تسبب ارتفاع سعر الذهب إلى مستوى قياسي هذا الأسبوع في إرباك العديد من المحللين، كما أجبر المتداولين على التساؤل عن المدى الذي يمكن أن يصل إليه المعدن النفيس، حيث ساعدت البيانات الاقتصادية الأمريكية المخيبة للآمال والتوترات بالقطاع المصرفي في إشعال أسعار الذهب، مع تجاوز المكاسب المستوى السابق المُسجل في 4 ديسمبر الماضي.

وأوضح تقرير لـ" بلومبيرج"، أن العديد من مراقبي السوق شعروا بالمفاجأة إثر سرعة وحجم الارتفاع، خاصة في ظل عدم وجود أي تغيير كبير في التوقعات بشأن موعد بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة، التي كانت بمثابة محور الاهتمام الرئيسي في تقلب أسعار الذهب من قبل.

 

وأضاف، التقرير، أن الظروف تبدو مواتية لزيادة أسعار الذهب مع تصاعد التوترات الجيوسياسية أكثر من ذي قبل، حيث كان أداء الذهب خلال العام الماضي مفاجئًا لبعض مراقبي السوق المخضرمين قبل وقت طويل من الارتفاع الحالي، حيث ظلت الأسعار عند مستويات مرتفعة رغم صعود أسعار الفائدة الحقيقية.

 

فعادةً ما يكون الذهب على علاقة عكسية مع عوائد السندات، لكنه تلقى دعمًا من الشراء القوي الذي أجرته البنوك المركزية والطلب من المستهلكين في الصين بشكل خاص.

والسؤال الآن هو: هل ارتفاع أسعار الذهب مجرد ظاهرة مؤقتة، أم أن المعدن الثمين بدأ رحلة ارتفاع طويلة للتو؟ إليك خمسة أمور رئيسية تجب متابعتها للإجابة عن ذلك:

1) العوائد الحقيقية للسندات الأمريكية:

كان الدافع الأكبر لسعر الذهب خلال العام الماضي هو توقع السوق لموعد بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض تكاليف الاقتراض، حيث تظهر أسواق المقايضة فرصة بنسبة 65% للخفض في يونيو، مقارنة بـ58% في نهاية فبراير.

أكد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول للمشرعين أمس أن البنك المركزي الأميركي ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة حتى يتأكد صُناع السياسات بأنهم فازوا في معركتهم ضد التضخم.

عندما يغير بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية في النهاية، فإنه سيقلل الإقبال على حيازة الذهب، الذي لا يقدم عائداً. ورغم أن العوائد الحقيقية للسندات الأميركية ظلت متراجعة منذ أكتوبر الماضي، إلا أن قفزة الذهب الأخيرة فاقت التوقعات بكثير.

2) المؤشرات الفنية:

سجلت أسعار الذهب بالبورصة العالمية مستوى قياسي جديد عند 2158 دولار للأوقية خلال تعاملات اليوم الخميس.

يعتقد "يونايتد أوفرسيز بنك" (United Overseas Bank) أن سعر الذهب سيواجه على الأرجح صعوبة في الارتفاع بعد وصوله إلى 2163 دولارًا، لكن بالنسبة لرونا أوكونيل، رئيسة تحليل السوق لدى "ستون إكس فاينانشيال" (StoneX Financial)، فإن الذهب تجاوز بالفعل مستوى ذروة الشراء عند سعر 2115 دولارًا للأونصة، حيث قالت إن البيانات الأمريكية المخيبة للآمال في نهاية الأسبوع الماضي أثارت استراتيجيات تداول قائمة على أنماط واتجاهات الأسعار، إضافة إلى تأثير "السير وراء القطيع".

3) العقود المستقبلية للذهب:

تظهر أحدث بيانات "كومكس" (Comex) أن مديري الأموال أضافوا مراكز شرائية جديدة للذهب، مما أدى إلى ارتفاع أسعاره، وهذا الارتفاع في مراكز الذهب المفتوحة يعني أن المستثمرين أصبحوا أكثر تفاؤلًا بشأن المعدن الأصفر، بدلًا من الرهان على انخفاضه.

4) الطلب الصيني على الذهب:

ارتفعت صادرات سويسرا إلى الصين، التي تعد عادًة مؤشرًا جيدًا للطلب الصيني على الذهب، والذي تضاعف ثلاثة مرات تقريباً في يناير، حيث سعى المستهلكون إلى التحوط ضد الاضطرابات في سوق الأسهم وقطاع العقارات في البلاد، وفي ظل خفض أكبر البنوك المملوكة للدولة لأسعار الفائدة على الإيداع، أصبح وضع الأموال في البنك أقل جاذبية مقارنة بشراء السبائك.

علاوة على ذلك، يأتي بنك الشعب الصيني ضمن البنوك المركزية التي تشتري الذهب لتقليل اعتمادها على الدولار، حيث تعد الصين من أكثر الدول التي تمتلك مخزونًا من الذهب في العام الماضي، كما نوعت دول مثل بولندا وسنغافورة احتياطياتها المالية عبر إضافة المعدن النفيس.

5) اتجاه مختلف لصناديق الاستثمار المتداولة:

على النقيض من طلب البنوك المركزية المستمر على المعدن النفيس، خفضت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب حيازاتها منه لسبعة أشهر متتالية، وقال جيمس ستيل، المحلل في "إتش إس بي سي هولدينجز"، إن حيازات صناديق الاستثمار المتداولة من الذهب من المرجح أن تستقر، وهذا قد يعزز الزخم بشكل إضافي في سوق المعدن الأصفر.