• / 3317

شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية ارتفاعات جديدة خلال تعاملات اليوم الخميس، مدعومةً بتفاقم أزمة الإغلاق الحكومي الأمريكي التي تستمر لأول مرة منذ ما يقرب من سبع سنوات، بعد فشل المشرّعين في التوصل إلى اتفاق بشأن تمويل الحكومة. ووفقًا لتقرير منصة «آي صاغة» المتخصصة في أسواق الذهب والمجوهرات، فإن هذه المكاسب جاءت أيضًا نتيجة تزايد الرهانات على اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.

 

تحركات أسعار الذهب محليًا وعالميًا

 

قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب ارتفعت اليوم بنحو 15 جنيهًا مقارنةً بإغلاق أمس، ليسجل جرام الذهب عيار 21 مستوى 5240 جنيهًا. كما ارتفع سعر الأوقية عالميًا بقيمة 23 دولارًا ليصل إلى 3890 دولارًا للأوقية.

 

وجاءت باقي أسعار الذهب في السوق المحلية كالآتي:

 

عيار 24 سجل 5989 جنيهًا.

 

عيار 18 سجل 4491 جنيهًا.

 

عيار 14 وصل إلى 3487 جنيهًا.

 

سعر الجنيه الذهب استقر عند 41,920 جنيهًا.

 

 

وأشار التقرير إلى أن أسعار الذهب أمس الأربعاء ارتفعت بنحو 45 جنيهًا، حيث افتتح عيار 21 التعاملات عند 5180 جنيهًا، ولامس مستوى 5245 جنيهًا، قبل أن يغلق عند 5225 جنيهًا. وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت الأوقية بنحو 9 دولارات، من 3858 دولارًا إلى 3867 دولارًا، بعدما لامست مستوى 3900 دولار خلال الجلسة.

 

أفضل أداء شهري منذ 16 عامًا

 

أوضح تقرير «آي صاغة» أن الذهب حقق خلال سبتمبر أداءً استثنائيًا هو الأقوى منذ عام 2008، حيث ارتفعت الأسعار محليًا بنسبة 11% تعادل 490 جنيهًا، فيما صعدت عالميًا بنسبة 12% تعادل 411 دولارًا للأوقية. هذه المكاسب القياسية جاءت مدفوعة بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة وسط اضطرابات اقتصادية وسياسية عالمية، إلى جانب توقعات قوية بخفض أسعار الفائدة الأمريكية.

 

البيئة الداعمة واستمرار المخاطر

 

أكد التقرير أن استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة يعزز التوجه نحو شراء الذهب كأصل استثماري آمن، فيما تضغط توقعات خفض الفائدة على عوائد سندات الخزانة الأمريكية وتضعف الدولار، مما يضيف المزيد من الدعم لاتجاه الذهب الصعودي.

 

وأشار إلى أن الإغلاق بدأ بالفعل يؤثر على البيانات الاقتصادية المهمة، حيث تأخر صدور تقارير مثل طلبات إعانة البطالة وطلبات المصانع، كما أعلن مكتب إحصاءات العمل الأمريكي تعليق أنشطته، وهو ما قد يؤدي إلى تأجيل صدور تقرير الوظائف غير الزراعية المرتقب.

 

تداعيات سياسية واقتصادية في الولايات المتحدة

 

شهد مجلس الشيوخ الأمريكي فشلًا متكررًا في تمرير حزمة تمويل مؤقتة، حيث لم يتمكن من الحصول على الأصوات الكافية (60 صوتًا)، إذ انتهى التصويت الأخير بنتيجة 55 مقابل 45، وهي نفس نتيجة التصويت السابق، مما يعزز توقعات استمرار الإغلاق الحكومي لفترة أطول.

 

في الوقت نفسه، رفضت المحكمة العليا محاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقالة ليزا كوك، عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وأبقتها في منصبها حتى يناير، وهو ما اعتُبر دعمًا لاستقلالية المجلس. كما لوّح ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على واردات الأدوية، لكن إدارته أرجأت القرار لإتاحة الفرصة لشركات الأدوية للتفاوض على تسعير جديد وتوسيع الإنتاج المحلي.

 

بيانات العمل والضغط على الدولار

 

أظهرت بيانات التوظيف الصادرة عن مؤسسة ADP أن القطاع الخاص الأمريكي فقد 32 ألف وظيفة في سبتمبر مقابل توقعات بزيادة 50 ألف وظيفة، فيما تم تعديل بيانات أغسطس لتظهر خسارة 3 آلاف وظيفة بدلًا من زيادة أولية بـ54 ألفًا. هذه البيانات السلبية زادت من الضغوط على الدولار الأمريكي.

 

ويتداول مؤشر الدولار بالقرب من أدنى مستوى في أسبوع عند 97.60 نقطة، بينما استقرت عوائد السندات الأمريكية عند مستويات ضعيفة، حيث بلغ العائد على سندات العشر سنوات 4.09%، والعائد على سندات الثلاثين عامًا 4.70%.

 

توقعات قوية بتجاوز 4000 دولار للأوقية

 

توقعت تقارير الأسواق أن الذهب قد يتجاوز مستوى 4000 دولار للأوقية خلال الفترة المقبلة بدعم من مشتريات البنوك المركزية والمستثمرين الأفراد والمؤسسات. وقال جوني تيفز، الاستراتيجي في بنك «يو بي إس»، إن الذهب لا يزال غير مستحوذ بالكامل من جانب المستثمرين، مما يمنحه فرصة لمزيد من المكاسب خلال الأرباع القادمة مع بدء دورة التيسير النقدي من الفيدرالي.

 

ورغم هذه التوقعات الإيجابية، أشار «يو بي إس» إلى أن وتيرة ارتفاع الذهب قد تتباطأ بحلول نهاية 2026 مع تحسن الأوضاع الاقتصادية وتوقف دورة التيسير، لكن الاتجاه الهيكلي الذي جعل الذهب أصلًا أساسيًا في المحافظ الاستثمارية سيُبقي الأسعار عند مستويات مرتفعة تاريخيًا.

 

أجندة الأسبوع وتوجهات السياسة النقدية

 

على صعيد السياسة النقدية، قالت سوزان كولينز، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، إن خفض الفائدة بشكل محدود قد يكون مناسبًا إذا دعمت البيانات ذلك، بينما حذرت لوري لوجان، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، من أن مجال التخفيضات محدود. في المقابل، تجنّب نائب الرئيس فيليب جيفرسون إعطاء موقف واضح، مكتفيًا بالإشارة إلى أن "الضغوط قائمة على كلا الجانبين".

 

الذهب عند مفترق طرق

 

بهذا، يقف الذهب أمام لحظة فارقة: من جهة، مستويات قياسية جديدة مدفوعة بتفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، ومن جهة أخرى رهانات قوية على استمرار صعود الأسعار باتجاه 4000 دولار للأوقية. ومع بداية إيجابية للربع الرابع من العام، ستبقى المسارات المستقبلية مرهونة بتطورات الإغلاق الحكومي وسرعة صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية المنتظرة خلال الأيام القادمة.