• / 3223

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق المحلية والبورصة العالمية خلال تعاملات اليوم الجمعة، مع عودة التداولات عقب عطلة عيد الميلاد، مدعومة بعدة عوامل رئيسية، في مقدمتها المضاربات القائمة على زخم السوق، وضعف السيولة في نهاية العام، إلى جانب توقعات استمرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل، بالتزامن مع تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة».

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية سجلت ارتفاعًا بنحو 60 جنيهًا للجرام، ليصل سعر جرام الذهب عيار 21 إلى نحو 6025 جنيهًا، بينما ارتفعت أسعار الذهب عالميًا، حيث صعدت الأوقية بنحو 31 دولارًا لتسجل مستوى 4511 دولارًا، بعد أن لامست أعلى مستوى تاريخي لها عند 4531 دولارًا للأوقية.

وأضاف إمبابي أن سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ نحو 6886 جنيهًا، في حين سجل سعر جرام الذهب عيار 18 قرابة 5164 جنيهًا، بينما بلغ سعر الجنيه الذهب حوالي 48200 جنيه في السوق المحلية.

وعلى الصعيد العالمي، واصلت المعادن النفيسة تسجيل مستويات تاريخية غير مسبوقة، إذ تجاوزت أسعار الفضة حاجز 75 دولارًا للأوقية للمرة الأولى على الإطلاق، بالتزامن مع صعود الذهب والبلاتين إلى قمم تاريخية جديدة، في ظل تزايد الطلب الاستثماري والتحوطي على المعادن النفيسة.

وأوضح إمبابي أن المكاسب القياسية التي حققها الذهب منذ بداية العام الجاري تُعد استثنائية بكل المقاييس، حيث تجاوزت نسبة ارتفاعه 70%، ليقترب من تسجيل أقوى أداء سنوي له منذ عام 1979، مدفوعًا بتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة في ظل استمرار المخاطر الجيوسياسية، وتصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي على المستوى العالمي، فضلًا عن قوة التدفقات الاستثمارية والمؤسسية إلى سوق الذهب.

وأشار إلى أن موجة الصعود القوية التي شهدها الذهب والفضة منذ مطلع ديسمبر جاءت نتيجة مزيج من الزخم والمضاربات، والتي تعززت بشكل واضح مع انخفاض السيولة في نهاية العام، إلى جانب توقعات الإبقاء على مسار خفض أسعار الفائدة الأمريكية لفترة أطول، فضلًا عن ضعف الدولار الأمريكي وتجدد التوترات الجيوسياسية، وهو ما دفع الأسعار إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة.

وتوقع إمبابي استمرار الاتجاه الصاعد لأسعار الذهب والفضة خلال النصف الأول من عام 2026، مرجحًا وصول سعر أوقية الذهب إلى نحو 5000 دولار، في حين قد تسجل الفضة مستوى 100 دولار للأوقية، في حال استمرار العوامل الداعمة الحالية للأسواق.

وخلال عام 2025، ارتفعت أسعار الذهب بنحو 72%، مسجلة أقوى مكاسب سنوية لها منذ عام 1979، بدعم من تيسير السياسة النقدية الأمريكية، وتصاعد الاضطرابات الجيوسياسية، وزيادة مشتريات البنوك المركزية من الذهب، إلى جانب ارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب، فضلًا عن التوجه العالمي المتزايد نحو تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.

ومع ترجيح خفض أسعار الفائدة الأمريكية مرتين خلال العام المقبل، من المتوقع أن تحافظ الأصول غير المدرة للعائد، وعلى رأسها الذهب، على جاذبيتها الاستثمارية في بيئة تتسم بانخفاض أسعار الفائدة وتراجع العائد الحقيقي.

