• / 3226

شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والبورصة العالمية تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الإثنين، متأثرة بعدة عوامل أبرزها ارتفاع الدولار الأمريكي، واتجاه المستثمرين إلى جني الأرباح، إلى جانب تزايد الآمال بشأن التوصل إلى اتفاق سلام محتمل في أوكرانيا، فضلًا عن عودة معتدلة لقوة العملة الأمريكية، في ظل ضعف أحجام التداول مع اقتراب نهاية العام، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة».

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية سجلت انخفاضًا بنحو 105 جنيهات خلال تعاملات اليوم، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 – الأكثر تداولًا في مصر – مستوى 5970 جنيهًا، مقارنة بمستويات أعلى سجلها خلال الأيام الماضية.

وأوضح إمبابي أن أسعار الذهب عالميًا تراجعت بنحو 126 دولارًا، لتسجل الأوقية مستوى 4407 دولارات، متأثرة بارتفاع الدولار الأمريكي وتراجع الطلب الاستثماري قصير الأجل.

وأضاف أن جرام الذهب عيار 24 سجل نحو 6823 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام الذهب عيار 18 حوالي 5117 جنيهًا، في حين سجل سعر الجنيه الذهب قرابة 47760 جنيهًا.

وأشار المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» إلى أن أسعار الذهب كانت قد حققت مكاسب قوية خلال الأسبوع الماضي، إذ ارتفع جرام الذهب عيار 21 بنحو 285 جنيهًا، بعدما افتتح التداولات عند مستوى 5790 جنيهًا، قبل أن يغلق عند 6075 جنيهًا.

وعلى الصعيد العالمي، أوضح إمبابي أن أسعار الذهب حققت ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأسبوع الماضي، حيث صعدت الأوقية بنحو 194 دولارًا، إذ بدأت التداولات عند مستوى 4339 دولارًا، قبل أن تنهي الأسبوع عند 4533 دولارًا، عقب تسجيل مستوى قياسي جديد بلغ 4555 دولارًا للأوقية.

وعالميًا، تراجع الذهب من قمته التاريخية قرب مستوى 4550 دولارًا للأوقية خلال الساعات الأولى من التداولات الأوروبية اليوم الإثنين، مع اتجاه المتعاملين في الأسواق العالمية إلى جني الأرباح قبل عطلات نهاية العام، في وقت أسهم فيه ارتفاع الدولار الأمريكي في الضغط على أسعار المعدن النفيس، إذ يؤدي صعود العملة الأمريكية إلى زيادة تكلفة شراء الذهب بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.

ورغم هذا التراجع على المدى القصير، سجل الذهب مكاسب قوية خلال عام 2025، بلغت نحو 70%، محققًا بذلك أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، مدعومًا بتصاعد الطلب على الملاذات الآمنة، وتراجع العوائد الحقيقية، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

ورجّح التقرير أن يكون أي تراجع إضافي في أسعار الذهب محدودًا خلال الفترة المقبلة، في ظل توقعات الأسواق باتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة خلال عام 2026، وهو ما يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدًا، ويعزز من جاذبيته كأحد أهم أدوات التحوط، خاصة مع استمرار التوترات الجيوسياسية عالميًا.

ومن المتوقع أن تشهد الأسواق المالية حالة من الهدوء النسبي قبيل عطلات رأس السنة الجديدة، في ظل ترقب المستثمرين لصدور بيانات مبيعات المنازل المعلقة في الولايات المتحدة لشهر نوفمبر، والمقرر الإعلان عنها في وقت لاحق من تعاملات اليوم.

وفي السياق السياسي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إحراز “تقدم كبير” في المحادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن اتفاق سلام محتمل، مشيرًا في الوقت ذاته إلى عدم حدوث اختراق واضح حتى الآن في ملف الحدود المتوترة، لافتًا إلى أن التوصل إلى اتفاق نهائي قد يستغرق عدة أسابيع.

وعلى صعيد البيانات الاقتصادية، أظهرت البيانات الأمريكية تراجع طلبات إعانة البطالة الأولية خلال الأسبوع المنتهي في 20 ديسمبر إلى 214 ألف طلب، مقارنة بـ224 ألف طلب في القراءة السابقة، لتأتي بذلك أفضل من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 223 ألف طلب.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرّح الأسبوع الماضي بأنه يتوقع من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم الإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة، وعدم “الاختلاف” معه، وهي تصريحات أثارت مخاوف المستثمرين وصناع السياسات بشأن استقلالية البنك المركزي الأمريكي وتأثير الضغوط السياسية على قرارات السياسة النقدية.

ويُذكر أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قام بخفض أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام الجاري، في حين يتوقع المتداولون تنفيذ خفضين إضافيين خلال العام المقبل، وتشير أدوات تسعير الأسواق، وفقًا لأداة CME FedWatch، إلى وجود احتمال بنسبة 18.3% لخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع يناير المقبل.

ولا يزال الذهب يتحرك ضمن اتجاه صعودي على المدى المتوسط، إلا أن مؤشر القوة النسبية (RSI) يشير إلى دخول الأسعار في منطقة التشبع الشرائي، وهو ما يستدعي توخي الحذر على المدى القصير لاحتمالات حدوث تصحيحات سعرية محدودة.

وعلى صعيد التوقعات طويلة الأجل، رفع بنك «يو بي إس» السويسري توقعاته لسعر الذهب خلال عام 2026 إلى مستوى 5 آلاف دولار للأوقية، مقارنة بتوقعاته السابقة عند 4500 دولار، في ظل تصاعد الرهانات على استمرار موجة الصعود القوية في سوق الذهب العالمية.

وأوضح البنك أن الذهب مرشح لبلوغ مستوى 5000 دولار للأوقية خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام المقبل، مدعومًا بزيادة الطلب العالمي، وارتفاع المخاطر الاقتصادية، وتراجع العوائد الحقيقية على الأصول التقليدية، مشيرًا إلى أنه مع اقتراب نهاية عام 2026 قد يشهد السوق تراجعًا تصحيحيًا محدودًا ليستقر السعر قرب 4800 دولار للأوقية.

وأرجع بنك «يو بي إس» هذه التوقعات إلى استمرار الضغوط الاقتصادية العالمية، وتوجه البنوك المركزية نحو خفض أسعار الفائدة، وهو ما يقلل من جاذبية الدولار الأمريكي، إلى جانب حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسة الداخلية الأمريكية، خاصة مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي وتزايد الضغوط المالية.

وأشار التقرير إلى أنه في حال تصاعد المخاطر السياسية أو المالية على المستوى العالمي، فقد تقفز أسعار الذهب إلى مستوى 5400 دولار للأوقية، مقارنة بتقديراته السابقة التي كانت تشير إلى 4900 دولار.

وسجل الذهب منذ بداية العام الجاري نحو 50 قمة سعرية قياسية، مدعومًا بتدفقات استثمارية قوية نحو الملاذات الآمنة.

وفي السياق ذاته، دعمت بنوك استثمار عالمية أخرى النظرة الإيجابية للذهب على المدى الطويل، حيث توقع «دويتشه بنك» أن تتحرك أسعار الذهب خلال عام 2026 ضمن نطاق يتراوح بين 3950 و4950 دولارًا للأوقية، بينما رجّح بنك «جي بي مورجان» أن يبلغ متوسط سعر الذهب خلال الربع الأخير من العام المقبل نحو 5055 دولارات للأوقية، وهو ما يعزز التوقعات باستمرار الاتجاه الصاعد لأسعار الذهب على المدى الطويل.