- 28 سبتمبر 2025
- / 53
كشف مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث في تقرير حديث أن أسعار الفضة شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي، حيث قفزت بالأسواق المحلية بنسبة 9%، بينما ارتفعت الأوقية في البورصة العالمية بنسبة 7% لتسجل أعلى مستوى لها منذ أغسطس 2011. وجاء هذا الأداء القوي مدفوعًا بعدة عوامل، أبرزها تراجع الدولار الأمريكي، وزيادة الطلب الصناعي على الفضة، إضافة إلى تنامي التوقعات بشأن توجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو اتباع سياسة نقدية أكثر تيسيرًا خلال الفترة المقبلة.
الأداء المحلي لأسعار الفضة
على الصعيد المحلي، ارتفع جرام الفضة عيار 800 بمقدار 5 جنيهات، حيث بدأ الأسبوع عند 55 جنيهًا، ليختتمه عند 60 جنيهًا. كما سجل جرام الفضة عيار 999 نحو 75 جنيهًا، فيما بلغ جرام الفضة عيار 925 حوالي 70 جنيهًا. أما جنيه الفضة (عيار 925) فقد استقر عند مستوى 560 جنيهًا، ما يعكس قوة الزخم الشرائي في السوق المحلية.
الأداء العالمي للفضة
عالميًا، ارتفعت الأوقية من 43 دولارًا إلى 46 دولارًا، لتسجل بذلك أعلى مستوى لها منذ 14 عامًا. ويعود هذا الصعود القوي إلى زيادة الإقبال على الملاذات الآمنة وسط مخاوف التضخم وتزايد المخاطر الجيوسياسية، بالإضافة إلى ارتفاع الرهانات على خفض أسعار الفائدة الأمريكية، وهو ما عزز من جاذبية المعادن النفيسة، خاصة الفضة.
مكاسب الفضة منذ بداية العام
أوضح التقرير أن أسعار الفضة محليًا حققت مكاسب بلغت 46.3% منذ مطلع 2025، أي ما يعادل 19 جنيهًا للجرام، حيث ارتفع السعر من 41 جنيهًا إلى 60 جنيهًا. أما عالميًا، فقد قفزت الأسعار من 29 دولارًا إلى 46 دولارًا للأوقية، بزيادة قدرها 17 دولارًا، أي ما يعادل 59%، لتصبح الفضة واحدة من أفضل الأصول أداءً بين المعادن النفيسة خلال العام الجاري.
قراءة تاريخية وتحليل الاتجاهات
أشار التقرير إلى أن تضاعف أسعار الفضة خلال فترة أربع سنوات يُعتبر حدثًا نادرًا، إذ لم يتكرر سوى ست مرات فقط منذ عام 1973. وغالبًا ما كان هذا الأداء الاستثنائي إشارة إلى بداية اتجاه صعودي طويل الأجل، وليس مجرد قمة مؤقتة. ففي الفترات التي تجاوزت فيها مكاسب الفضة 100% خلال أربع سنوات، بلغ متوسط العائد السنوي التراكمي نحو 19.5%، وهو معدل يفوق أداء معظم المعادن الأخرى.
لكن التقرير حذّر من أن الفضة لا تحافظ دائمًا على مكاسبها بعد موجات الارتفاع القوية، مستشهدًا بما حدث عام 2006، حينما هبطت الأسعار بنسبة 33% بعد مكاسب تجاوزت 100%. ورغم ذلك، يرى المركز أن الارتفاع الحالي بنسبة 38% خلال العام الماضي يُعد صحيًا ومستدامًا، خاصة مع تسجيل الفضة نحو 21 قمة سعرية جديدة خلال العام الماضي، ما يعكس قوة الدفع الأساسية وراء الاتجاه الصعودي.
دروس من قمة 1980
استعاد التقرير تجربة يناير 1980 حين قفزت أسعار الفضة إلى قرابة 50 دولارًا للأوقية بدعم من عوامل مشابهة للوضع الحالي، مثل التضخم المرتفع، أزمة النفط بعد الثورة الإيرانية، ضعف الدولار الأمريكي، إلى جانب المضاربات المكثفة لعائلة «هانت». ورغم انهيار تلك الموجة سريعًا، فإنها أثبتت أن مزيج التضخم والمخاطر الجيوسياسية وفقدان الثقة في العملات الورقية يمثل بيئة خصبة لانفجار أسعار الفضة، وهي ظروف تعود للواجهة في عام 2025.
العوامل الداعمة لصعود الفضة
التحوط من التضخم: استمرار معدلات التضخم المرتفعة رغم رفع الفائدة يجعل الفضة أداة فعّالة للحفاظ على القوة الشرائية.
الطلب الصناعي المتزايد: استخدام الفضة في الصناعات الحديثة مثل الألواح الشمسية، السيارات الكهربائية والإلكترونيات يعزز الطلب عليها.
التوترات الجيوسياسية: تصاعد الخلافات التجارية والأزمات السياسية يدفع المستثمرين إلى الأصول الصلبة.
تأثير الذهب: تجاوز الذهب مستوى 3700 دولار للأوقية فتح الطريق أمام الفضة لمواصلة الصعود بوتيرة أسرع.
هل تكسر الفضة حاجز 50 دولارًا للأوقية؟
يرى التقرير أن تجاوز مستوى 50 دولارًا سيكون بمثابة إشارة استراتيجية قوية تؤكد تحول المستثمرين نحو الأصول الملموسة. وبالنظر إلى تاريخ الفضة، فإن تحركاتها عادة ما تكون سريعة وحادة، مثلما حدث في موجة 1979–1980 حين ارتفعت الأسعار 24% خلال أسابيع قليلة، وكذلك في 2011 حين قفزت من 30 إلى 48 دولارًا خلال ثلاثة أشهر فقط.
السيناريوهات المستقبلية للفضة
يتوقع المركز أن يشهد السوق أحد سيناريوهين خلال الفترة المقبلة:
1. اختراق حاجز 50 دولارًا قريبًا بدعم من الطلب الصناعي والضغوط التضخمية.
2. تصحيح سعري مؤقت يسبق موجة صعود جديدة أكثر استدامة.
كما أشار التقرير إلى أن الفضة ما زالت من الأصول الاستثمارية ذات المخاطر المحدودة مقارنة بالعوائد المحتملة، بفضل دورها النقدي والطلب الصناعي القوي.
دور السياسة النقدية في دعم أسعار الفضة
أكد التقرير أن اتجاه الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة يعزز من جاذبية الذهب والفضة، حيث يقلل تكلفة الاحتفاظ بالأصول غير المدرة للعائد ويضعف الدولار الأمريكي، وهو ما يدفع المستثمرين إلى التحوط بالمعادن النفيسة. ومع تصاعد المخاوف من الركود التضخمي والضبابية الاقتصادية في الولايات المتحدة والصين، يزداد الإقبال على الفضة كملاذ آمن.
التوقعات حتى 2026
توقع مركز «الملاذ الآمن» أن تواصل أسعار الفضة مسارها الصعودي بدعم من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، مرجحًا أن تتجاوز الأوقية مستوى 50 دولارًا خلال عام 2026. غير أن هذا الارتفاع قد يدفع بعض الصناعات، خاصة شركات الطاقة الشمسية، إلى تقليص اعتمادها على الفضة في محاولة لاحتواء التكاليف.