• / 1795

حافظت أسعار الفضة على حالة من الاستقرار في السوق المحلية خلال تعاملات اليوم الخميس، في الوقت الذي شهدت فيه الأسواق العالمية تراجعًا طفيفًا في أسعار المعدن الأبيض، وذلك عقب وصوله إلى أعلى مستوياته التاريخية على الإطلاق خلال الجلسات السابقة. ويأتي هذا الأداء المتماسك مدعومًا بقوة الطلب الصناعي والاستثماري، إلى جانب استمرار العجز في المعروض العالمي، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن».

 

وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية استقرت دون تغيرات ملحوظة، حيث سجل جرام الفضة عيار 800 نحو 85 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام الفضة عيار 925 مستوى 98 جنيهًا، في حين سجل جرام الفضة عيار 999 نحو 106 جنيهات. كما استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 784 جنيهًا، في ظل توازن نسبي بين مستويات العرض والطلب داخل السوق المحلية.

 

وعلى المستوى العالمي، سجلت أسعار الفضة تراجعًا محدودًا خلال تعاملات اليوم، لتصل الأوقية إلى نحو 66.11 دولارًا، بعد أن لامست خلال تعاملات أمس أعلى مستوى تاريخي لها، وذلك نتيجة عمليات جني أرباح طبيعية عقب موجة صعود قوية ومتسارعة شهدها المعدن الأبيض خلال الفترة الماضية.

 

وأشار التقرير إلى أن الفضة تسجل حاليًا مستويات غير مسبوقة في أسواق السلع العالمية، مدفوعة بمزيج استثنائي من القيود المستمرة في المعروض منذ عدة سنوات، إلى جانب النمو القوي في الطلب الصناعي والاستثماري منذ بداية العام الجاري. ولفت إلى أن المعدن الأبيض حقق مكاسب تجاوزت 131% منذ مطلع العام، متفوقًا بفارق كبير على الذهب، الذي سجل ارتفاعًا بنحو 60% فقط خلال أحد أقوى أعوامه منذ عام 1979.

 

وأضاف التقرير أن أسعار الفضة لا تزال تتحرك بالقرب من أعلى مستوى تاريخي لها عند 67 دولارًا للأوقية، والذي تم تسجيله خلال تعاملات أمس الأربعاء، في ظل موجة صعود واسعة شملت المعادن النفيسة، مدعومة بتزايد توقعات الأسواق بقيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة مرتين خلال عام 2026. وجاءت هذه التوقعات عقب تصريحات كريستوفر والر، محافظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي والمرشح الأبرز لرئاسة المجلس، والتي عكست توجهًا أكثر مرونة وتيسيرًا للسياسة النقدية خلال المرحلة المقبلة.

 

وخلال مشاركته في منتدى اقتصادي على قناة CNBC، أوضح والر أن تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة ينبغي أن تنخفض بما يصل إلى نقطة مئوية كاملة، محذرًا من تباطؤ نمو الوظائف إلى مستويات تقترب من الصفر. كما دعا إلى خفض مدروس لأسعار الفائدة خلال العام المقبل لدعم سوق العمل، مؤكدًا في الوقت ذاته أن استمرار الضغوط التضخمية يتطلب عدم التسرع في اتخاذ قرارات خفض الفائدة، مع إمكانية التحرك التدريجي نحو المستوى المحايد للسياسة النقدية.

 

وأكد التقرير أن بيانات سوق العمل الأمريكية لشهر نوفمبر أظهرت مؤشرات واضحة على تباطؤ النشاط الاقتصادي، حيث ارتفع معدل البطالة إلى 4.6%، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله منذ عام 2021. ورغم أن الزيادة في عدد الوظائف جاءت أعلى من التوقعات، فإنها لم تنجح في تعويض التراجع الحاد الذي تم تسجيله خلال شهر أكتوبر، ما عزز حالة الترقب في الأسواق انتظارًا لبيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي (CPI) المقرر صدورها لاحقًا اليوم، والتي ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد المسار المقبل للتضخم والسياسة النقدية الأمريكية.

 

وأوضح التقرير أن أسعار الفضة تحظى بدعم قوي من الانخفاض الملحوظ في المخزونات العالمية، إلى جانب الطلب المتزايد من قطاعات التجزئة والصناعة على حد سواء، خاصة من قطاعات الطاقة الشمسية، والسيارات الكهربائية، ومراكز البيانات التي تشهد نموًا متسارعًا. ولفت إلى أن الأسعار سجلت مستويات قياسية خلال أواخر عام 2025، في ظل توقعات باستمرار العجز السنوي في سوق الفضة للعام الخامس على التوالي، ما يعزز من احتمالات استمرار الضغوط الصعودية على الأسعار حتى عام 2026.

 

وأشار التقرير إلى أن الفضة تُظهر تفوقًا واضحًا على الذهب من حيث الأداء السنوي، إذ ارتفعت بأكثر من 131% خلال عام 2025، مقارنة بمكاسب لم تتجاوز 65% للذهب خلال الفترة نفسها. كما توقع عدد من المحللين استمرار الزخم الصعودي لأسعار الفضة، مع احتمالات وصولها إلى مستويات قد تتجاوز 70 دولارًا للأوقية خلال عام 2026، في حال استمرار بيئة أسعار الفائدة المنخفضة وتراجع تكلفة التمويل.

 

وأرجع خبراء السلع هذا الأداء القياسي للفضة إلى الارتفاع القوي في الطلب الصناعي، لا سيما من قطاعات التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية، إلى جانب تزايد الإقبال الاستثماري على المعدن الأبيض باعتباره أصلًا تحوطيًا في ظل تصاعد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية على المستوى العالمي.

 

كما أشار التقرير إلى أن العوامل الفنية في سوق الفضة، بما في ذلك القيود الهيكلية المستمرة في المعروض العالمي وزخم المضاربات، لعبت دورًا رئيسيًا في دفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، ما يعكس تحولًا ملحوظًا في توجهات المستثمرين نحو المعادن البيضاء خلال المرحلة الحالية.

 

وفيما يتعلق بالمعروض، أوضح التقرير أن الارتفاع الحاد في أسعار الفضة يعود بشكل رئيسي إلى استمرار العجز في الإمدادات العالمية، حيث تشير التقديرات إلى أن عام 2025 سيكون العام الخامس على التوالي الذي يشهد نقصًا في المعروض. كما تراجع الإنتاج المستخرج بنحو 3% على أساس سنوي، نتيجة انخفاض تركيز الخامات وقلة المشروعات التعدينية الجديدة، وفقًا لبيانات المكتب العالمي لإحصاءات المعادن.

 

كما توقع معهد الفضة العالمي أن يشهد المعروض العالمي نموًا لا يتجاوز 2% خلال العام الجاري، وهو ما يُبقي العجز في السوق عند مستويات تقارب 20%. وعلى جانب الطلب، تظل الفضة عنصرًا أساسيًا في العديد من التطبيقات الصناعية، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والإلكترونيات، مدعومة بالتوسع المستمر في مشروعات إزالة الكربون وتسارع التحول الرقمي عالميًا.

 

وخلص التقرير إلى أن الجمع بين الدورين الصناعي والاستثماري للفضة عزز من جاذبيتها داخل المحافظ الاستثمارية، خاصة في ظل تزايد التدفقات إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة، وارتفاع التوقعات بتخفيف السياسة النقدية على المستوى العالمي. وأسهم ذلك في تقليص تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد، ما رسّخ مكانة الفضة كأداة تحوط وتنويع رئيسية داخل الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة.