- 25 ديسمبر 2025
- / 4014
سجّلت أسعار الذهب ارتفاعًا طفيفًا في الأسواق المحلية خلال تعاملات نهاية عام 2025، في الوقت الذي حافظت فيه الأسعار العالمية على حالة من الاستقرار النسبي في البورصة الدولية، تزامنًا مع عطلات أعياد الميلاد ونهاية العام، وما يصاحبها من تراجع مستويات السيولة وحركة التداول، وذلك بعد عام استثنائي حقق خلاله المعدن النفيس مكاسب تاريخية تجاوزت 70%، مدعومًا بتغيرات الاقتصاد الكلي وتصاعد حدة التوترات الجيوسياسية عالميًا، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة».
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بنحو 5 جنيهات للجرام خلال تعاملات اليوم، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية، نحو 5970 جنيهًا، في حين استقرت أسعار الذهب في البورصة العالمية قرب مستوى 4480 دولارًا للأوقية، بعد أن كانت قد لامست أعلى مستوى تاريخي لها على الإطلاق عند 4526 دولارًا للأوقية.
وأضاف إمبابي أن سعر جرام الذهب عيار 24 سجل نحو 6823 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام الذهب عيار 18 قرابة 5117 جنيهًا، في حين وصل سعر الجنيه الذهب إلى حوالي 47,760 جنيهًا، متأثرًا بحركة الأسعار العالمية وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
وأوضح المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» أن الارتفاع القياسي الذي حققه الذهب خلال عام 2025 يُعد استثنائيًا بكل المقاييس، بعدما تجاوزت مكاسبه حاجز 70% منذ بداية العام، ليقترب من تسجيل أقوى أداء سنوي له منذ عام 1979، مدفوعًا بتزايد الطلب على الملاذات الآمنة في ظل استمرار المخاطر الجيوسياسية، إلى جانب حالة الضبابية التي تسيطر على الاقتصاد العالمي، فضلًا عن قوة التدفقات الاستثمارية والمؤسسية على المعدن النفيس.
وأشار التقرير إلى أن أسعار الذهب استفادت أيضًا من ضعف الدولار الأمريكي خلال فترات متعددة من العام، إلى جانب توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو تيسير السياسة النقدية، بعدما خفّض أسعار الفائدة بإجمالي 75 نقطة أساس خلال عام 2025، وهو ما عزز من جاذبية الذهب باعتباره أحد الأصول غير المدرة للعائد، مقارنة بالأدوات الاستثمارية الأخرى.
وفيما يخص السوق المصرية، أوضح التقرير أن أسعار الذهب المحلية أظهرت حساسية واضحة للتقلبات العالمية وتحركات سعر الصرف، حيث سجل جرام الذهب مستوى قياسيًا عند 5990 جنيهًا في وقت سابق، رغم تداوله حاليًا عند مستويات أقل من السعر العالمي العادل، نتيجة التسعير على دولار أقل من السعر الرسمي، في إطار تحفيز عمليات البيع وجني الأرباح من قبل المواطنين، بالإضافة إلى استمرار تصدير الذهب الخام بهدف توفير العملة الأجنبية وتعزيز السيولة في الأسواق المحلية.
وعلى الصعيد العالمي، أنهى الذهب عام 2025 بأداء فصلي قوي، مدعومًا بارتفاع رهانات الأسواق على خفض أسعار الفائدة الأمريكية، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية في عدد من المناطق، رغم تراجع الزخم في جلسات نهاية العام نتيجة العطلات. ولجأ المستثمرون إلى الذهب كأداة للتحوّط في ظل تصاعد المخاطر الجيوسياسية في مناطق عدة، من بينها الشرق الأوسط وأجزاء من أمريكا اللاتينية، وهو ما ساهم في الحفاظ على مستويات الطلب، حتى مع تنفيذ عمليات جني أرباح عقب تجاوز الأسعار مستوى 4500 دولار للأوقية.
وتجاوزت الأسعار العالمية للذهب لفترة وجيزة مستوى 4500 دولار للأونصة، مدعومة بتداخل توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية مع تدفقات رؤوس الأموال الباحثة عن الملاذات الآمنة، قبل أن تتراجع الأسعار بفعل عمليات جني الأرباح، وهو ما انعكس سريعًا على أسعار التجزئة في الأسواق المحلية، في ظل تأثر تكاليف الاستيراد بتحركات الدولار الأمريكي.
ورغم تراجع النشاط نسبيًا مع اقتراب نهاية العام، فإن أسعار الذهب لا تزال مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة. وتشير غالبية التوقعات إلى استمرار تداول الذهب عند مستويات قوية خلال عام 2026، لا سيما في حال استمرار البنوك المركزية الكبرى في تثبيت مسار خفض أسعار الفائدة، واستمرار حالة عدم الاستقرار في الأسواق العالمية.
وعلى صعيد البيانات الاقتصادية الأمريكية، أظهر التقدير الأولي للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من عام 2025 نمو الاقتصاد بنسبة 4.3% على أساس سنوي، متجاوزًا التقديرات السابقة، رغم تأخر صدور البيانات نتيجة الإغلاق الحكومي. إلا أن هذه النتائج الإيجابية جاءت متباينة مع مؤشرات اقتصادية أخرى، أبرزها تراجع طلبات السلع المعمرة بنسبة 2.2%، وانخفاض الإنتاج الصناعي بنسبة 0.1%، إلى جانب هبوط مؤشر ثقة المستهلك إلى 89.1 نقطة خلال شهر ديسمبر، ما أبقى الضغوط قائمة على الدولار الأمريكي.
ويتداول مؤشر الدولار الأمريكي حاليًا قرب مستوى 97.87 نقطة، مسجلًا أدنى مستوياته منذ مطلع أكتوبر، في ظل توقعات الأسواق بإبقاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل، مع ترجيحات بالعودة إلى سياسة التيسير النقدي في وقت لاحق من العام المقبل.
وتواصل التوترات الجيوسياسية العالمية، بما في ذلك الصراع الروسي الأوكراني، وحالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فضلًا عن التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، لعب دور رئيسي في دعم الطلب على الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا في أوقات عدم اليقين.
وبصورة عامة، تبقى النظرة المستقبلية لأسعار الذهب إيجابية مع دخول عام 2026، في ظل استمرار الضغوط على الدولار الأمريكي، وتوقعات بمزيد من خفض أسعار الفائدة عالميًا. كما تؤكد بيانات مجلس الذهب العالمي للربع الثالث من عام 2025 استمرار مشتريات البنوك المركزية القوية من الذهب، والتي بلغت نحو 280 طنًا إضافيًا، ما يوفر قاعدة طلب صلبة تدعم استقرار السوق على المدى المتوسط والطويل.
وبناءً على ذلك، يرى محللون أن أي تراجعات ملحوظة في أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة قد تمثل فرصًا مناسبة للشراء، في ظل الاتجاه الصعودي العام الذي لا يزال يسيطر على حركة المعدن النفيس.