• / 2633

في خطوة غير متوقعة، عدّلت مجموعة "سيتي جروب" (Citigroup Inc) رؤيتها المستقبلية لسوق الذهب، لتتجه نحو مزيد من التفاؤل بشأن أداء المعدن النفيس خلال الفترة المقبلة. حيث أشار البنك في مذكرة بحثية صادرة اليوم الإثنين، إلى أن الذهب قد يشهد موجة صعود قوية تدفعه إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة، وسط تنامي الضغوط الاقتصادية في الولايات المتحدة، وتصاعد المخاوف بشأن الركود وارتفاع معدلات التضخم نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة.

 

توقعات سيتي جروب: الذهب بين 3300 و3600 دولار للأوقية في الربع المقبل

 

رجّح المحللون في "سيتي جروب"، ومن بينهم الخبير الاقتصادي ماكس ليتون، أن يتم تداول الذهب في نطاق يتراوح بين 3300 و3600 دولارًا للأوقية خلال الربع المالي القادم. ويأتي هذا التوقع المرتفع على خلفية السياسات التجارية الأميركية الجديدة، حيث فرضت إدارة الرئيس دونالد ترامب تعريفات جمركية تتجاوز متوسط 15%، مما يُفاقم الأعباء على الاقتصاد الأميركي، ويعزز من الإقبال على الذهب كأداة للتحوط وملاذ آمن في أوقات الاضطرابات.

 

وتُعد هذه المراجعة تصحيحًا مهمًا لتقديرات البنك السابقة الصادرة في يونيو الماضي، والتي كانت تشير إلى احتمال تراجع الذهب إلى ما دون 3000 دولار للأوقية، نتيجة استقرار نسبي في الأسواق آنذاك.

 

الذهب يستفيد من المخاوف الاقتصادية وسياسات ترامب الحمائية

 

أوضح التقرير أن الأسواق العالمية ظلت طوال السنوات الثلاث الماضية في حالة من القلق المستمر حيال ركود اقتصادي محتمل في الولايات المتحدة، بفعل سياسات الفائدة المرتفعة التي اتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وهو ما دفع عددًا متزايدًا من المستثمرين إلى زيادة حيازاتهم من الذهب كأداة تحوط استراتيجية ضد تقلبات الأسواق والأزمات الاقتصادية.

 

وأشار محللو "سيتي" إلى أن هذه المخاوف تفاقمت خلال النصف الأول من عام 2025، مع تصاعد سياسات الرسوم الجمركية التي أعادت الإدارة الأميركية تفعيلها، ووصفوها بأنها "الأكبر منذ قرن كامل"، ما زاد من المخاطر التجارية والضغوط التضخمية، وساهم في رفع جاذبية الذهب بين المستثمرين العالميين.

 

الذهب يسجل مستوى قياسيًا في أبريل ويترقب الحراك الاقتصادي

 

كان الذهب قد حقق ارتفاعًا قويًا مع بداية عام 2025، حيث لامس مستوى قياسيًا بلغ 3500 دولار للأوقية في 22 أبريل الماضي، مدفوعًا بتزايد الطلب الاستثماري وتراجع أداء الدولار الأميركي. إلا أن الأسعار دخلت في موجة من التذبذب النسبي خلال الأشهر التالية، نتيجة ترقب الأسواق لتوجهات السياسة النقدية الأميركية وتطورات الاقتصاد الكلي.

 

مؤسسات مالية كبرى تؤيد توقعات الصعود.. وفيديليتي تتوقع 4000 دولار

 

جاءت توقعات "سيتي جروب" الجديدة متسقة مع رؤى مؤسسات مالية كبرى أبدت تفاؤلًا متزايدًا حيال مستقبل الذهب، من بينها "جولدمان ساكس" (Goldman Sachs) و"فيديليتي إنترناشونال" (Fidelity International)، واللتان أشارتا إلى أن البيئة الاقتصادية الحالية مواتية لصعود الذهب لمستويات غير مسبوقة.

 

وكانت "فيديليتي" قد رجّحت في تقارير سابقة إمكانية وصول الذهب إلى 4000 دولار للأوقية، في حال استمرار تراجع مؤشر الدولار الأميركي، وتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال الفصول القادمة.

 

حذر نسبي على المدى الطويل.. ولكن سيناريوهات 2026 قد تعيد رسم المشهد

 

ورغم نبرة التفاؤل التي تهيمن على المذكرة البحثية، احتفظ محللو "سيتي" بقدر من الحذر في تقييمهم للتوجهات طويلة الأمد. حيث أشاروا إلى أن توقعاتهم السابقة التي وضعت الذهب في نطاق يتراوح بين 3150 و3500 دولار للأوقية كانت دقيقة نسبيًا، في ظل حالة الاستقرار النسبي التي سادت الأسواق خلال الربع الثاني من العام.

 

ومع ذلك، نبه التقرير إلى أن عام 2026 قد يشهد تحولات جوهرية في المسار الاقتصادي، خاصة إذا بدأ الاقتصاد الأميركي في التعافي، مع إمكانية استعادة سوق العمل لعافيته، وتفعيل حزمة تحفيزية تحت ما يُعرف بـ"قانون الفاتورة الكبرى الجميلة" (One Big Beautiful Bill Act)، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على الذهب وتراجعه عن المستويات القياسية المتوقعة.

 

 

---

 

خلاصة وتوقعات مستقبلية

 

تُبرز مراجعة "سيتي جروب" الأخيرة حجم التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، ومدى تأثر الأسواق بالسياسات التجارية والنقدية. وبينما تبدو الآفاق المستقبلية للذهب واعدة على المدى القصير إلى المتوسط، فإن المسار طويل الأجل لا يزال مرهونًا بتطورات الاقتصاد الأميركي، واتجاهات الفائدة، ومواقف المستثمرين من المخاطر.

 

يظل الذهب – كما تؤكد التقارير – أداة استراتيجية لتحوط المحافظ الاستثمارية، ويحتفظ بجاذبيته كأصل آمن في عالم تتزايد فيه التقلبات والضغوط التضخمية.