• / 20

 

 

سجّلت أسعار الفضة في السوق المحلية خلال تعاملات الأسبوع الماضي تراجعًا طفيفًا بنحو 1.1%، وذلك في وقت واصلت فيه الأوقية عالميًا تحقيق مكاسب جديدة بلغت 2%، مدفوعة بتنامي حالة الضبابية في المشهد الاقتصادي الدولي، وفق تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» المتخصص في متابعة أسواق المعادن.

 

وذكر التقرير أن جرام الفضة عيار 800 تحرك من 67.25 جنيهًا إلى 66.5 جنيهًا، بينما استقر سعر جرام الفضة عيار 925 عند 77 جنيهًا، في حين بلغ سعر عيار 999 مستوى 83 جنيهًا. كما حافظ جنيه الفضة على استقراره عند 616 جنيهًا دون تغيير يذكر.

 

وعلى الصعيد العالمي، أشار التقرير إلى أن الأوقية ارتفعت بنحو دولار واحد، بعد أن افتتحت تعاملات الأسبوع عند 51 دولارًا قبل أن تغلق عند 50 دولارًا، وسط نطاق تداول ضيق يعكس حساسية السوق تجاه أي تطورات تتعلق بالسياسة النقدية الأمريكية.

 

ورغم الهبوط المحلي المحدود، لا تزال الفضة تتحرك داخل نطاق الارتفاعات القياسية التي سجلتها خلال العام الجاري، حيث لامست أعلى مستوى تاريخي لها عند 55 دولارًا للأوقية في منتصف أكتوبر 2025، بعد موجة مكاسب ضخمة تجاوزت 40% منذ أواخر سبتمبر. وما تزال الأسعار الحالية أقل من ذروة أكتوبر بنحو 8% فقط.

 

وبحسب بيانات الأداء طويل المدى، ارتفعت الفضة على أساس سنوي أكثر من 60%، بينما سجلت خلال السنوات الثلاث الماضية مكاسب بلغت 137%، مما يجعلها أحد أقوى المعادن أداءً في الأسواق العالمية خلال الفترة الأخيرة.

 

 

---

 

ضبابية السياسة النقدية الأمريكية تزيد تقلبات أسواق المعادن

 

شهدت الأيام الماضية تحولات حادة في توقعات المستثمرين بشأن مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، وهو ما انعكس مباشرة على أداء العقود الآجلة والسندات وأسعار المعادن النفيسة، وعلى رأسها الفضة التي تُعد شديدة الحساسية لتغيرات أسعار الفائدة.

 

ووفق بيانات CME FedWatch، ارتفع احتمال خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر إلى 69.7% مقارنة بـ 39.07% قبل يوم واحد فقط، وهو تغير حاد يعكس حالة عدم اليقين المسيطرة على الأسواق.

 

وجاء هذا التحول نتيجة صدور بيانات سوق العمل لشهر سبتمبر — بعد تأخرها بسبب الإغلاق الحكومي — والتي كشفت إضافة 119 ألف وظيفة، مقارنة بتوقعات كانت تدور حول 55 ألف وظيفة فقط، في حين ارتفع معدل البطالة من 4.3% إلى 4.4%.

 

ومن المقرر صدور بيانات التوظيف الخاصة بشهري أكتوبر ونوفمبر معًا بعد أسبوع إضافي من التأخير، وهو ما يعني أن اجتماع الفيدرالي سيُعقد وسط رؤية ناقصة لسوق العمل، في وقت لا يزال فيه التضخم عند مستوى 3% سنويًا، وهو أعلى من هدف الفيدرالي البالغ 2%.

 

زيادة الغموض جاءت أيضًا نتيجة تصريحات متباينة من مسؤولي الفيدرالي؛ حيث لمح جون ويليامز، رئيس فرع نيويورك، إلى إمكانية خفض الفائدة دون الإضرار بمسار التضخم، بينما ترى سوزان كولينز من فرع بوسطن أن المستويات الحالية للفائدة «مناسبة»، وتدعم لوري لوغان من فرع دالاس وقف تعديل الفائدة مؤقتًا.

 

 

---

 

انعكاسات مباشرة على السندات والمعادن النفيسة

 

تفاعلت أسواق السندات بسرعة مع تغيّر التوقعات؛ إذ تراجع عائد السندات الأمريكية لأجل عامين بنحو 4.8 نقطة أساس إلى 3.51%، فيما انخفض عائد السندات لأجل 10 سنوات بنحو 3.7 نقطة أساس إلى 4.067%. ونتج عن ذلك انحدار منحنى العائد وارتفاع الفارق بين السندات القصيرة والطويلة إلى 55.5 نقطة أساس.

 

ومع تزايد توقعات خفض الفائدة، تحسّن أداء الأصول عالية المخاطر، بما في ذلك أسهم شركات بناء المنازل، إلى جانب المعادن النفيسة. وتبقى الفضة من أكثر السلع تأثرًا بتغيرات الفائدة والتضخم، وهو ما يفسر مستويات التقلب المرتفعة التي تشهدها خلال الأسابيع الأخيرة.

 

ورغم أن خفض الفائدة يدعم عادة ارتفاع أسعار المعادن، فإن حالة الارتباك بشأن خطوة الفيدرالي المقبلة تفرض استمرار التذبذب القوي مع أي بيانات تخص التضخم، أو سوق العمل، أو تصريحات صناع السياسة النقدية.

 

 

---

 

الذهب والفضة… ضغوط ممتدة بعد قمم تاريخية

 

لا تقتصر الضغوط على الفضة فقط، إذ يواجه الذهب أيضًا موجة تصحيح واضحة؛ فبعد وصوله إلى مستوى قياسي بلغ 4,380 دولارًا في 17 أكتوبر، فقد المعدن الأصفر نحو 7% من قيمته، رغم محاولات التعافي التي ظهرت في نهاية الشهر.

 

وتشير تقارير الأسواق إلى أن ما عُرف بـ «نشوة التجزئة» — والتي تمثلت في اصطفاف المشترين في طوابير طويلة — كانت إشارة على ذروة شراء غالبًا ما تعقبها عملية تصحيح واسعة.

 

ومع اتجاه بعض المستثمرين نحو الفضة بحثًا عن مكاسب أسرع بعد صعودها الكبير، زادت الضغوط البيعية على الذهب خلال الأسابيع الماضية، ما ساهم في توسيع موجة الهبوط.

 

 

---

 

مخاطر محتملة تهدد الأسواق العالمية

 

يحذر عدد من المحللين من مخاطر حدوث هزة كبيرة في الأسواق العالمية خلال الفترة المقبلة، نتيجة ارتفاع عوائد السندات اليابانية وإشارات محتملة على وجود فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي.

 

وقد تتفاوت استجابة الذهب في مثل هذا السيناريو؛ فبينما ارتبط خلال العام الجاري بشكل إيجابي مع مؤشر ستاندرد آند بورز 500، كان قد تحرك عكس الأسواق في بداية 2025 عندما قفز بالتزامن مع انهيار الأسهم.

 

ويعكس المشهد الحالي في أسواق المعادن النفيسة تغيرًا في الزخم السعري؛ فالذهب والفضة يتعرضان لضغوط قوية رغم امتلاكهما أساسيات داعمة على المدى الطويل. وتبقى قرارات الاحتياطي الفيدرالي والبيانات الاقتصادية الأمريكية هي المحرك الأهم لاتجاهات الأسعار خلال الفترة المتبقية من عام 2025، وسط توقعات بأن تكون نهاية العام حاسمة لمستويات التقلب واتجاهات السوق.