• / 3424

سجلت أسعار الذهب اليوم الخميس ارتفاعًا ملحوظًا في كل من السوقين المحلي والعالمي، مدفوعة بمزيج من العوامل الاقتصادية والسياسية التي تدعم شهية المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب. يأتي هذا الصعود في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية، وعودة المخاوف من الدخول في ركود اقتصادي عالمي، إلى جانب تزايد الرهانات على قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المرتقب.

 

ارتفاع أسعار الذهب في السوق المحلية والعالمية

 

أفاد سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، بأن سعر جرام الذهب عيار 21 – الأكثر تداولًا في السوق المحلية – ارتفع بنحو 15 جنيهًا خلال تعاملات اليوم، ليصل إلى 4600 جنيه مقارنة بـ4585 جنيهًا أمس.

 

أما على الصعيد العالمي، فقد صعدت أوقية الذهب بنحو 7 دولارات لتسجل مستوى 3378 دولارًا، مدفوعة بتراجع الدولار الأمريكي وتزايد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

 

وفيما يخص باقي الأعيرة، سجّل سعر جرام الذهب عيار 24 نحو 5257 جنيهًا، وعيار 18 نحو 3943 جنيهًا، وعيار 14 حوالي 3067 جنيهًا، بينما استقر سعر الجنيه الذهب عند مستوى 36800 جنيه.

 

وأشار إمبابي إلى أن تعاملات أمس الأربعاء اتسمت بالهدوء النسبي، حيث افتتح الذهب عيار 21 التداول عند 4585 جنيهًا وأغلق عند نفس المستوى، بينما تراجعت الأوقية من 3379 إلى 3371 دولارًا قبل أن تعاود الصعود مجددًا اليوم.

 

 

---

 

الرسوم الجمركية الأمريكية تُشعل الحرب التجارية وتُعزز الطلب على الذهب

 

تتلقى أسعار الذهب العالمية دعمًا إضافيًا من تصاعد الحرب التجارية، بعدما دخلت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيز التنفيذ. وتشمل هذه الرسوم عشرات الدول، مع زيادات تتراوح بين 10% و50%، إضافة إلى فرض رسوم بنسبة 100% على واردات أشباه الموصلات التي لم يتم تصنيعها داخل الولايات المتحدة.

 

وقد أثارت هذه الإجراءات التجارية المتشددة موجة من القلق في الأسواق العالمية، خشية من تصعيد جديد في التوترات التجارية العالمية، ما أدى إلى تراجع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته في أسبوع ونصف، مسجلًا 98.00 نقطة، الأمر الذي عزز من جاذبية الذهب للمستثمرين، خاصة من خارج الولايات المتحدة الذين يبحثون عن أدوات تحوط أكثر أمانًا بعيدًا عن تقلبات الدولار.

 

 

---

 

توقعات قوية بخفض أسعار الفائدة الأمريكية تعزز مكاسب الذهب

 

وفقًا لأداة CME FedWatch، ارتفعت احتمالات خفض أسعار الفائدة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي المقبل في سبتمبر إلى 93%، مقارنة بـ48% فقط خلال الأسبوع الماضي، في إشارة واضحة إلى تزايد القناعة في الأسواق بأن الفيدرالي سيضطر إلى التيسير النقدي استجابة للبيانات الاقتصادية الضعيفة.

 

وقد جاءت هذه التوقعات مدعومة بتصريحات لعدد من كبار مسؤولي الفيدرالي، من بينهم نيل كاشكاري (رئيس فرع البنك في مينيابوليس)، وماري دالي (رئيسة فرع سان فرانسيسكو)، وليزا كوك (عضوة مجلس المحافظين)، حيث أبدوا دعمهم لفكرة خفض الفائدة استجابة لتباطؤ سوق العمل وضعف المؤشرات الاقتصادية.

 

وقال كاشكاري في مقابلة مع قناة CNBC:

 

> "الاقتصاد يتباطأ، وقد يكون من المناسب البدء في تعديل أسعار الفائدة قريبًا... خفض الفائدة مرتين هذا العام لا يزال خيارًا مطروحًا."

 

 

 

هذه التصريحات جاءت لتؤكد اتجاهًا أكثر مرونة في السياسة النقدية الأمريكية، ما يعزز من جاذبية الذهب كأصل استثماري خلال المرحلة المقبلة.

 

 

---

 

الصين تواصل دعم احتياطاتها من الذهب للشهر التاسع على التوالي

 

في سياق موازٍ، أعلن بنك الشعب الصيني عن زيادة احتياطياته من الذهب خلال شهر يوليو، لتسجل بذلك الصين الشهر التاسع على التوالي من عمليات الشراء. ووفقًا للبيانات الرسمية، ارتفعت الاحتياطيات إلى 73.96 مليون أوقية (أونصة) بقيمة 243.99 مليار دولار، مقارنة بـ73.90 مليون أوقية و242.93 مليار دولار في يونيو الماضي.

 

وتشير هذه البيانات إلى استمرار الصين في تنفيذ استراتيجيتها طويلة الأجل لتنويع احتياطاتها النقدية بعيدًا عن الدولار الأمريكي، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة مع الغرب. ووفقًا لوكالة "بلومبرج"، فقد أضافت الصين أكثر من 180 طنًا من الذهب إلى احتياطاتها منذ نوفمبر 2022، في خطوة تعكس توجهًا واضحًا نحو الأصول الصلبة.

 

 

---

 

توقعات مستقبلية: هل يقترب الذهب من ذروة تاريخية جديدة؟

 

بحسب توقعات محللي بنك NAB الأسترالي، فإن الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب قد يستمر حتى عام 2026، وسط توقعات بتباطؤ الاقتصاد العالمي وتزايد السياسات التيسيرية من البنوك المركزية. وقدّر البنك أن يبلغ متوسط سعر الأوقية 3220 دولارًا خلال عام 2025، قبل أن يصل إلى 3475 دولارًا في عام 2026، في ظل استمرار التوجهات نحو الاستثمار في الأصول الآمنة.

 

تدعم هذه التوقعات العديد من المؤشرات، وعلى رأسها تباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى، واستمرار التوترات الجيوسياسية، وتزايد إقبال البنوك المركزية – خاصة في آسيا – على زيادة احتياطاتها من الذهب.

 

 

---

 

خلاصة

 

يرى مراقبون أن مسار الذهب في المرحلة المقبلة سيكون مرهونًا بعدة عوامل، أبرزها قرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة، وتطورات الحرب التجارية، وأداء الدولار، إلى جانب التحركات المتزايدة من قبل البنوك المركزية، وعلى رأسها الصين. ومع تزايد الضبابية في الأسواق، يبقى الذهب الخيار المفضل لكثير من المستثمرين، سواء كأداة للتحوط أو كمخزن للقيمة.