- 28 يونيو 2025
- / 4664
شهدت أسعار الذهب في مصر تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم السبت، بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع للبورصة العالمية، وذلك في ظل انخفاض أسعار الذهب عالميًا بنسبة 2.8% بنهاية تعاملات الأسبوع، متأثرة بتهدئة التوترات الجيوسياسية وتحسن آفاق التجارة بين القوى الاقتصادية الكبرى، وفقًا لتقرير حديث صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت.
تراجع أسعار الذهب محليًا وعالميًا
أكد سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، أن سعر الذهب في السوق المحلي تراجع اليوم بقيمة 25 جنيهًا مقارنة بنهاية تعاملات يوم أمس الجمعة. وبلغ سعر جرام الذهب عيار 21 نحو 4600 جنيه، بينما تراجعت الأوقية في الأسواق العالمية بقيمة 95 دولارًا، لتغلق عند 3274 دولارًا للأوقية.
وأشار إمبابي إلى أن الأسعار الحالية لباقي الأعيرة جاءت كالتالي:
عيار 24: 5257 جنيهًا للجرام
عيار 18: 3943 جنيهًا للجرام
عيار 14: 3067 جنيهًا للجرام
سعر الجنيه الذهب: 36800 جنيه
وكانت أسعار الذهب قد شهدت خلال تعاملات أمس الجمعة تراجعًا كبيرًا أيضًا، حيث فقد جرام الذهب عيار 21 نحو 70 جنيهًا، بعدما افتتح التداول عند 4695 جنيهًا وأغلق عند 4625 جنيهًا، بينما تراجعت الأوقية عالميًا من 3334 دولارًا إلى 3274 دولارًا، بخسارة بلغت 60 دولارًا خلال يوم واحد فقط.
أسباب تراجع الذهب رغم ضعف الدولار وتوقعات الفائدة
وأوضح إمبابي أن هذا التراجع في أسعار الذهب يأتي رغم وجود عوامل تقليدية داعمة عادةً لصعود المعدن الأصفر، مثل ضعف مؤشر الدولار الأمريكي، وتزايد توقعات خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة. ومع ذلك، فإن زيادة شهيّة المخاطرة لدى المستثمرين دفعتهم إلى التوجّه نحو الأصول مرتفعة العائد مثل الأسهم، ما أدى إلى ضغوط بيعية واضحة على الذهب.
تفاؤل تجاري وجيوسياسي يعيد تشكيل توجهات المستثمرين
ساهم توقيع اتفاق تجاري رسمي بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب تصريحات أمريكية تشير إلى قرب إبرام مزيد من الاتفاقيات التجارية قبل 9 يوليو، في تعزيز ثقة الأسواق العالمية، وهو ما انعكس في مؤشرات اقتصادية إيجابية.
كما أعلنت الصين عن استعدادها لتسريع شحنات المعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة، في إشارة إلى تخفيف التوترات التجارية المستمرة.
وفي الجانب الجيوسياسي، أبدت إيران مرونة دبلوماسية تجاه الولايات المتحدة، فيما نقلت قناة "العربية" عن مصادرها ترجيحات بانتهاء الحرب بين إسرائيل وقطاع غزة خلال أسبوعين، مما ساهم في تقليل علاوة المخاطر الجيوسياسية التي كانت تدعم الطلب على الذهب كملاذ آمن.
ضعف في الطلب على الذهب رغم تراجع الدولار
ورغم أن مؤشر الدولار الأمريكي سجل تراجعًا أسبوعيًا بنسبة 1.32%، واستقرت عوائد السندات الأمريكية، إلا أن الذهب لم يحقق استفادة ملحوظة من هذه الظروف. وفسّر عدد من المحللين ذلك بأنه تغير في ديناميكية السوق، مع تراجع في الطلب التقليدي على الذهب كمخزن للقيمة.
وأشار إمبابي إلى أن الأداء القوي لأسواق الأسهم الأمريكية، خاصة مؤشري ناسداك وستاندرد آند بورز 500 اللذين سجلا مستويات قياسية جديدة، يعكس توجه المستثمرين نحو أصول النمو، في ظل توقعات اقتصادية أكثر تفاؤلًا عالميًا.
التضخم الأمريكي يعقّد مهمة الفيدرالي
على الصعيد الاقتصادي، أظهرت بيانات التضخم في الولايات المتحدة ارتفاع مؤشر النفقات الاستهلاكية الأساسية (Core PCE) بنسبة 2.7% خلال مايو، متجاوزًا التوقعات السابقة، ما يعقّد مهمة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في اتخاذ قرار واضح بشأن تخفيض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.
وقال نيل كاشكاري، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، إن البنك المركزي قد يلجأ إلى خفضين فقط للفائدة خلال 2025، مؤكدًا أن تداعيات الحرب التجارية قد تظهر بشكل أبطأ مما كان متوقعًا.
أزمة ديون أمريكية تلقي بظلالها على السوق
وفي واشنطن، تواجه الإدارة الأمريكية ضغوطًا متزايدة لتمرير خطة خفض الضرائب والإنفاق قبل الموعد النهائي في 4 يوليو، وسط تحذيرات من أن الخطة قد ترفع الدين العام بنحو 2.4 تريليون دولار خلال العقد المقبل.
وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية أن العجز الفيدرالي في مايو بلغ 316 مليار دولار، مع تسجيل مدفوعات الفائدة مستوى مرتفع بلغ 92 مليار دولار، مما يعزز المخاوف من دخول البلاد في أزمة ديون قد تؤثر سلبًا على استقرار الدولار الأمريكي والأسواق المالية العالمية.
كما زاد التوتر السياسي بعد تصريحات مثيرة للجدل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصف فيها رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأنه "سيئ"، ملمحًا إلى إمكانية عزله من منصبه قبل انتهاء ولايته، ما أثار شكوكًا حول استقلالية السياسة النقدية الأمريكية.
الذهب بين ترقّب المستثمرين والتقلبات العالمية
ورغم التراجع الحالي في أسعار الذهب، يرى مراقبون أن أي تطور مفاجئ في الملف الجيوسياسي، أو فشل الاحتياطي الفيدرالي في السيطرة على التضخم، قد يعيد الذهب إلى دائرة الاهتمام كمصدر آمن لحفظ القيمة.
إلا أن الأسواق تعيش الآن مرحلة ترقّب حذر، بانتظار حسم مسارات النمو العالمي والسياسة النقدية الأمريكية، مما يجعل تحركات أسعار الذهب مرهونة بتطورات متعددة على المستويين الاقتصادي والسياسي.