• / 93

سجلت أسعار الفضة ارتفاعًا جديدًا في السوق المحلية خلال تعاملات اليوم الأربعاء، بدعم من استقرار الأوقية في البورصات العالمية، على الرغم من تراجعها الطفيف في حركة تصحيحية طبيعية بعد مكاسب قوية. وجاء هذا الأداء الإيجابي بعد صدور بيانات التضخم الصناعي في الولايات المتحدة، التي جاءت أقل من التوقعات، مما أبقى الضغوط على الدولار الأمريكي، وعزّز من جاذبية المعادن الثمينة غير المدرة للعائد، وعلى رأسها الفضة.

 

ارتفاع أسعار الفضة في السوق المحلية

 

أوضح تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» Safe Haven Hub، أن أسعار جرام الفضة واصلت الصعود، حيث بلغ سعر جرام الفضة عيار 800 نحو 53 جنيهًا مقابل 52 جنيهًا سابقًا، بينما سجل جرام الفضة عيار 999 نحو 66 جنيهًا، وعيار 925 بلغ 61 جنيهًا. أما سعر الجنيه الفضة (عيار 925) فاستقر عند حوالي 488 جنيهًا.

 

حركة تصحيحية للأوقية عالميًا بعد اقترابها من أعلى مستوى في 14 عامًا

 

على الصعيد العالمي، شهدت الأوقية تراجعًا محدودًا من مستوى 38.32 دولارًا إلى نحو 37.65 دولارًا، في إطار عمليات جني أرباح طبيعية، وذلك بعد اقتراب الأسعار من أعلى مستوى تم تسجيله منذ 14 عامًا، عند 39.13 دولارًا مطلع الأسبوع الجاري.

 

بيانات التضخم الأمريكية تُضعف الدولار وتعزز الطلب على المعادن الثمينة

 

أظهرت بيانات مؤشر أسعار المنتجين الأمريكي (PPI) لشهر يونيو تباطؤًا ملحوظًا في معدلات التضخم الصناعي، إذ سجل المؤشر الرئيسي نموًا صفريًا (0.0%) على أساس شهري، مقارنة بتوقعات بنمو 0.2%. وعلى أساس سنوي، تراجع المؤشر إلى 2.3% مقابل 2.6% في مايو. كما جاءت القراءة الأساسية (باستثناء الغذاء والطاقة) دون التوقعات أيضًا، مسجلة 0.0% شهريًا و2.6% سنويًا.

 

يأتي ذلك بعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) التي أظهرت تطابق التضخم العام مع التوقعات، مع قراءة أقل قليلًا للتضخم الأساسي. هذا المزيج من المؤشرات قلل من احتمالات خفض أسعار الفائدة في المدى القريب، ما أدى إلى استمرار الضغط على الدولار، وزيادة الإقبال على أصول الملاذ الآمن، وفي مقدمتها الفضة.

 

 

---

 

الطلب الصناعي المتصاعد وعجز المعروض العالمي يدعمان صعود الفضة

 

استثمارات صناديق المؤشرات المدعومة بالفضة تسجل مستويات تاريخية

 

تتواصل موجة الصعود القوية للفضة منذ أبريل الماضي، مدفوعة بمجموعة من العوامل المتداخلة، من أبرزها تصاعد التوترات التجارية، وفرض رسوم جمركية أمريكية جديدة، إلى جانب نقص حاد في المعروض من الفضة في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى تأثيرات ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وتراجع السيولة في بورصات المعادن، خاصة بورصة لندن.

 

وأظهر تقرير صادر عن معهد الفضة العالمي أن الاستثمارات في صناديق المؤشرات المدعومة بالفضة تجاوزت 1.13 مليار أوقية حتى نهاية يونيو 2025، مع تدفقات صافية بلغت 95 مليون أوقية خلال النصف الأول من العام الجاري، متجاوزة بذلك إجمالي الاستثمارات خلال عام 2024 بالكامل.

 

الطلب الصناعي يصل إلى مستويات قياسية بدعم من تحول الطاقة

 

توقّع معهد الفضة العالمي أن يصل الطلب الصناعي على الفضة إلى نحو 677.4 مليون أوقية خلال عام 2025، مدفوعًا بارتفاع استخدام الفضة في الصناعات الخضراء، وخاصة في تصنيع الألواح الشمسية والتطبيقات الكهروضوئية، في ظل تسارع مشاريع الطاقة النظيفة عالميًا.

 

 

---

 

عجز المعروض مستمر للعام الخامس على التوالي

 

رغم تزايد الطلب على الفضة، تعاني الأسواق من عجز حاد في المعروض نتيجة اضطرابات إنتاجية في دول رئيسية مثل المكسيك وروسيا، إلى جانب تراجع الإنتاج من المناجم الأساسية. ونتيجة لذلك، أصبحت السوق تعتمد بنسبة تفوق 70% على الفضة الثانوية المستخرجة كمنتج جانبي من عمليات تعدين معادن أخرى.