كما ظل المشهد الجيوسياسي عاملًا رئيسيًا في توجهات المستثمرين، مع تصاعد التوترات في عدد من المناطق حول العالم، ما عزز الطلب على الذهب كأداة تحوط، بالتوازي مع ضعف الدولار الأمريكي، وتوجه الاحتياطي الفيدرالي نحو مزيد من التيسير النقدي، بعد خفض أسعار الفائدة بإجمالي 75 نقطة أساس خلال عام 2025.

وفي السوق المصرية، أظهرت أسعار الذهب حساسية واضحة للتقلبات العالمية ولسعر الصرف، حيث سجلت مستويات قياسية قرب 5990 جنيهًا للجرام، رغم تداولها حاليًا دون السعر العالمي، نتيجة التسعير على دولار أقل من السعر الرسمي، في إطار تشجيع عمليات البيع وجني الأرباح، إلى جانب استمرار تصدير الذهب الخام لتوفير العملة الأجنبية وتعزيز السيولة.

وعالميًا، أنهى الذهب عام 2025 بأداء فصلي قوي، مدعومًا بمراهنات خفض أسعار الفائدة الأمريكية وتصاعد التوترات الجيوسياسية، رغم تراجع الزخم خلال جلسات نهاية العام بسبب العطلات، إذ حافظ الطلب التحوطي على استقراره حتى مع عمليات جني الأرباح فوق مستوى 4500 دولار للأوقية.

ورغم انخفاض النشاط النسبي مع اقتراب نهاية العام، لا تزال أسعار الذهب مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة، وتشير غالبية التوقعات إلى استمرار تداول المعدن النفيس عند مستويات قوية خلال عام 2026، لا سيما مع تثبيت مسار خفض أسعار الفائدة عالميًا واستمرار اضطرابات الأسواق المالية.

وعلى صعيد البيانات الاقتصادية، أظهر التقدير الأولي للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الثالث نموًا بنسبة 4.3% على أساس سنوي، متجاوزًا التقديرات السابقة، في حين جاءت مؤشرات اقتصادية أخرى متباينة، مع تراجع طلبات السلع المعمرة بنسبة 2.2%، وانخفاض الإنتاج الصناعي بنسبة 0.1%، إلى جانب هبوط مؤشر ثقة المستهلك إلى 89.1 نقطة خلال ديسمبر، ما أبقى الضغوط قائمة على الدولار الأمريكي.

ويتداول مؤشر الدولار الأمريكي قرب مستوى 97.87 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ مطلع أكتوبر، في ظل توقعات الأسواق بتثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، مع احتمالات العودة إلى سياسة التيسير النقدي في وقت لاحق.

وفي السياق المحلي، خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة للمرة الخامسة منذ بداية عام 2025، بواقع 100 نقطة أساس، ليصل سعر عائد الإيداع والإقراض إلى 20% و21% على التوالي، ليصل إجمالي التخفيضات منذ أبريل الماضي إلى 625 نقطة أساس.

كما أشار البنك المركزي إلى تباطؤ معدل النمو الاقتصادي إلى 5% خلال الربع الأخير من عام 2025، مقارنة بنحو 5.3% في الربع السابق، بالتزامن مع تراجع وتيرة التضخم وتحسن أداء الجنيه المصري، الذي استقر دون مستوى 48 جنيهًا للدولار، مدعومًا بتدفقات قوية من النقد الأجنبي، لا سيما من قطاع السياحة.

وبصورة عامة، تظل النظرة المستقبلية لأسعار الذهب إيجابية مع دخول عام 2026، في ظل استمرار الضغوط على الدولار الأمريكي، وتوقعات بمزيد من خفض أسعار الفائدة عالميًا، إلى جانب مواصلة البنوك المركزية تعزيز مشترياتها من الذهب، التي بلغت نحو 280 طنًا إضافيًا خلال الربع الثالث من عام 2025، ما يوفر قاعدة طلب قوية للسوق، ويجعل أي تراجعات محتملة فرصًا مناسبة للشراء ضمن الاتجاه الصاعد العام للمعدن النفيس.