• / 3990

 

 

شهدت أسعار الذهب في السوق المحلية المصرية ارتفاعًا محدودًا خلال تعاملات اليوم السبت، بالتزامن مع العطلة الأسبوعية للبورصات العالمية، وذلك بعد المكاسب القوية التي حققتها أسعار الذهب عالميًا خلال الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت الأوقية بنسبة 2.4%، في ظل تصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي عالميًا، واستمرار التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات.

 

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية سجلت ارتفاعًا بنحو 10 جنيهات مقارنة بختام تعاملات يوم أمس، موضحًا أن سعر جرام الذهب عيار 21 – الأكثر تداولًا في السوق المصرية – بلغ نحو 5745 جنيهًا، في حين سجل جرام الذهب عيار 24 مستوى 6566 جنيهًا، وبلغ سعر جرام الذهب عيار 18 نحو 4924 جنيهًا، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى نحو 45960 جنيهًا.

 

وأوضح إمبابي أن هذا الارتفاع المحلي جاء متزامنًا مع استقرار نسبي في حركة التداول، نظرًا لتوقف التعاملات في البورصات العالمية، ما يحد من التقلبات السعرية الحادة، ويجعل حركة الأسعار في السوق المحلية انعكاسًا مباشرًا لمكاسب الأوقية التي تحققت خلال الأسبوع الماضي.

 

وعلى المستوى العالمي، ارتفعت أسعار الذهب بنحو 100 دولار للأوقية خلال تعاملات الأسبوع المنتهي، لتغلق عند مستوى 4299 دولارًا للأوقية، مدعومة بتزايد الطلب على الملاذات الآمنة، في ظل الضبابية الاقتصادية وتراجع الثقة في أداء بعض الأسواق المالية.

 

ومنذ بداية عام 2025، نجح الذهب في تسجيل قرابة 50 مستوى قياسيًا جديدًا، محققًا ارتفاعًا تجاوز 65%، ليُسجل بذلك أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، مدفوعًا بعوامل متعددة أبرزها السياسة النقدية التيسيرية، وتراجع العوائد الحقيقية، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

 

ورغم هذه المكاسب القوية، فإن أداء الذهب يظل أقل مقارنة بأداء الفضة، حيث ورغم تراجع أسعار الفضة عن قممها الأخيرة التي تجاوزت 64.66 دولارًا للأوقية، إلا أنها أنهت تعاملات الأسبوع على ارتفاع تجاوز 6%، مع تحقيق قفزة سنوية لافتة بلغت نحو 115%، لتتداول عند مستويات تاريخية غير مسبوقة، مدعومة بقوة الطلب الصناعي والاستثماري.

 

وتشير توقعات المحللين إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يواصل خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، حتى مع استمرار الضغوط التضخمية، وهو ما يعني تراجع العوائد الحقيقية وتقليص تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، باعتباره أصلًا لا يحقق عائدًا دوريًا، الأمر الذي يعزز من جاذبيته الاستثمارية.

 

وفي المقابل، يُرجح أن يؤدي استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي إلى كبح نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال العام المقبل. وعلى الرغم من التوقعات بدعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي لأسواق الأسهم حتى عام 2026، فإن تصاعد المخاطر في أسواق المال يعزز من مكانة الذهب كأداة فعالة لتنويع المحافظ الاستثمارية والتحوط من التقلبات.

 

ورغم الطلب القوي وغير المسبوق على الذهب خلال العام الجاري، لا تزال حيازاته تمثل نسبة محدودة من إجمالي الأصول المالية العالمية، وهو ما يفتح المجال أمام تدفقات استثمارية إضافية خلال الفترات المقبلة، حال استمرار التحديات الاقتصادية والمالية.

