- 23 مارس 2025
- / 419
شهدت أسعار الفضة تقلبات ملحوظة خلال الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت في الأسواق المحلية بنسبة 2.3%، بينما تراجعت الأوقية عالميًا بنسبة 2.3%، وفقًا لتقرير مركز «الملاذ الآمن» Safe Haven Hub. ويعود هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، من أبرزها السياسة النقدية الحذرة التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي، وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، إلى جانب استمرار ضعف الطلب الصناعي في الصين.
أداء أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية
بحسب التقرير، ارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 في السوق المحلية بقيمة جنيه واحد خلال الأسبوع الماضي، حيث بدأ التداول عند 43 جنيهًا واختتم عند 44 جنيهًا. وعلى الصعيد العالمي، شهدت الأوقية تراجعًا بقيمة 1.24 دولار، حيث افتتحت الأسبوع عند 33.76 دولار، قبل أن تنخفض إلى 33 دولارًا بنهاية التعاملات.
أما بالنسبة إلى أسعار باقي أعيرة الفضة، فقد سجل جرام الفضة عيار 999 نحو 55 جنيهًا، في حين بلغ سعر جرام الفضة عيار 925 حوالي 51 جنيهًا. أما الجنيه الفضة (عيار 925) فقد استقر عند مستوى 410 جنيهات.
تأثير السياسة النقدية الأمريكية على الفضة
تعرضت أسعار الفضة لضغوط بيع حادة مع نهاية الأسبوع، بعدما ارتفعت في بدايته بدعم من التحرك القوي للذهب والطلب عليه كملاذ آمن. لكن هذا الدعم لم يستمر طويلًا بسبب تصريحات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي أبقت على أسعار الفائدة دون تغيير عند نطاق 4.25%-4.50%. ورغم أن الأسواق كانت تتوقع هذا القرار، فإن تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول أثارت حالة من عدم اليقين، حيث أشار إلى أن خفض الفائدة سيحدث مرتين خلال العام الحالي، لكنه أكد ضرورة وجود "ثقة أكبر" في تراجع التضخم قبل اتخاذ أي خطوات فعلية. كما رفع الاحتياطي الفيدرالي توقعاته لمعدل التضخم لعام 2026 إلى 2.7%، بالتزامن مع خفض تقديرات النمو الاقتصادي.
هذا التوجيه المتحفظ للفيدرالي، إضافة إلى توقعات التضخم المرتفعة، قللا من آمال الأسواق في تخفيف سريع للسياسة النقدية، مما أدى إلى تراجع الأصول التي تتأثر بمعدلات الفائدة، ومن بينها الفضة. ومع ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.2% بنهاية الأسبوع، زادت الضغوط السلبية على المعدن الأبيض.
تباين أداء الذهب والفضة تحت تأثير العوامل الاقتصادية
في حين شهدت أسعار الذهب انخفاضًا حادًا بعد تسجيلها أعلى مستوى قياسي عند 3058 دولارًا للأوقية، فإن المعدن النفيس تمكن من الحفاظ على مكاسب أسبوعية طفيفة بفضل الطلب عليه كملاذ آمن. أما الفضة، التي تعتمد بشكل أكبر على الاستثمار الصناعي، فقد سجلت أداءً ضعيفًا بسبب استمرار التراجع في الطلب الصيني، مما زاد من الضغوط على الأسواق.
دور الصين في تحديد مستقبل الفضة
لا يزال ضعف الطلب الصناعي في الصين يشكل عائقًا أمام ارتفاع أسعار الفضة، حيث تعتبر الصين أكبر مستهلك للفضة في العالم. وبالتالي، فإن أي تباطؤ في الاقتصاد الصيني، أو ضعف في إجراءات التحفيز الحكومي، يؤثر بشكل مباشر على الطلب على الفضة. وفي ظل غياب مؤشرات على انتعاش اقتصادي قوي أو تحفيزات تجارية جديدة، تستمر المخاوف بشأن الأداء المستقبلي للمعدن الأبيض. كما أن التوترات الجيوسياسية وعدم وضوح سياسات التعريفات الجمركية الأمريكية يزيدان من الغموض حول مستقبل الطلب العالمي على الفضة.
انخفاض الطلب الاستثماري على الفضة
أظهرت التقارير الأخيرة تراجعًا حادًا في مبيعات العملات الفضية من كبرى دور سك العملة العالمية، حيث انخفضت مبيعات دار سك العملة في بيرث الأسترالية بنسبة 52% على أساس سنوي، لتصل إلى 482 ألف أوقية في فبراير 2025. كما شهدت دار سك العملة الأمريكية انخفاضًا بنسبة 45%، لتصل مبيعاتها إلى 928 ألف أوقية خلال نفس الفترة.
ويرجع بعض المحللين هذا الانخفاض في الطلب الاستثماري إلى الارتفاع الكبير في أسعار الفضة، والتي قفزت بنسبة 37% على أساس سنوي، لتصل إلى حوالي 33 دولارًا للأوقية. ونتيجة لذلك، انخفضت مبيعات العملات الفضية منذ بداية عام 2025 بنسبة 32% لدار سك العملة الأمريكية، و49% لدار سك العملة في بيرث، مما يجعلها أسوأ معدلات مبيعات سنوية منذ عام 2018 و2013 على التوالي.
ترقب الأسواق لبيانات التضخم الأمريكية
تترقب الأسواق العالمية حاليًا صدور بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي في الولايات المتحدة، والمقرر نشرها يوم الجمعة المقبل. ويعد هذا المؤشر هو المقياس المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لتقييم معدلات التضخم، مما يجعله عاملًا مؤثرًا على قرارات السياسة النقدية القادمة. وإذا أظهرت البيانات ارتفاعًا في التضخم، فقد يعزز ذلك من قوة الدولار ويؤدي إلى مزيد من الضغوط على الفضة، في حين أن بيانات أضعف من المتوقع قد ترفع آمال الأسواق بشأن تخفيف السياسة النقدية، مما قد يوفر دعمًا لأسعار الفضة على المدى القريب.
الخلاصة
تواجه أسعار الفضة تحديات متعددة في الفترة الحالية، بدءًا من قوة الدولار، والسياسات النقدية المتحفظة للفيدرالي، وانخفاض الطلب الصناعي، وصولًا إلى تراجع الطلب الاستثماري على العملات الفضية. وبينما قد يؤدي أي تحول إيجابي في السياسة النقدية أو تحسن في الطلب الصيني إلى استقرار الأسعار، فإن غياب هذه العوامل يجعل الفضة عرضة لمزيد من التقلبات خلال الأسابيع المقبلة.