• / 79

شهدت أسعار الفضة تراجعًا ملحوظًا في الأسواق المحلية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، حيث انخفض سعر جرام الفضة بنسبة 1.5%، في حين سجلت الأوقية عالميًا تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.03%، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» (Safe Haven Hub). ويُعزى هذا التراجع إلى تهدئة التوترات الجيوسياسية وارتفاع عوائد السندات الأمريكية، مما دفع المستثمرين إلى تقليل حيازاتهم من المعادن النفيسة.

 

وافتتح سعر جرام الفضة عيار 800 تعاملات الأسبوع عند مستوى 51.25 جنيه، لينهي الأسبوع عند 50.50 جنيه، بتراجع قدره 0.75 جنيه. أما على الصعيد العالمي، فقد بدأت الأوقية تعاملاتها عند 35.93 دولار، ولامست خلال الأسبوع مستوى 36.83 دولار، قبل أن تغلق عند 35.92 دولار، منخفضة بنحو 0.01 دولار فقط.

 

ووفقًا لبيانات «الملاذ الآمن»، بلغ سعر جرام الفضة عيار 800 نحو 51.25 جنيه، بينما سجل جرام عيار 999 نحو 63 جنيهًا، وعيار 925 نحو 58.50 جنيه، في حين بلغ سعر جنيه الفضة (عيار 925) نحو 468 جنيهًا.

 

وجاء التراجع في أسعار الفضة نتيجة لانحسار الطلب على الملاذات الآمنة، خاصة بعد ورود تقارير عن تقدم في جهود التهدئة ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، ما أدى إلى إنهاء موجة الصعود القوي التي شهدتها الفضة على مدار الأيام السابقة.

 

ورغم أن أسعار الفضة العالمية تراجعت من أعلى مستوياتها في 13 عامًا، إلا أنها لا تزال تحتفظ بمكاسب تتجاوز 20% منذ بداية عام 2025، وهو ما يشير إلى أن التراجع الحالي قد يكون إعادة تسعير طبيعية في السوق، وليس بالضرورة تحولًا كاملًا في الاتجاه العام الصاعد.

 

وقد دفع تراجع المخاطر الجيوسياسية إلى تقليص شهية المستثمرين تجاه الأصول الدفاعية مثل الفضة، التي كانت قد استفادت من تصاعد التوترات الإقليمية وحققت مكاسب وصلت إلى نحو 30% خلال النصف الأول من العام. هذا التغير في المزاج الاستثماري أجبر العديد من الصناديق والمؤسسات المالية على تعديل مراكزها الاستثمارية، بعد زوال أحد أهم المحفزات الرئيسية لصعود أسعار الفضة مؤخرًا.

 

في السياق ذاته، كشفت نتائج اختبارات الضغوط لعام 2025 التي أجراها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أن 22 بنكًا رئيسيًا في الولايات المتحدة يتمتعون بمراكز مالية قوية، وهو ما ساهم في تخفيف المخاوف بشأن استقرار النظام المالي، وبالتالي قلل من الإقبال على المعادن كملاذ تحوطي في أوقات الأزمات.

 

وبالإضافة إلى ذلك، تراجعت التوقعات المتعلقة بإمكانية خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، حيث تُسعّر الأسواق احتمالية خفض الفائدة خلال شهر يوليو بنسبة لا تتجاوز 25%، رغم التصريحات المتكررة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي يطالب فيها بخفض سريع للفائدة. ويعكس هذا التراجع في التوقعات تحولًا أكثر تشددًا في السياسة النقدية، ما يضعف من جاذبية الفضة كونها أحد الأصول غير المدرة للعائد.

 

ورغم التراجع الطفيف في مؤشر الدولار الأمريكي، قفز العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى مستوى 4.275%، وهو ما زاد من جاذبية الأصول ذات العائد الثابت مقارنة بالمعادن النفيسة، وخصوصًا الفضة، التي باتت تواجه ما يُعرف بتكلفة الفرصة البديلة، نتيجة ارتفاع العوائد الحقيقية، مما دفع العديد من المستثمرين إلى تحويل استثماراتهم نحو السندات.

 

ورغم التراجعات الأخيرة، ما تزال الفضة تحافظ على مكاسب قوية منذ مطلع العام، مدفوعة بعدة عوامل أساسية، أبرزها الارتفاع القياسي لأسعار الذهب، والذي يُعد عادة مؤشرًا إيجابيًا لسوق الفضة بسبب العلاقة التاريخية الوثيقة بين المعدنين. كما ساهم العجز المستمر في العرض، الذي دخل عامه الخامس على التوالي في 2025، في دعم الأسعار، إلى جانب ارتفاع الطلب الصناعي، لا سيما من قطاعات التكنولوجيا الخضراء والإلكترونيات، بالإضافة إلى عودة عمليات الشراء من المستثمرين الباحثين عن الملاذات الآمنة في ظل استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي.

 

وتوقّع محللو "سيتي بنك" (Citibank) استمرار الاتجاه الصاعد لأسعار الفضة خلال الأشهر المقبلة، مع إمكانية وصول سعر الأوقية إلى 40 دولارًا خلال فترة تتراوح بين 6 إلى 12 شهرًا، وربما بلوغ مستوى 46 دولارًا بحلول الربع الثالث من عام 2025، بدعم من استمرار العجز في الإمدادات وزخم الطلب الصناعي المتزايد.

 

ويبقى أداء الفضة في الفترة المقبلة مرهونًا بتطورات السياسة النقدية الأمريكية، ومستجدات المشهد الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط. فأي تصعيد جديد أو تحوّل مفاجئ في نبرة الاحتياطي الفيدرالي نحو التيسير قد يُعيد الزخم الصعودي للفضة ويعزز مكانتها كأحد أهم الملاذات الاستثمارية في المرحلة القادمة.