 

ولا يزال عدد من المحللين يستهدفون وصول أسعار الذهب عالميًا إلى مستوى 5000 دولار للأوقية خلال العام المقبل، في حين تتراوح التوقعات لأسعار الفضة بين 75 و80 دولارًا للأوقية، مع ترجيحات أكثر تفاؤلًا بوصولها إلى مستوى 100 دولار للأوقية على المدى المتوسط.

 

وتواصل أسعار الذهب تلقي الدعم من حالة الغموض المحيطة بتوجهات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى جانب ضعف البيانات الاقتصادية، رغم صدور تصريحات متباينة من مسؤولي البنك المركزي الأمريكي. فقد أعرب اثنان من بين ثلاثة أعضاء معارضين عن قلقهم إزاء استمرار معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة، خاصة في ظل محدودية البيانات الاقتصادية المتاحة، وعلى رأسها بيانات مؤشر أسعار المستهلكين.

 

وجاء تقرير طلبات إعانة البطالة الأمريكية، والذي جاء أضعف من التوقعات، ليعكس ارتفاع عدد المتقدمين للحصول على إعانات البطالة، وهو ما عزز من موقف البنك المركزي الأمريكي في تبني نهج حذر. وفي هذا السياق، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى أن جانبًا من البيانات الاقتصادية قد يكون «مضللًا» نتيجة إغلاق الحكومة الأمريكية خلال الفترة الماضية.

 

وعلى الصعيد الجيوسياسي، لا تزال محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا تواجه تعثرًا ملحوظًا، في ظل تعبير البيت الأبيض عن استياء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من بطء وتيرة المفاوضات، وخيبة أمله من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لعدم توقيعه على خطة السلام الأمريكية، وهو ما يضيف مزيدًا من الضبابية للمشهد الجيوسياسي العالمي.

 

وتجاهلت أسعار الذهب إلى حد كبير التصريحات الأخيرة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي تمهد لمسار أسعار الفائدة خلال العام المقبل. غير أن جيفري شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، خالف هذا الاتجاه، معتبرًا أن التضخم لا يزال مرتفعًا للغاية، وأن السياسة النقدية يجب أن تظل تقييدية بشكل معتدل، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يتمتع بزخم واضح.

 

من جانبه، دعا أوستن جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إلى انتظار المزيد من البيانات الاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بالتضخم وسوق العمل، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه لا يتبنى موقفًا متشددًا بشأن أسعار الفائدة خلال العام المقبل، ويتوقع خفضًا بنحو 50 نقطة أساس في حال تحسن المؤشرات الاقتصادية.

 

وفي السياق نفسه، أعربت آنا بولسون، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، عن قلقها إزاء ضعف سوق العمل، مشيرة إلى إمكانية تراجع معدلات التضخم خلال العام المقبل مع انحسار تأثير الرسوم الجمركية، التي كانت أحد أبرز محركات ضغوط الأسعار خلال العام الجاري.

 

في المقابل، شددت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، على استمرار مخاطر التضخم المرتفع، مفضلة اتباع سياسة نقدية أكثر تشددًا، معتبرة أن سعر الفائدة الحالي يقترب من المستوى المحايد، مع الحاجة إلى مزيد من القيود النقدية للسيطرة على التضخم.

 

وبحسب بيانات وزارة العمل الأمريكية، ارتفعت طلبات إعانة البطالة الأولية للأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر إلى 236 ألف طلب، مقارنة بـ192 ألف طلب بعد تعديل بيانات الأسبوع السابق، في حين تراجعت طلبات إعانة البطالة المستمرة إلى نحو 1.838 مليون طلب، ما يشير إلى قدر من الاستقرار النسبي في معدلات البطالة طويلة الأجل.

 

وتترقب الأسواق العالمية خلال الأسبوع المقبل صدور بيانات التوظيف لشهري أكتوبر ونوفمبر، إلى جانب بيانات التضخم لشهر نوفمبر، وهي عوامل مرشحة لتعزيز مستويات التقلب في أسواق الذهب والمعادن النفيسة، وتحديد الاتجاهات السعرية خلال الفترة المقبلة.