- 15 أكتوبر 2025
- / 1474
سجّلت أسعار الفضة ارتفاعًا تاريخيًا جديدًا خلال تعاملات اليوم الأربعاء، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من أربعة عقود، في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، إلى جانب تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث.
---
ارتفاع أسعار الفضة في السوق المحلية إلى مستويات قياسية
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المصرية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا بالتزامن مع الصعود العالمي، حيث سجّل جرام الفضة عيار 800 نحو 75 جنيهًا، وعيار 925 حوالي 87 جنيهًا، بينما بلغ عيار 999 قرابة 94 جنيهًا، كما استقر جنيه الفضة عيار 925 عند مستوى 696 جنيهًا.
ويعكس هذا الارتفاع المتواصل زيادة الإقبال على الفضة كمعدن استثماري وملاذ آمن في ظل تصاعد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.
---
الفضة عالميًا تتجاوز 53 دولارًا للأوقية وسط نقص في المعروض
على الصعيد العالمي، واصلت أسعار الفضة ارتفاعها لتصل إلى نحو 53 دولارًا للأوقية، بعد أن لامست مستوى 54 دولارًا خلال التعاملات المبكرة، وهو أعلى سعر تسجّله الفضة في تاريخها الحديث.
ويأتي هذا الارتفاع في ظل نقص المعروض من الفضة الخام في الأسواق العالمية، إلى جانب تزايد الطلب الصناعي والاستثماري على المعدن الأبيض.
وفي الوقت ذاته، تجاوز الذهب حاجز 4200 دولار للأوقية، ليسجّل بدوره رقمًا قياسيًا جديدًا، ما يعكس الاتجاه العام نحو الملاذات الآمنة.
---
شح السيولة في سوق لندن يفاقم «الضغط القصير» على مراكز الفضة
ووفقًا لتقارير بلومبرج ورويترز، أدى نقص السيولة في سوق لندن إلى تفاقم ما يُعرف بظاهرة “الضغط القصير” (Short Squeeze) على مراكز الفضة، بعدما اضطر عدد من المستثمرين إلى تغطية مراكزهم البيعية بسبب ارتفاع الأسعار بشكل متسارع.
هذا التطور دفع الأسعار العالمية إلى الصعود بوتيرة غير مسبوقة، وسط فجوة سعرية كبيرة بين سوقي لندن ونيويورك دفعت بعض المتداولين إلى نقل سبائك الفضة جوًا عبر المحيط الأطلسي للاستفادة من الفارق الكبير في الأسعار، وهي خطوة غير معتادة عادة ما تُخصّص فقط لنقل الذهب بسبب ارتفاع تكلفتها.
---
الإغلاق الحكومي الأمريكي يُعزّز الإقبال على الملاذات الآمنة
يأتي هذا الارتفاع الكبير في أسعار الفضة في وقتٍ يدخل فيه الإغلاق الحكومي الأمريكي أسبوعه الثالث، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسريح عدد من الموظفين الفيدراليين، ما أدى إلى تفاقم الخلاف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن الموازنة الفيدرالية.
ويرى خبراء أن استمرار هذا الإغلاق يُعزّز المخاوف من تباطؤ اقتصادي محتمل في الولايات المتحدة، ما يدفع المستثمرين إلى التحوّل نحو الذهب والفضة كأدوات تحوط واستثمار آمن.
---
الحرب التجارية بين واشنطن وبكين تدعم صعود أسعار الفضة
على الجانب الآخر، أبدت الإدارة الأمريكية انفتاحًا حذرًا على استئناف المفاوضات التجارية مع الصين، لكنها وصفت القيود التي فرضتها بكين على صادرات المعادن النادرة بأنها “عقبة رئيسية” أمام أي تقدم في الحوار التجاري.
وكانت الصين قد فرضت رسومًا إضافية على السفن الأمريكية ردًا على سياسات واشنطن، ما أعاد إلى الأذهان مخاوف اندلاع حرب تجارية جديدة بين أكبر اقتصادين في العالم، وتأثيرها السلبي المحتمل على النمو الاقتصادي العالمي.
---
توقعات متباينة بشأن مستقبل أسعار الفضة عالميًا
في ضوء التطورات الحالية، رفع بنك أوف أمريكا (Bank of America) توقعاته لسعر الفضة إلى 65 دولارًا للأوقية بحلول عام 2026، مع متوسط مستهدف يبلغ 56.25 دولارًا خلال الفترة المقبلة، مرجعًا ذلك إلى تزايد التدفقات الاستثمارية نحو المعدن الأبيض، إلى جانب الطلب الصناعي القوي في قطاعات الطاقة الشمسية والإلكترونيات.
في المقابل، حذّر جولدمان ساكس (Goldman Sachs) من احتمال تعرض السوق لموجات تصحيح مؤقتة، مشيرًا إلى أن الفضة تتميز بتقلبات سعرية أعلى من الذهب نظرًا لاعتمادها الكبير على الطلب الصناعي، والذي قد يتراجع في حال تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
أما ساكسو بنك (Saxo Bank)، فاعتبر أن الفضة أصبحت النسخة عالية البيتا من الذهب، أي أنها تتحرك في الاتجاه ذاته ولكن بحدة أكبر في المكاسب والخسائر، متوقعًا أن تواصل ارتفاعها نحو 100 دولار للأوقية بحلول عام 2026، مدعومة بتزايد الطلب الصناعي والتحوّل العالمي نحو الطاقة النظيفة ومصادر الطاقة المتجددة.
---
الفضة بين التحوط والتصنيع… مزيج مثالي للمستثمرين
ورغم التحذيرات من احتمالات تصحيح سعري مؤقت، يرى معظم المحللين أن الاتجاه العام لأسعار الفضة ما يزال صاعدًا، بدعم من المخاوف التضخمية العالمية، وتراجع الثقة في أسواق الأسهم، إلى جانب الرهانات القوية على خفض أسعار الفائدة الأمريكية.
ويؤكد الخبراء أن الفضة اليوم تمثل مزيجًا فريدًا بين الاستثمار الصناعي والملاذ الآمن، مما يجعلها خيارًا جذّابًا للمستثمرين الباحثين عن حماية أموالهم من التضخم وتقلبات الأسواق العالمية.