 

ووفق تقديرات المعهد، بلغ العجز في المعروض خلال 2024 نحو 182 مليون أوقية، مع توقعات بتسجيل عجز إضافي يبلغ 117.6 مليون أوقية في 2025. وتزامن ذلك مع انخفاض المخزونات المتاحة فوق الأرض إلى مستويات حرجة، وارتفاع "علاوات الفضة" في السوق الأمريكية بشكل غير مسبوق.

 

 

---

 

توقعات فنية: الفضة في طريقها لاختبار مستوى 50 دولارًا

 

بعد اختراق مستوى 35 دولارًا للأوقية في يونيو، يرى عدد من المحللين أن الفضة تتجه نحو اختبار مستوى 50 دولارًا خلال الفترة المقبلة، مدفوعة بزخم قوي في الطلب الاستثماري وتناقص الكميات المتاحة للبيع، والتي لا تتجاوز حاليًا 155 مليون أوقية فقط.

 

وتوقّع محللو بنك «سيتي» أن تُواصل الفضة ارتفاعها خلال الأشهر الـ12 القادمة، مرجحين وصول السعر إلى 40 دولارًا خلال المدى المتوسط، وقد يبلغ 46 دولارًا بحلول الربع الثالث من 2025، في ظل استمرار العوامل الداعمة مثل التوترات التجارية وتزايد الطلب الصناعي.

 

 

---

 

القيمة العادلة للفضة تُشير لهامش صعود واسع

 

تشير المؤشرات التاريخية إلى أن الفضة لا تزال تُتداول بأقل من قيمتها الحقيقية. فوفقًا لنسبة الذهب إلى الفضة الحالية، والتي تبلغ 87.3، فإن هناك انحرافًا كبيرًا عن المتوسط التاريخي البالغ 53. وفي حال عودة النسبة إلى هذا المستوى، دون تغيير في سعر الذهب، فإن سعر الفضة العادل يُقدّر بنحو 63.30 دولارًا للأوقية، أي بزيادة تصل إلى 65% عن المستويات الحالية.

 

وبالرجوع إلى بيانات تاريخية معدلة حسب معدلات التضخم، فإن الذروة السعرية للفضة في عام 1980 تعادل حاليًا نحو 197 دولارًا للأوقية، بينما بلغت 71 دولارًا في صعود عام 2011، ما يعزز التوقعات بإمكانية تحقيق مكاسب واسعة في الفضة من المستويات الحالية.

 

 

---

 

المراكز البيعية المكثفة قد تُشعل "ضغط شراء عكسي"

 

رغم الاتجاه الصعودي للفضة، لا تزال السوق تحت تأثير المراكز البيعية الكبيرة لدى صناديق الاستثمار، حيث تشير البيانات إلى وجود نحو 52,324 عقدًا بيعيًا في عقود الفضة الآجلة، بما يعادل 262 مليون أوقية، أي نحو ثلث الإنتاج السنوي العالمي.

 

ويُعد كثير من هذه العقود غير مغطى فعليًا، ما يُعرّض السوق لخطر "ضغط بيع عكسي" في حال استمرار الارتفاع، مما قد يُجبر المستثمرين على تغطية مراكزهم بخسائر متسارعة، ويدفع الأسعار للارتفاع بقوة.

 

وتشير التقديرات إلى وجود نحو 375 أوقية ورقية مقابل كل أوقية فعلية متاحة، ما يزيد احتمالات حدوث انفجار سعري إذا حدث طلب فعلي كبير ومفاجئ.

 

 

---

 

الطلب الآسيوي، وخاصة من الهند، يُضيف زخمًا للسوق

 

أظهرت بيانات واردات الهند من الفضة خلال يونيو 2025 أنها بلغت نحو 197 طنًا، بزيادة 81% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2024، رغم انخفاضها عن واردات مايو البالغة 544 طنًا. ويعكس هذا الاتجاه استمرار الطلب القوي من أكبر الأسواق الاستهلاكية في آسيا، ولو بشكل أقل حدة من ذروة الشراء السابقة.

 

 

---

 

الفضة تعود لتثبت مكانتها كأصل استراتيجي

 

مع تلاقي العوامل الاقتصادية والصناعية والجيوبوليتيكية، تُعيد الفضة تشكيل موقعها كأصل استراتيجي في الأسواق العالمية. فهي تجمع بين خصائص التحوط من المخاطر، بفضل علاقتها العكسية مع الدولار والفائدة، وأهميتها المتزايدة في التطبيقات الصناعية الخضراء.

 

ويرى خبراء الأسواق أن النصف الثاني من عام 2025 قد يشهد أداءً مفاجئًا للفضة، قد يتفوّق حتى على الذهب، مع تزايد القناعة بين المستثمرين بأن الفضة ليست مجرد معدن نفيس، بل أداة استثمارية طويلة الأجل تحمل فرص نمو غير مسبوقة.