- 20 يوليو 2025
- / 2167
شهدت أسعار الفضة تقلبات ملحوظة خلال تعاملات الأسبوع الماضي في السوق المحلية والعالمية، مدفوعة بتطورات اقتصادية وجيوسياسية أثّرت على حركة الأسواق المالية، بحسب تقرير حديث صادر عن مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث الاقتصادية. وأشار التقرير إلى أن الفضة سجّلت أعلى مستوياتها منذ أكثر من 14 عامًا، قبل أن تتعرض لضغوط بيعية بسبب عمليات جني أرباح من بعض المستثمرين، ما أدى إلى تراجع طفيف في الأسعار قبيل إغلاق الأسبوع.
أسعار الفضة في السوق المحلية خلال الأسبوع
في السوق المحلية، سجّل جرام الفضة عيار 800 مستويات سعرية تراوحت بين 52 و53 جنيهًا، قبل أن يستقر عند 52 جنيهًا بنهاية الأسبوع. كما بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 نحو 65 جنيهًا، وعيار 925 حوالي 60 جنيهًا، بينما سجل سعر جنيه الفضة (عيار 925) ما يقرب من 480 جنيهًا. وتُعد هذه المستويات امتدادًا للزخم الشرائي القوي الذي تشهده الأسواق المحلية تماشيًا مع الاتجاه العالمي الصاعد.
تحركات الفضة عالميًا: أعلى قمة منذ 2011 ثم تراجع طفيف
أما على المستوى العالمي، فقد افتتحت أوقية الفضة تعاملات الأسبوع عند 38.32 دولارًا، وارتفعت لاحقًا إلى ذروتها البالغة 39.13 دولارًا، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله منذ عام 2011. ومع نهاية الأسبوع، تراجعت الأسعار إلى 37.65 دولارًا بفعل جني الأرباح، لتُغلق تداولات الجمعة عند مستوى 38.11 دولارًا للأوقية، بانخفاض طفيف بقيمة 0.11 دولار مقارنة ببداية الأسبوع.
أداء استثنائي منذ بداية عام 2025
بحسب تقرير «الملاذ الآمن»، فقد حققت أسعار الفضة مكاسب قوية منذ بداية عام 2025، حيث ارتفع جرام الفضة عيار 800 محليًا من 41 جنيهًا إلى 52 جنيهًا، أي بزيادة قدرها 11 جنيهًا تمثل نموا بنسبة 27%. وعلى الصعيد العالمي، قفز سعر أوقية الفضة من 29 دولارًا في يناير إلى 38.11 دولارًا، مسجلًا مكاسب قوية بنسبة 32%، متفوقًا على معظم المعادن الثمينة الأخرى خلال نفس الفترة.
ورغم التراجع الطفيف الذي شهدته الأسعار مؤخرًا، فإن الاتجاه العام لا يزال صاعدًا، حيث تواصل الفضة تداولها فوق متوسطات الحركة قصيرة الأجل، مما يعكس استمرار الزخم الإيجابي في الأسواق، ودعمًا إضافيًا لمعنويات المستثمرين.
---
العوامل المؤثرة في صعود أسعار الفضة
أرجع التقرير استمرار الأداء القوي للفضة إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي عززت الطلب على المعدن، ومن أبرزها:
1. تراجع عوائد السندات الأمريكية:
انخفض العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4.42%، كما تراجع العائد لأجل عامين إلى 3.87%. هذا التراجع ساهم في تقليل تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في المعادن الثمينة غير المدرة للعائد مثل الفضة والذهب، مما دفع المستثمرين إلى زيادة مراكزهم في أسواق المعادن.
2. تصاعد التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة:
أدلى عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، كريستوفر والر، بتصريحات تشير إلى ضرورة التحرك بخفض أسعار الفائدة في أقرب وقت، مع ترجيحات باتخاذ القرار في يوليو. كما أظهرت التوقعات أن الأسواق تترقب خفضًا بمقدار 45 نقطة أساس قبل نهاية عام 2025، مع ترجيح أن تبدأ دورة التيسير النقدي في سبتمبر المقبل، وهو ما زاد من الإقبال على المعادن كأدوات للتحوط ضد تقلبات السياسات النقدية.
3. انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي:
تراجع مؤشر الدولار الأمريكي إلى مستوى 98.462 خلال الجلسة الأخيرة من الأسبوع، بخسائر بلغت 0.16%، رغم تسجيله لمكاسب أسبوعية إجمالية. ونتج هذا التراجع عن انخفاض العوائد وصدور بيانات تضخم مختلطة، إضافة إلى الضغوط السياسية المتزايدة على رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ما أثر على ثقة المستثمرين في استقرار السياسة النقدية الأمريكية.
4. تصاعد التوترات التجارية العالمية:
أعاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إشعال المخاوف من اندلاع حرب تجارية جديدة، بعد تهديده بفرض تعريفات جمركية تتراوح بين 15% و20% على واردات السلع الأوروبية. كما أن المحادثات التجارية مع اليابان وإندونيسيا لا تزال متعثرة، مما يضيف حالة من الغموض وعدم اليقين إلى المشهد الاقتصادي العالمي، ويدفع المستثمرين للجوء إلى الأصول الآمنة مثل الفضة.
---
توقعات مستقبلية: هل تواصل الفضة صعودها؟
بحسب محللين في بنك "سيتي"، فإن الفضة لا تزال تمتلك فرصًا قوية لمواصلة الاتجاه الصاعد. ويتوقع البنك أن تصل الأسعار إلى مستوى 40 دولارًا خلال فترة تتراوح بين 6 إلى 12 شهرًا، مع إمكانية تجاوز 46 دولارًا للأوقية بحلول الربع الثالث من عام 2025، مدعومة بعوامل متعددة أبرزها:
النمو المستمر في الطلب الصناعي على الفضة.
تراجع المعروض العالمي نتيجة نقص الإنتاج.
استمرار عدم الاستقرار في الأوضاع السياسية والنقدية على مستوى العالم.
هل الفضة مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية؟
يرى بعض المحللين أن الفضة لا تزال أقل من قيمتها العادلة، وذلك بالاستناد إلى نسبة الذهب إلى الفضة، والتي تبلغ حاليًا نحو 87.3، مقارنة بمتوسطها التاريخي البالغ 53. وإذا عادت النسبة إلى مستواها التاريخي دون تغيير جوهري في سعر الذهب، فإن ذلك يعني أن سعر الفضة يجب أن يتجاوز 63 دولارًا للأوقية، أي بزيادة تقارب 65% عن المستويات الحالية.
من ناحية أخرى، تُظهر البيانات التاريخية أن ذروة أسعار الفضة المسجلة في عام 1980، عندما بلغت قيمتها 50 دولارًا، تعادل اليوم نحو 197 دولارًا بعد احتساب أثر التضخم، كما بلغت نحو 71 دولارًا خلال موجة الصعود في عام 2011، مما يشير إلى وجود هامش صعود كبير أمام المعدن الأبيض في حال استمرار العوامل الداعمة.
---
خلاصة:
رغم التقلبات المؤقتة، لا تزال الفضة تُظهر أداءً قويًا في ظل استمرار المخاوف الجيوسياسية، وتزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة الأمريكية، وانخفاض العوائد والدولار. ومع تزايد الطلب الصناعي والعجز في المعروض، فإن المحللين يرون في الفضة فرصة استثمارية واعدة قد تتفوق على الذهب على المدى المتوسط والطويل، مما يجعلها خيارًا استراتيجيًا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة