• / 2643

سجّلت أسعار الذهب العالمية حالة من الاستقرار النسبي خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، مدعومة بتراجع مؤشر الدولار الأمريكي وانخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية، في وقت يترقب فيه المستثمرون حول العالم كلمة جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، خلال فعاليات ندوة جاكسون هول الاقتصادية، إلى جانب متابعة دقيقة للتطورات الجيوسياسية المرتبطة بالأزمة الروسية – الأوكرانية، بحسب ما ذكرته منصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت.

 

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بنحو 10 جنيهات خلال تعاملات اليوم مقارنة بإغلاق تعاملات أمس، حيث سجل جرام الذهب عيار 21 مستوى 4540 جنيهًا، بينما ارتفعت الأوقية عالميًا بنحو 7 دولارات لتصل إلى مستوى 3340 دولارًا.

 

وسجلت باقي الأعيرة مستويات متفاوتة، حيث بلغ سعر جرام الذهب عيار 24 نحو 5189 جنيهًا، وعيار 18 عند 3891 جنيهًا، بينما وصل عيار 14 إلى 3027 جنيهًا، وبلغ سعر الجنيه الذهب 36,320 جنيهًا.

 

حركة أسعار الذهب أمس الإثنين

 

كانت أسعار الذهب قد تراجعت في تعاملات أمس بنحو 10 جنيهات محليًا، إذ افتتح الذهب التداولات عند مستوى 4540 جنيهًا للجرام عيار 21، ليختتمها عند 4530 جنيهًا. أما الأوقية العالمية فقد سجلت تراجعًا من 3336 دولارًا إلى 3333 دولارًا، قبل أن تعاود الصعود الطفيف اليوم.

 

تأثير الدولار وسندات الخزانة

 

ارتبط الأداء الإيجابي النسبي للذهب بتراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.1%، ما جعل المعدن النفيس أكثر جاذبية للمستثمرين من خارج الولايات المتحدة. في الوقت نفسه، شهدت عوائد السندات الأمريكية استقرارًا نسبيًا، حيث بلغ العائد على السندات لأجل 10 سنوات 4.324%، بينما تراجع العائد على السندات لأجل عامين إلى 3.761%، وهو ما خفّض من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب كونه أصلًا لا يدر عائدًا.

 

الأنظار على ندوة جاكسون هول

 

تركز الأسواق العالمية أنظارها الآن على محضر اجتماع الفيدرالي الأمريكي لشهر يوليو وخطاب جيروم باول المقرر خلال ندوة جاكسون هول بين 21 و23 أغسطس. وتكتسب هذه الفعالية الاقتصادية أهمية خاصة لأنها قد تكشف عن ملامح السياسة النقدية المقبلة، خصوصًا فيما يتعلق بمسار التضخم وسوق العمل، ما ينعكس مباشرة على توقعات أسعار الفائدة في سبتمبر.

 

وبحسب أداة CME FedWatch، فإن الأسواق تسعّر احتمالية بنسبة 83% لقيام الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل.

 

التطورات الجيوسياسية وتأثيرها على الذهب

 

على الصعيد السياسي، تابعت الأسواق نتائج قمة البيت الأبيض التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين. ورغم تحقيق تقدم نسبي في المحادثات، فإن غياب اتفاق ملموس لوقف إطلاق النار أبقى حالة عدم اليقين مرتفعة، وهو ما يعزز من مكانة الذهب كملاذ آمن للمستثمرين.

 

كما أشار ترامب إلى وجود محادثات أولية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعقد قمة ثلاثية محتملة، مؤكدًا التزام الولايات المتحدة بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين بشأن تقديم ضمانات أمنية طويلة الأمد لأوكرانيا.

 

توقعات البنوك والمؤسسات المالية

 

رفعت بعض المؤسسات المالية الكبرى توقعاتها المستقبلية لأسعار الذهب. حيث عدّل بنك UBS مستهدفاته لتتوقع وصول الأوقية إلى 3600 دولار بحلول مارس 2026، ثم إلى 3700 دولار بحلول منتصف نفس العام، مدعومًا بزيادة الطلب من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار.

 

أما بنك جولدمان ساكس فقد أبقى على نظرته الصعودية، مرجحًا أن تبلغ أسعار الذهب 3700 دولار بنهاية 2025، على أن تصل إلى 4000 دولار بحلول منتصف 2026.

 

وتستند هذه التوقعات إلى استمرار الضغوط على الدولار الأمريكي، إلى جانب المخاطر الاقتصادية العالمية، والدور المتزايد للبنوك المركزية في تعزيز الطلب على المعدن الأصفر.

 

معطيات الاقتصاد الأمريكي الأخيرة

 

أظهرت بيانات الاقتصاد الأمريكي الأخيرة صورة متباينة؛ إذ جاءت مبيعات التجزئة قوية بما يعكس مرونة إنفاق المستهلكين، بينما تراجعت مؤشرات الثقة وارتفعت توقعات التضخم على المدى الطويل، ما يشير إلى حذر متزايد من الأسر الأمريكية.

 

هذه التطورات دفعت الأسواق لتقليص الرهانات على سياسة تيسير نقدي حاد، لكن يظل خفض الفائدة في سبتمبر السيناريو الأكثر ترجيحًا. ووفقًا لاستطلاع أجرته وكالة رويترز يوم 15 أغسطس، توقع 67 اقتصاديًا من أصل 110 خفض الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية الشهر المقبل، بينما رأى 42 اقتصاديًا أن الفيدرالي سيبقي سياسته دون تغيير، في حين توقع اقتصادي واحد فقط خفضًا بمقدار نصف نقطة.

 

ترقب الأسواق لخطاب باول

 

تبقى الأسواق في حالة ترقب شديدة لصدور محضر اجتماع الفيدرالي غدًا، ثم خطاب جيروم باول يوم الجمعة خلال ندوة جاكسون هول، حيث إن أي تلميحات بشأن تخفيف السياسة النقدية قد تشكّل محفزًا مباشرًا لصعود أسعار الذهب.

 

ومع استمرار عدم اليقين الجيوسياسي وتزايد المخاطر الاقتصادية العالمية، يظل الذهب محافظًا على مكانته كأصل استثماري استراتيجي وملاذ آمن في أوقات الأزمات.