• / 73

شهدت أسعار الفضة قفزة تاريخية خلال تعاملات اليوم الإثنين، حيث نجحت الأوقية في تجاوز مستوى 40 دولارًا للمرة الأولى منذ عام 2011، وسط حالة من التفاؤل في الأسواق العالمية بخصوص توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفض أسعار الفائدة، إلى جانب استمرار الزخم القوي في الطلب الاستثماري والصناعي على المعدن الأبيض.

 

أداء أسعار الفضة في السوق المحلية والعالمية

 

أوضح تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث أن السوق المصرية سجلت صعودًا ملحوظًا في أسعار الفضة خلال تعاملات اليوم. حيث ارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 إلى مستوى 53 جنيهًا، فيما سجل جرام عيار 925 نحو 61 جنيهًا، وقفز عيار 999 إلى حوالي 66 جنيهًا. كما صعد جنيه الفضة (عيار 925) ليسجل 488 جنيهًا.

 

وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت أسعار الفضة بنسبة 2.6% لتسجل 40.75 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى منذ 2011، لترفع مكاسبها منذ بداية 2025 إلى نحو 40%. في الوقت ذاته، ارتفع الذهب بنسبة 1.2% ليتداول قرب مستوياته القياسية الأخيرة فوق 3500 دولار للأوقية. وتجدر الإشارة إلى أن أسعار المعدنين تضاعفت تقريبًا خلال السنوات الثلاث الماضية مدفوعة بتصاعد المخاطر الجيوسياسية والتجارية عالميًا.

 

السياسة النقدية الأمريكية وضغوط ترامب

 

جاء هذا الصعود القوي في أسعار الفضة مدفوعًا بتزايد التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتجه نحو خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المرتقب منتصف سبتمبر، خاصة في ظل مؤشرات ضعف سوق العمل الأمريكي. ومن المنتظر أن يضيف تقرير الوظائف غير الزراعية المقرر صدوره يوم الجمعة المقبل المزيد من الضغوط التي قد تدفع الفيدرالي لاتخاذ مسار نقدي أكثر تيسيرًا.

 

في المقابل، تزايدت المخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي الأمريكي بعد الانتقادات الحادة التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسياسات الفيدرالي، وقراره المفاجئ بإقالة ليزا كوك، عضو مجلس المحافظين، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا ولا تزال قيد النظر في المحاكم.

 

عوامل داعمة إضافية لصعود الفضة

 

إلى جانب السياسة النقدية الأمريكية، ساهمت مجموعة من العوامل الأخرى في تعزيز أسعار الفضة عالميًا، أبرزها:

 

تراجع قيمة الدولار الأمريكي بما عزز القوة الشرائية للمستثمرين في الأسواق الناشئة.

 

استمرار توسع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة للفضة للشهر السابع على التوالي.

 

شحّ المعروض في مراكز التداول في لندن، مع بقاء أسعار الإيجار (تكلفة اقتراض المعدن) مرتفعة عند مستوى 2%.

 

إدراج الفضة ضمن قائمة المعادن الأساسية التي قد تواجه رسومًا جمركية مستقبلية في الولايات المتحدة.

 

 

تحركات الاستثمار المؤسسي

 

شهدت أسواق المعادن الثمينة تدفقات استثمارية مؤسسية قوية خلال الفترة الأخيرة، حيث دخل صندوق هارفارد الاستثماري بحصة كبيرة في صندوق SPDR Gold، أكبر صندوق مدعوم بالذهب عالميًا. كما استثمر البنك المركزي السعودي نحو 30.5 مليون دولار في صندوق iShares Silver Trust، إلى جانب استثمار إضافي بقيمة 10 ملايين دولار في صندوق Global X Silver Miners ETF.

 

جاذبية الفضة مقارنة بالذهب

 

رغم أن الذهب لا يزال المعدن المفضل للبنوك المركزية حول العالم، إلا أن الفضة باتت تقدم قيمة استثمارية نسبية أعلى في الفترة الأخيرة. فقد تراجعت نسبة الذهب إلى الفضة من أكثر من 104 في أبريل الماضي إلى نحو 86 حاليًا، مقارنة بمتوسط تاريخي يتراوح بين 50 و60.

وتتجاوز جاذبية الفضة كونها ملاذًا استثماريًا آمنًا، إذ تلعب دورًا صناعيًا محوريًا في قطاعات مثل الطاقة الشمسية، والإلكترونيات، والمركبات الكهربائية، ما يقلص المعروض العالمي منها مقارنة بالذهب الذي يظل استخدامه الصناعي محدودًا.

 

تطورات الطلب العالمي على الفضة والاستثمارات المادية

 

أشار معهد الفضة الدولي إلى أن الاستثمار المادي في الفضة ارتفع بنسبة 34% منذ بداية 2025، مقارنة بـ28% للذهب و18% للبيتكوين.

 

الولايات المتحدة: ما زالت أكبر سوق عالمي للفضة، لكن الطلب على السبائك الجديدة انخفض في 2025 إلى أدنى مستوى له منذ 7 سنوات.

 

الهند: ثاني أكبر سوق عالمي للفضة، حيث بلغ الطلب التراكمي 840 مليون أوقية بين 2010 و2024، فيما ارتفعت حيازات المنتجات المتداولة بنسبة 51% خلال 2025.

 

ألمانيا: تحتل المرتبة الثالثة عالميًا مع هيمنة الطلب على العملات الفضية، وتشير التوقعات إلى تعافٍ جزئي للطلب (+25% مقارنة بعام 2024).

 

أستراليا: سجلت نموًا سريعًا في الطلب منذ عام 2019 بدعم السياسات الضريبية المشجعة.

 

 

توقعات البنوك الاستثمارية لمسار الفضة والذهب

 

رجح محللو مورجان ستانلي أن استمرار ضعف الدولار إلى جانب تخفيضات الفائدة المرتقبة وتزايد تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة سيعزز مكاسب الذهب والفضة خلال الفترة المقبلة. وأشاروا إلى إمكانية صعود أسعار الذهب بنسبة إضافية تبلغ 10%، فيما تظل الفضة مرشحة لتجاوز التوقعات الحالية.

 

أما سيتي بنك، فتوقع أن تتجاوز أسعار الفضة مستوى 46 دولارًا للأوقية بحلول الربع الثالث من عام 2025، مع ترجيح أن يتخطى الطلب العالمي على المعدن الأبيض 1.2 مليار أوقية هذا العام، مما يعزز مكانة الفضة كأحد أهم المعادن الاستثمارية والصناعية على حد سواء.