- 21 سبتمبر 2025
- / 40
أصدر مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث تقريرًا جديدًا أكد فيه استمرار موجة الصعود القوية لأسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، حيث ارتفع المعدن الأبيض محليًا بنسبة 1.9%، بينما صعدت الأوقية عالميًا بنسبة 2.4% لتغلق عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011. وجاء هذا الأداء الإيجابي بدعم من ضعف الدولار الأمريكي، إلى جانب تزايد قناعة المستثمرين بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتجه إلى سياسة نقدية أكثر تيسيرًا، فضلًا عن تحول المستثمرين إلى الفضة مع استمرار الصعود القوي لأسعار الذهب.
الأداء المحلي والعالمي للفضة
على المستوى المحلي، شهد جرام الفضة عيار 800 ارتفاعًا بقيمة جنيه واحد خلال الأسبوع، حيث صعد من 54 جنيهًا عند بداية التعاملات إلى 55 جنيهًا عند الإغلاق. أما الأوقية عالميًا فقد ارتفعت من 42 دولارًا إلى 43 دولارًا، أي بزيادة دولار واحد كامل.
كما استقرت أسعار الفضة الأخرى محليًا عند مستويات متفاوتة، حيث سجل جرام الفضة عيار 999 نحو 69 جنيهًا، وبلغ جرام الفضة عيار 925 حوالي 64 جنيهًا، في حين ثبت سعر جنيه الفضة (عيار 925) عند مستوى 512 جنيهًا.
مكاسب قياسية منذ بداية 2025
وأوضح التقرير أن الفضة حققت مكاسب قوية منذ بداية العام الحالي، إذ ارتفعت محليًا بنسبة 34% ما يعادل 14 جنيهًا للجرام، بينما قفزت عالميًا من 29 دولارًا إلى 43 دولارًا للأوقية بزيادة قدرها 14 دولارًا أو ما نسبته 48.3%، لتتربع على قائمة الأصول الأفضل أداءً بين المعادن النفيسة خلال 2025.
ورغم أن مؤشر الدولار الأمريكي ارتفع بنسبة 0.29% مسجلًا مستوى 97.647 نقطة – وهو ما يُفترض أن يضغط عادة على السلع المقومة بالدولار – إلا أن الذهب والفضة واصلا صعودهما، ما يعكس وجود زخم شرائي قوي في الأسواق العالمية.
دعم قوي من سياسات الفيدرالي الأمريكي
يرى التقرير أن الزخم الأخير في أسعار الفضة مدعوم بشكل رئيسي بتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. ووفقًا لبيانات أداة CME FedWatch، يتوقع المستثمرون بنسبة 91.1% أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة في اجتماع أكتوبر المقبل، مع وجود احتمالات بنسبة 80.4% لخفض إضافي بمقدار ربع نقطة مئوية في ديسمبر.
هذه التوجهات تعني تحولًا محوريًا في السياسة النقدية الأمريكية، وهو ما يمثل عامل دعم رئيسي للمعادن النفيسة، حيث إن خفض الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب والفضة.
الطلب الصناعي والتدفقات الاستثمارية
لم يكن العامل النقدي وحده هو المحرك لأسعار الفضة، بل ساهم أيضًا ارتفاع الطلب الصناعي على المعدن الأبيض، خاصة من قطاعات الإلكترونيات والطاقة الشمسية، إلى جانب التدفقات القوية إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالفضة. كما أن تصاعد حالة الضبابية الاقتصادية والجيوسياسية عالميًا عزز توجه المستثمرين إلى الفضة باعتبارها ملاذًا آمنًا، مما يدعم بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة.
المخاطر والتوقعات المستقبلية
مع ذلك، أشار التقرير إلى أن السوق لا يخلو من مخاطر محتملة، أبرزها أي تباطؤ في الطلب الصناعي على الفضة، أو تغيرات مفاجئة في سياسات البنوك المركزية نحو التشدد النقدي.
وتوقع بنك HSBC في تقرير حديث أن النظرة المتوسطة الأجل للفضة تبقى إيجابية، مدعومة بارتفاع أسعار الذهب واستمرار المخاطر الجيوسياسية، إلى جانب قوة الطلب الصناعي، مرجحًا أن تتجاوز الفضة مستوى 45 دولارًا للأوقية قبل نهاية 2025 إذا نفذ الفيدرالي الأمريكي مزيدًا من التخفيضات في أسعار الفائدة.
مقارنة تاريخية مع مستويات 50 دولارًا
لفت التقرير إلى أن أسعار الفضة سجلت مستوى 50 دولارًا للأوقية مرتين فقط في تاريخها الحديث:
المرة الأولى عام 1980 أثناء أزمة «إخوة هانت» في الولايات المتحدة، عندما حاول الأخوان نيلسون وويليام هانت احتكار سوق الفضة، ما أدى إلى قفزة غير مسبوقة في الأسعار قبل أن تنهار بعد تدخل السلطات.
المرة الثانية عام 2011 خلال الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون الأوروبية، حيث لجأ المستثمرون إلى الفضة كملاذ آمن، لتقترب الأسعار من حاجز 50 دولارًا مرة أخرى قبل أن تتراجع مع تحسن مؤشرات الاقتصاد العالمي.
وأشار التقرير إلى أن هاتين المحطتين التاريخيتين تؤكدان أن مستوى 50 دولارًا يمثل حاجزًا نفسيًا مهمًا يرتبط غالبًا بظروف اقتصادية استثنائية أو موجات مضاربات كثيفة، وهو ما يجعله مستوى محوريًا يترقبه المستثمرون كلما تصاعدت الاضطرابات الاقتصادية العالمية.