد شركة كوالكوم الأمريكية العملاقة، مما أثار مخاوف واسعة من عودة الحرب التجارية التي قد تؤثر سلبًا على معدلات النمو العالمي وتدفع المستثمرين مجددًا نحو أصول الملاذات الآمنة.
---
النفط يتراجع مع اشتداد الحرب التجارية
تزامنًا مع تصاعد التوترات، شهدت أسعار النفط تراجعًا حادًا، حيث انخفضت عقود خام نايمكس الأمريكي بأكثر من 3 دولارات للبرميل يوم الجمعة، لتسجل أدنى مستوياتها في أربعة أشهر ونصف قرب 58 دولارًا للبرميل، قبل أن ترتد قليلًا إلى نحو 59.75 دولارًا.
ويرجع هذا التراجع إلى مخاوف تباطؤ الطلب العالمي بفعل الحرب التجارية وارتفاع الإمدادات من منتجي أوبك وخارجها، إلى جانب تراجع علاوة المخاطر الجيوسياسية بعد تقدم المفاوضات بشأن الهدنة في غزة.
---
توقعات إيجابية للفضة رغم التقلبات قصيرة الأجل
وفي سياق متصل، أشار بنك جولدمان ساكس في مذكرة بحثية إلى أن أسعار الفضة مرشحة لمزيد من الارتفاع على المدى المتوسط بدعم من تدفقات الاستثمار الخاص والطلب الصناعي القوي، لكنه حذّر في الوقت نفسه من تقلبات حادة ومخاطر تصحيح قصيرة الأجل مقارنة بالذهب.
وأوضح البنك أن الذهب بدوره ارتفع بنحو 53% منذ بداية العام، مدعومًا بمشتريات البنوك المركزية العالمية، وارتفاع استثمارات صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، وتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، فضلًا عن الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية التي تخلق بيئة داعمة للمعادن النفيسة.
وتُظهر بيانات أداة CME FedWatch أن الأسواق تتوقع بنسبة شبه مؤكدة خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر، يليه خفض مماثل في ديسمبر، في حين يترقب المستثمرون خطاب رئيس الفيدرالي جيروم باول يوم الثلاثاء لتأكيد اتجاه السياسة النقدية المقبلة.
---
الفضة.. النسخة عالية الحساسية من الذهب
ووصف ساكسو بنك في تقريره الأخير الفضة بأنها أصبحت تمثل «النسخة عالية بيتا من الذهب»، أي أنها تتحرك في الاتجاه نفسه لكن بحدة أكبر في المكاسب والخسائر، وهو ما يجعلها خيارًا جذابًا للمستثمرين الباحثين عن العوائد السريعة مع تقبل قدر أكبر من المخاطر.
وتوقّع البنك أن تواصل الفضة صعودها التدريجي لتصل إلى نحو 100 دولار للأوقية بحلول عام 2026، مدعومة بالطلب الصناعي القوي والتحول العالمي المتسارع نحو الطاقة النظيفة واستخدام الفضة في تطبيقات الطاقة الشمسية والإلكترونيات المتقدمة.
ويرى محللون أن مستوى 50 دولارًا للأوقية يمثل حاجزًا نفسيًا قويًا للسوق، لكنه ليس سقفًا نهائيًا، خاصة بعد تجاوز الذهب مستوى 4100 دولار للأوقية، ما قد يفتح المجال أمام استمرار الارتفاعات التاريخية.
---
المشهد العام: الفضة تعود إلى صدارة المعادن في 2025
أكد مركز «الملاذ الآمن» في ختام تقريره أن الفضة تعيش مرحلة تاريخية فريدة تتضافر فيها مجموعة من العوامل الداعمة، أبرزها الطلب الصناعي القياسي، والعجز في المعروض، والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، وضعف الدولار الأمريكي.
وأشار المركز إلى أن عام 2025 يمثل نقطة تحول في سوق المعادن النفيسة، حيث باتت الفضة اللاعب الأقوى والأكثر جذبًا للاستثمار مقارنة بالذهب، مع توقعات باستمرار المكاسب إذا واصلت البنوك المركزية سياساتها التيسيرية واستمرت الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم.