• / 3669

شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الخميس، مدعومة بتراجع سعر صرف الدولار الأمريكي وانخفاض عوائد سندات الخزانة، في ظل حالة من الترقب تسبق صدور بيانات التضخم الأمريكية المرتقبة. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه سلوك المستهلك المصري تجاه الذهب تحوّلات لافتة، بحسب تقرير جديد صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت.

 

ارتفاع أسعار الذهب محليًا وعالميًا

 

قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب ارتفعت خلال تعاملات اليوم بنحو 10 جنيهات للجرام مقارنة بإغلاق الأمس، ليسجل سعر الذهب عيار 21 – وهو الأكثر تداولًا في السوق المصري – نحو 4530 جنيهًا للجرام، بينما صعد سعر الأوقية عالميًا بمقدار 37 دولارًا ليبلغ 3308 دولارات.

 

وأشار إمبابي إلى أن باقي الأعيرة شهدت زيادات مماثلة، حيث سجل الذهب عيار 24 مستوى 5177 جنيهًا، وبلغ سعر الذهب عيار 18 نحو 3883 جنيهًا، فيما وصل الذهب عيار 14 إلى 3020 جنيهًا، وسجل سعر الجنيه الذهب نحو 36240 جنيهًا.

 

يُذكر أن الذهب كان قد تراجع في تعاملات أمس بمقدار 45 جنيهًا للجرام، حيث انخفض عيار 21 من 4565 إلى 4520 جنيهًا، رغم الارتفاع الطفيف في سعر الأوقية الذي تحرك من 3271 إلى 3325 دولارًا.

 

قرارات الفيدرالي الأمريكي تقود تقلبات الأسواق

 

أوضح إمبابي أن هذه الزيادة في أسعار الذهب جاءت عقب موجة تراجع حادة في ختام تعاملات الأربعاء، متأثرة بقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تثبيت سعر الفائدة عند نطاق 4.25% إلى 4.50%، للمرة الخامسة خلال عام 2025.

 

ورغم أن الفيدرالي لم يرفع الفائدة، إلا أن الأسواق تأثرت بتصريحات البنك، التي أشارت إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي خلال النصف الأول من العام، مما تسبب في حالة من الترقب والقلق لدى المستثمرين، وأدى إلى موجة بيع واسعة في الأسواق العالمية.

 

وأضاف إمبابي أن البيان الصادر عن الفيدرالي كشف عن انقسام داخل لجنة السياسة النقدية، حيث صوّت عضوان – ميشيل بومان وكريستوفر والر – لصالح خفض الفائدة، وهو ما عزز من التوقعات بشأن احتمالية اتخاذ قرارات بخفض مزدوج للفائدة خلال النصف الثاني من عام 2025، قد يبدأ في سبتمبر، في ظل ضعف مؤشرات النمو والإنفاق.

 

وفي هذا السياق، لم يُدلِ رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بتصريحات حاسمة بشأن توجهات البنك في اجتماع سبتمبر المقبل، مؤكدًا أن اتخاذ قرار بشأن الفائدة لا يزال "سابقًا لأوانه"، مع ترقب الأسواق لبيانات التضخم الجديدة، خاصة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، الذي يُعد مقياسًا رئيسيًا لتوقعات التضخم.

 

ترامب يعيد فرض الرسوم الجمركية ويدعم الطلب على الذهب

 

وفي تطور آخر ساهم في دعم أسعار الذهب، أشار إمبابي إلى أن الإجراءات الحمائية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا ساعدت في رفع الطلب العالمي على الذهب، حيث شملت هذه الإجراءات فرض رسوم جمركية جديدة على واردات من دول مثل كوريا الجنوبية والبرازيل والهند، بالإضافة إلى إلغاء الإعفاءات الخاصة بالشحنات الصغيرة.

