- 17 أبريل 2025
- / 7070
القاهرة، مصر – أعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها المنعقد يوم الخميس الموافق 17 أبريل 2025، عن قرارها بخفض أسعار العائد الأساسية بواقع 225 نقطة أساس. ووفقًا للقرار، تم خفض سعر عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 25.00%، وسعر عائد الإقراض لليلة واحدة إلى 26.00%، بالإضافة إلى خفض سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي ليصل إلى 25.50%. كما قررت اللجنة خفض سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 25.50%، بانخفاض قدره 225 نقطة أساس.
التطورات العالمية المؤثرة على القرار
على الصعيد العالمي، يستمر الغموض المحيط بآفاق النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم في دفع العديد من البنوك المركزية في الأسواق المتقدمة والناشئة إلى اتخاذ نهج حذر عند تحديد مسار السياسات النقدية المستقبلية. ورغم أن مؤشرات النمو الاقتصادي ما تزال مستقرة إلى حد كبير، إلا أن التحديات المتزايدة في التجارة العالمية، بما في ذلك المخاوف المتعلقة باضطرابات سلاسل التوريد وضعف الطلب العالمي، أدت إلى مراجعة توقعات النمو نحو الانخفاض.
كما شهدت أسعار النفط انخفاضًا ملحوظًا نتيجة لعوامل تتعلق بجانب العرض، إلى جانب توقعات بتراجع الطلب العالمي في ظل استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية. في ذات الوقت، سجلت أسعار السلع الزراعية الأساسية، وخصوصًا الحبوب، تقلبات حادة نتيجة الاضطرابات المناخية المستمرة. ورغم هذه التطورات، يظل التضخم العالمي معرضًا لمخاطر صعودية، مثل تصاعد التوترات الجيوسياسية، واستمرار العقبات التي تواجه التجارة العالمية، بسبب زيادة السياسات الحمائية.
أداء الاقتصاد المحلي المصري في الربع الأول من عام 2025
محليًا، تشير البيانات الأولية للربع الأول من عام 2025 إلى استمرار التعافي في النشاط الاقتصادي، مسجلاً بذلك رابع ربع على التوالي من النمو المستدام. وقد تجاوز معدل النمو في الربع الأول من العام الحالي النسبة المسجلة في الربع الأخير من عام 2024 والتي بلغت 4.3%.
ويُعزى هذا النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الربع الرابع من 2024 بشكل أساسي إلى المساهمات الإيجابية لعدة قطاعات رئيسية، أبرزها الصناعات التحويلية غير البترولية، والتجارة، والسياحة. ومع ذلك، تُظهر تقديرات فجوة الناتج أن النشاط الاقتصادي لا يزال دون طاقته الإنتاجية القصوى، على الرغم من التحسن المتواصل في الأداء الاقتصادي خلال عام 2024.
ومن المتوقع أن يصل النشاط الاقتصادي إلى مستواه الأمثل بحلول نهاية السنة المالية 2025/2026. وتؤكد التقديرات الحالية لفجوة الناتج على الاتجاه النزولي المتوقع لمعدلات التضخم في المدى القصير، إذ يُتوقع أن تظل الضغوط التضخمية الناتجة عن الطلب محدودة في ظل السياسة النقدية الانكماشية السارية.
انخفاض التضخم السنوي وتحسن المؤشرات التضخمية
شهد الربع الأول من عام 2025 تراجعًا ملحوظًا في معدلات التضخم السنوي، ويُعزى ذلك إلى تأثير فترة الأساس المواتية، بالإضافة إلى التراكم المستمر لأثر التشديد النقدي الذي نفذه البنك المركزي وتلاشي تأثير الصدمات السابقة. وقد تراجع معدل التضخم السنوي العام إلى 13.6%، فيما انخفض معدل التضخم الأساسي إلى 9.4% خلال مارس 2025، وهو أدنى مستوى يسجله التضخم الأساسي منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.
ويرجع الانخفاض في التضخم العام بشكل أساسي إلى تراجع أسعار السلع الغذائية، التي انخفض معدل تضخمها السنوي من 45.0% في مارس 2024 إلى 6.6% في مارس 2025. كما سجلت أسعار السلع غير الغذائية انخفاضًا أيضًا، حيث تراجع معدل التضخم السنوي لها من 25.7% إلى 18.9% خلال نفس الفترة، رغم أن وتيرة التراجع كانت أبطأ نسبيًا نتيجة الاستجابة المتأخرة للصدمات الاقتصادية وتأثيرات إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة.
وقد بدأت التطورات الشهرية للتضخم منذ بداية عام 2025 في الاقتراب من الأنماط التاريخية المعتادة، مما يعزز من تحسن توقعات التضخم المستقبلية.
بدء دورة التيسير النقدي في ضوء التراجع الكبير في معدلات التضخم
تراجع معدل التضخم العام السنوي بنحو 9.0 نقطة مئوية خلال الربع الأول من عام 2025، وهو ما جاء متوافقًا مع توقعات البنك المركزي. وأدى هذا الانخفاض الحاد إلى تشديد السياسة النقدية بشكل كبير، مما أتاح مجالاً مناسبًا لبدء دورة التيسير النقدي.
ومن المتوقع أن يستمر التضخم في التراجع خلال عامي 2025 و2026، وإن كان بوتيرة أبطأ مما كانت عليه خلال الربع الأول من 2025، نتيجة لتأثير إجراءات الضبط المالي المطبقة والمقررة، وكذلك التباطؤ المتوقع في انخفاض تضخم السلع غير الغذائية.
لكن في الوقت نفسه، تظل التوقعات بشأن التضخم عرضة لمخاطر صعودية، وذلك في ظل إمكانية تجاوز تأثيرات إجراءات الضبط المالي للحدود المتوقعة، إلى جانب استمرار حالة عدم اليقين بشأن نتائج الحرب التجارية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة، بالإضافة إلى احتمالات تصعيد الصراعات الجيوسياسية في المنطقة.
لجنة السياسة النقدية تؤكد التزامها بتحقيق استقرار الأسعار
استنادًا إلى المعطيات السابقة، وبالنظر إلى الأوضاع النقدية السائدة، رأت لجنة السياسة النقدية أن خفض أسعار العائد الأساسية بمقدار 225 نقطة أساس يُعد قرارًا مناسبًا لضمان استمرار ملاءمة السياسة النقدية وتحقيق هدف ترسيخ التوقعات المستقبلية للتضخم، بالإضافة إلى دعم المسار النزولي المستهدف للتضخم.
وأكدت اللجنة أنها ستواصل تقييم الأوضاع بدقة في كل اجتماع على حدة، بما يشمل دراسة مدى شدة وفترة استمرار السياسة التقييدية، مع الأخذ بعين الاعتبار كافة التوقعات والمخاطر المصاحبة، والتطورات الاقتصادية والمالية المستجدة.
كما شددت اللجنة على التزامها الكامل باستخدام جميع الأدوات المتاحة للبنك المركزي لتحقيق هدف استقرار الأسعار، من خلال توجيه معدلات التضخم نحو المستوى المستهدف البالغ 7% (±2%) خلال الربع الرابع من عام 2026.