 

وتتضمن الإجراءات الجديدة فرض رسوم بنسبة 15% على بعض السلع الكورية الجنوبية، و50% على الواردات البرازيلية، في وقت لا تزال فيه الأسواق تترقب نتائج المحادثات التجارية مع الصين قبل حلول الموعد النهائي للاتفاقات المتبادلة في الأول من أغسطس.

 

تغيّرات في سلوك المستهلك المصري تجاه الذهب

 

وفي الجانب المحلي، سلط إمبابي الضوء على ما وصفه بـ"التحولات الجوهرية" في سلوك المستهلك المصري تجاه الذهب، مشيرًا إلى أن بيانات مجلس الذهب العالمي للربع الثاني من عام 2025 أظهرت تراجعًا في الإقبال على المشغولات الذهبية، مقابل عودة جزئية للاستثمار المباشر في السبائك والعملات.

 

وأوضح أن الذهب لم يعد يُنظر إليه فقط باعتباره ملاذًا آمنًا تقليديًا، بل أصبح أداة مرنة لإدارة المخاطر، تتأثر قرارات شرائه أو بيعه بالعوامل الاقتصادية المحلية والدولية، وتقلبات الأسعار، وقيمة الجنيه أمام الدولار.

 

تراجع ملحوظ في مشتريات المشغولات الذهبية

 

أظهرت البيانات تراجعًا بنسبة 17% في مشتريات المصريين من المشغولات الذهبية خلال الربع الثاني من عام 2025، لتسجل 5.7 طن، مقارنة بـ6.9 طن في نفس الفترة من العام الماضي، وأقل من مستوى الربع الأول من العام الحالي الذي بلغ 6.4 طن.

 

وعزا إمبابي هذا التراجع إلى ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين، خاصة مع استمرار ارتفاع سعر الدولار الذي تجاوز حاجز 50 جنيهًا، إلى جانب التذبذبات الحادة في أسعار الذهب عالميًا، مما دفع العديد من المستهلكين إلى تأجيل قرارات الشراء، أو اللجوء إلى البيع لتحقيق أرباح سعرية، بدلًا من الشراء بغرض الادخار أو الاستثمار طويل الأجل.

 

عودة حذرة للاستثمار في السبائك والعملات الذهبية

 

أما بالنسبة للاستثمار في الذهب على هيئة سبائك وعملات، فقد أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي انخفاضًا في المشتريات بنسبة 23% على أساس سنوي خلال الربع الثاني من عام 2025، لتبلغ 5.9 طن، إلا أنها كانت أعلى من مستويات الربع الأول التي سجلت 4.7 طن.

 

وأشار إمبابي إلى أن هذا الارتفاع النسبي في الربع الثاني يعكس حالة من العودة الحذرة من جانب المستثمرين الأفراد نحو الذهب كأداة للتحوط من تقلبات السوق، خاصة في ظل الركود النسبي في سوق العقارات، وضعف العوائد في الأدوات المالية التقليدية.

 

وأكد أن المستهلك المصري أصبح أكثر وعيًا تجاه تحركات أسعار الذهب، ويتخذ قراراته بناءً على تحليلات دقيقة، سواء بالشراء عند هبوط الأسعار أو البيع عند تحقيق أرباح، ما يعكس نضجًا متزايدًا في ثقافة الاستثمار والادخار.

 

التوقعات المستقبلية لسوق الذهب في مصر

 

توقّع إمبابي استمرار حالة الحذر في الطلب على المشغولات الذهبية خلال الفترة المقبلة، مع إمكانية حدوث انتعاش تدريجي في مبيعات السبائك والعملات إذا استمرت الأسعار في الارتفاع أو حافظت على استقرارها.

 

واختتم بالقول إن الذهب لا يزال يمثل عنصرًا مهمًا في الثقافة الاقتصادية للمصريين، لكن طريقة التعامل معه تغيّرت جذريًا، حيث أصبح يُستخدم بمرونة كأداة لحفظ القيمة وإدارة المخاطر، وهو ما تؤكده التحولات الأخيرة في سلوك المستهلكين والأرقام الرسمية.